عقائد الشيعة (3) : الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله - تعالى - حقّ التقوى، فهي وصيّة الله لكم في محكم كتابه: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أيها المسلمون، تكلمنا في الجمعة الماضية عن عقائد الشيعة، وذكرنا أن من عقائدهم الإمامة التي يعدونها ركن الإسلام الأعظم وأنها مرتبة أفضل من الرسالة، وذكرنا أقوال علمائهم في تفضيل أئمتهم على الأنبياء والمرسلين حتى على النبي، بل وزادت سفاهتهم حتى زعم بعضهم أن الأئمة ألهة، أما اليوم سنتم ما بقي من أركان عقائدهم الباطلة الفاسدة.

 

أيها الإخوة الكرام، فبالإضافة إلى عقيدة الإمامة فإن الشيعة تطعن في الصحابة رضوان الله عنهم أجمعين، فقد وقفوا من الصحابة موقفًا لم ترضه اليهود في أصحاب موسى، ولا النصارى في أصحاب عيسى، فلقد اجترؤوا على الصحابة الكرام وتناولوهم بالطعن والقدح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: \"فضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواريو عيسى، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد، أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم\".

 

فهم يزعمون ردّة الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة على اختلاف أساطيرهم، جاء في كتاب الكافي وكتاب الروضة عن أبي جعفر قال: كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي. وروى الكليني في الكافي عن محمد بن علي أنه قال: المهاجرون والأنصار ذهبوا ـ أي: كفروا ـ إلا ثلاثة.

 

أيها الإخوة الأفاضل، وقد صبّ الروافض جام غضبهم وحقدهم الدفين وغلِّهم الخبيث على الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وابنتيهما أمهات المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - أجمعين، وجعلوا من أهم عقائدهم تكفيرهم، وهم يتقربون إلى الله بسبهم والطعن في أعراضهم، جاء في كتاب الصراط المستقيم (2/88): \"من شروط الإسلام عندهم البراءة من الشيخين\" أي: أبي بكر وعمر، وفي (ص95) من نفس الجزء: \"إن الشيخين عند الرافضة أولاد زنا\"، وفي (ص333): \"يقولون: الأول والثاني ـ يعني الشيخين ـ عليهما لعائن الله كلها كانا والله كافرين مشركين بالله العظيم\"، وفي (ص343) من نفس الجزء: \"أبو بكر وعمر وعثمان عندهم هم العجل وفرعون والسامري\"، وفي كتاب بصائر الدرجات (ص274): \"إن أئمتهم حينما يرمون الجمرات في الحج فإنهم إنما يرمون أبا بكر وعمر، وهم يقولون أيضا: أبو بكر وعمر وعثمان عندهم هم كلاب الجحيم وخنازيرها\".

 

وروى الكليني في الكافي عن محمد بن جعفر أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامتنا من الله وليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيب أي: أبو بكر وعمر، أي: من زعم أن لأبي بكر وعمر نصيبا في الإسلام لا يكلمه الله ولا يزكيه وله عذاب أليم.

 

وفي الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري (2/278): \"إنا لا نجتمع معهم ـ أي: أهل السنة ـ على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم الذي كان محمد نبيّه وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بذلك الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خلق خليفة نبيه أبا بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا\". وفي الأنوار النعمانية (1/53) يقول كاتبهم: \"ولا تعجب بهذا فقد روي في الأخبار الخاصة أن أبا بكر كان يصلي خلف النبي والصنم معلّق في عنقه وسجوده له\"، وجاء في كتاب إلزام الحق أن المراد من قول الله - تعالى -: (وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُم الوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِي فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُم مَا كَانُوا يَحذَرُونَ)[القصص: 5، 6] قال: المراد من فرعون وهامان هما أبو بكر وعمر.

 

بل ولهم دعاء من صفحتين تقريبا ليس فيه سوى اللعن والسب للصحابيين الجليلين وابنتيهما - رضي الله عنهم -، وقد وضعوا لهذا الدعاء فضائل لا ينالها حتى من يبيت قائما ويصبح صائما ويختم القرآن في يومه، يقولون: هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة الداعي به كالرامي مع النبي في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم، وكأنهم استقلوا هذا الفضل فزادوا أن من دعا الله به في الصباح لم يكتب له ذنب حتى المساء، ومن دعا به في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى الصباح، وإليكم جزءا من هذا الدعاء لتعلموا مدى حقد الرافضة على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -: \"اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما، اللهم العنهما وأنصارهما وعظّم ذنبهما وخلدهما في سقر، اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه وحق أخفوه ومنبر علوه ومنافق ولّوه، اللهم العنهم في مكنون السرّ وظاهر العلانية لعنًا كثيرًا دائبًا أبدًا دائمًا لا انقطاع لأمده، ولا نفاد لعدده، يغدو أوله ولا يروح آخره، لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم، اللهم عذّبهم عذابًا يستغيث منه أهل النار\".

 

ولم يقف بغضهم عند هذا الحد، بل ذكروا في كتبهم أن الله خلقا طيورا تعيش على لعن أبي بكر وعمر، ومتى توقفت عن اللعن ماتت، كما يعتقد الشيعة أن أبا لؤلؤة المجوسي قد أسدى للإسلام خدمة عظيمة بقتله للفاروق، وأن الله - تعالى -سوف يثيبه أعظم الجزاء لقيامه بهذا الأمر، ويتخذ الشيعة هذا اليوم عيدًا يحتفلون به ويتبادلون فيه التهاني، بل يزعمون أن اليوم الذي قتل فيه عمر من أجلّ الأيام السعيدة عندهم، وأن الله - تعالى -أمر الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيام يعملون ما شاؤوا من المنكرات والموبقات، فلا يكتبون عليهم شيئا، فلا حساب ولا عقاب، وهذا قليل من كثير، وما خفي أدهى وأطم وأعظم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد: أيها المسلمون، لا يظنن أحدكم أن هذا الأمر إنما كان في الماضي فقط، بل لا يزال عقيدة وعبادة يتقربون بها إلى الله، فهذا محمد التيجاني الرافضي المعاصر قال في إحدى محاضراته: \"الرب الذي يرضى أن يكون أبو بكر الخليفة بعد رسول الله لا نريده\"، ويقول المجلسي عن الخلفاء الراشدين في بحار الأنوار (4/385): \"إنهم لم يكونوا إلا غاصبين جائرين مرتدين عن الدين، لعنة الله عليهم على من اتبعهم في ظلم أهل البيت من الأولين والآخرين\".

 

أيها الإخوة الكرام، ومن معتقداتهم أنه من أحب أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - هو على غير هدى، بل مشكوك في نسبه مخلد في النار، وقد كثر في كتبهم أن خروج محبّي الشيخين من النار خلاف القواعد والأخبار، فالناصبي عندهم من أقر بخلافة الشيخين أبي بكر وعمر، والسني عندهم اتخذ الشياطين أولياء من دون الله بتوليه للخلفاء الراشدين، ومن شروط الإسلام عندهم البراءة من الشيخين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، وفي (ص340) من نفس الكتاب يقولون: \"إنه لا يموت رجل يرى أنّ عثمان قتل مظلومًا إلاّ لقي الله يوم القيامة يحمل من الأوزار أكثر مما يحمل أصحاب العجل\" أي: من عبدوا العجل من قوم موسى.

 

أيها الإخوة الأفاضل، أما أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فهي عندهم كافرة منافقة فاجرة داعرة وقحة، كانت تدير شبكة دعارة في المدينة المنورة، جاء في الصراط المستقيم (2/465): \"إن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عندهم هي أم الشرور\"، وفي (ص468): \"إن أم المؤمنين عائشة هي قرن الشيطان، (الفتنة تخرج من ههنا من حيث تطلع قرن الشيطان) وأشار إلى مسكن عائشة\"، وفي (ص469) من نفس الجزء يصرحون بأن الله لم يبرئ عائشة - رضي الله عنها - من الزنا، بل برأ مارية القبطية التي رمتها عائشة بالزنا، وفي بحار الأنوار (28/149): \"إن أكثر الروايات المذكورة تنتهي إلى عائشة... وسيأتي في أخبارنا من ذمّها والقدح فيها وأنها كانت ممن يكذب على رسول الله... وبالجملة بغضها لأمير المؤمنين أولاً وآخرًا هو أشهر من كفر إبليس، كما أنه كاف في الدّلالة على كفرها ونفاقها\".

 

أما حفصة بنت عمر بن الخطاب فقد جاء في كتاب الصراط المستقيم (2/472): \"فصلٌ في أختها حفصة، طلّقها النبي... قال الصّادق: كفرت\"، وفي نفس الكتاب يفسر قوله - تعالى -: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا)[التحريم: 10]: \"لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض بل التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما\".

 

أيها الإخوة الكرام، لولا أن المقام مقام بيان وتوضيح لما ذكرنا من سخافاتهم شيئا، ولكن هذا جزء بسيط جدا مما هو مذكور في كتبهم وما تلوكه ألسنة علمائهم ودعاتهم، وما خفي أعظم وأطم.

 

أيها المسلمون، إن المطلع على عقائد الروافض بعين الإنصاف ودون تحيز ولا عاطفة يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن القوم قد ضلوا ضلالا بعيدا وكفروا كفرانا مبيناº إذ لا يخفى على كل من خالط الإيمان بشاشة قلبه فضل أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ففضلهما عظيم، وخيرهما كبير، وأجرهما جزيل، وثوابهما ليس له نطير ولا مثيل، فكم من حديث صحيح بيَّن فضلهما، بل كم من آية جليلة في الكتاب المبين جاءت بمدحهما: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ)[الزمر: 33] قيل: الذي جاء بالصدق رسول الله، والذي صدق أبو بكر، وقوله - سبحانه -: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثنَينِ إِذ هُمَا فِي الغَارِ إِذ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التوبة: 40] أجمع المفسرون أن المقصود بالثاني أبو بكر - رضي الله عنه -.

 

أما عمر بن الخطاب فيكفي أنه الفاروق الذي أعز الله بإسلامه الإسلام والمسلمين، وهو من بركة دعوة نبينا، وكم من مرة وافقه الله على كلامه فأنزل قرآنا يتلى إلى يوم الدين، قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح: \"إنه لا يقدح أحد في الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان إلا أمكن أن يقدح بمثل ذلك وبأعظم منه في علي، فيمتنع أن يكون علي سليما من القوادح في إمامته إلا والثلاثة أسلم منه مما يقدح في إمامتهم\". قال عبد الله بن مسعود: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب الصحابة خير قلوب العباد فجعلهم الله وزراء نبيه يقاتلون على دينه)، قال الإمام مالك: \"إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبيّ، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء، ولو كان صالحًا كان أصحابه صالحين\"، وقد رأينا في كتبهم من الكذب والافتراء على النبي وصحابته وقرابته أكثر مما رأينا من الكذب في كتب أهل الكتاب من التوراة والإنجيل.

 

أيها الإخوة الكرام، الشيعة مصدر كل شر، فما من شر بدأ في الأمة إلاّ وكانوا سباقين إليه، ولا بدعة في الدين إلى كان لهم سبق فيها، فأول: من قال: إن الله جسم هو هشام بن الحكم الرافضي، ونقل ابن تيمية عن الجاحظ قوله: ليس على ظهرها رافضي إلا ويزعم أن ربه مثله، ومن المعلوم من دين المسلمين وعليه أهل السنة والجماعة أن الله ليس كمثله شيء، وأول من فتح باب تحريفات الملاحدة الباطنية في كلام الله وكلام رسوله هم الجهمية والشيعة، قالوا في قوله - تعالى -: (وَالشَّجَرَةَ المَلعُونَةَ فِي القُرآنِ)[الإسراء: 60] هم بنو أمية، وقالوا: إنّ البقرة المأمور بذبحها هي عائشة - رضي الله عنها -، وقالوا: المراد باللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين.

 

وأول من أظهر دعوى النبوة من المنتسبين إلى الإسلام المختار بن عبيد وكان من الشيعة، وقد قال رسول الله: ((سيكون في ثقيف كذاب ومبير))، فأما الكذاب فهو المختار، وأما المبير فهو الحجاج. وأول من أحدث المشاهد هم القرامطة العبيدية القداحية، وذلك عندما ضعفت خلافة بني العباس وتسلطت على الحكم في مصر، فنشرت بدع الشيعة من إقامة المشاهد وإقامة شعار الرفض في يوم عاشوراء وغير ذلك. وأول من أحدث النوح والحزن والصراخ واللطم في يوم عاشوراء هم الشيعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: \"وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه - يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب حتى يُسب السابقون الأولون، وتُقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سنّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمةº فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله\".

 

اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply