فاستجبنا له


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

تذكر حينما نزلت بك فاقة ماذا صنعت؟

تذكر حينما نزل بك كرب ماذا فعلت؟

تذكر حينما أقلقك ذلك الذنب ونكد عليك منامك كيف تعاملت معه؟

تذكر حينما ضافت بك الحيل في استصلاح ابن أو زوج أو... أو... ماذا فعلت؟

إنه الدعاء (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).

الدعاء: هو محض حق الرب جل جلاله هو عنوان التوحيد ودثار التقوى هو حقيقة الافتقار إلى الله واستظهار غناه في كل حين.

الدعاء: هو ذل القلب وانكساره بين يدي ملك الملوك وقاض الحاجات.

فلا تعجب بعد ذلك للراحة التي تعتريك بعد رفع يديك ولهج لسانك بالدعاء، ولذلك يقابلك الرب بأعظم من ذلك (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبـده أن يرفع إليه يديه فيردهـما صفراً أو قال خائبتين).

ما أعظم هذا الرب وأسرع إجابته وأكثر فضله حيث فهم ذلك عمر - رضي الله عنه - فقال: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء. فلا تستغرب بعد لماذا تتأخر الإجابة عنا لأنا لا نعطي الدعاء حقه.

أيها القارئ لهذه الأسطر استوقفتني سورة الأنبياء بعظمتها ومن أعظم ما فيها فاستجبنا له (ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له)، (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له)، (وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له)، (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين فاستجبنا له).

قل لي بربك ألم تهز وجدانك هذه الكلمة الربانيه فاستجبنا له!! إنه فضل الدعاء والتضرع إلى الله فلا تحرم نفسك من ذلك أخي.

لقد فهم غير المسلم المتعلق بحقيقة ربوبية الله للخلق أجمعين أثر الدعاء والاستمساك به في النوائب فنادى (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين) فكانت النتيجة (فلما نجاهم إلى البر) لقد استجاب الله لهم، إنها الرحمة والعظمة المتحققة في الذات الإلهية الربانية، إن الحقيقة كل الحقيقة أن كل من سأل فلابد لسؤاله أن يعطى وأن يجاب وإن تأخر زمانه أو لم تظهر آثار الإجابة لحكمة يعملها الله جل جلاله، فيا معشر القراء ما أحوج أنفسنا أولاً ثم أمتنا للدعاء لهذا اللهج بالذكر وحسن الثناء والطلب، فارفع أكف الضراعة لترى أن الإجابة تسبق العبارة، ولكن لابد أن تراعي أدب الدعاء، إنه إخلاص القلب لله والثقة بالاستجابة مع عدم اقتراح صورة معينة أو تخصيص وقت أو ظرف أو تستعجل، مع استصحاب الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى لترى أن الإجابة تنزل عليك سريعاً سريعاً (إذ تستغيثون ربك فاستجاب لكم).

أيها الصائم: ألم تعتبر وأنت تسمع أو تقرأ آية (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) لماذا كانت خلال آيات الصيام؟ إنها آية عجيبة آية تكسب في قلب المؤمن النداوة الحلوة والود المؤنس والرضى المطمئن والثقة واليقين ويعيش منها المؤمن في جناب رضي وقربى ندية وملاذ أمين وقرار مكين، فهو الرب الذي إذا ألمت بك حاجة فررت، إليه لترى الاطمئنان والهدى والرشاد ولكن لماذا لا يستجاب لنا؟

لأننا:

1- نستعجل في طلب الإجابة (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي).

2- أكل الحرام (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب ذلك).

3- الدعاء بما لا يليق من الإثم وقطيعة الرحم (لا يزال يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء).

4- كثرة الذنوب (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).

5- عدم توقير الرب حق التوقير (ما لكم لا ترجون لله وقارا).

6- عدم الشكر فإن الشكر يورث المحبة للمنعم والمحبة تورث اللذة في المناجاة واليقين بالإجابة.

وأخيراً لقد علم الكافر أثر الدعاء حتى نادى زعيمهم بطلب الصلاة من أجل الجنود الأمريكيين في العراق ومن أجل الحرائق التي سلطت عليهم، فما بالك بأهل التوحيد والإخلاص فإنهم أولى بذلك وأولى فأرفع أكف الضراعة وابذل الجهد في الدعاء تحقق لك (فاستجبنا له).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply