يا دعاتنا الأحبة.. لا تخـدروا الأمة بالنصر والتفاؤل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لست ضد بعث روح الأمل بالنصر والتفاؤل في الأمة بل أقول شكراً وجزى الله خيراً كل من يساهم في بث ذلك في الأمة، ويبذل جهداً في تحقيقه، ولكن لاحظت بل وآلمني ملاحظة لاحظتها في خطاب بعض الدعاة الذين يبشرون الأمة بالنصرº ويدعونها إلى التفاؤلº وهـي تذكيرهم الأمة بالنصر والتفاؤل بـدون أن يذكروها بأن تحقق الأسباب التي ستؤدي إلى حدوث النصر أو حدوث ما يحقق الواقع الذي نتفائل بقدومه.

وأهم هذه الأسباب هي عودة الأمة إلى حقيقة دينها، وتطبيقه التطبيق الكامل، والالتزام بأوامره في كل الأمور. وحقيقة أن مثل هذه الخطابات التي لا تكون شمولية، وتنسى التذكير بواجب الصلاح والإصلاح في تذكيرها، قـد يكون فيها تخدير للأمة، وكأننـا نقول لها وهي لا تزال لم تتجه بصدق للإصلاح: أن لا تخافي ولا بأس ولا مشكلة في أن تستمري على ما أنت عليه، وتفائلي وسيأتيك النصر والغلبة. وهذا يشابه طمأنتنا للطالب الكسـول المحبط بأن عليه ألا ييأس، وأنه سينجح بـدون أن يذكره بأن عليه أن يثابر ويجتهد. نعم مهم أن نزيل إحباطه بأن نرفع معنويته، ولكن مـع تذكيرنا له ببذل الجهد والمثابرة.

ولا شك أننا لا نريد أن تعيش الأمة في هزيمة نفسية، وأن تنسى ماضيها المجيد واعتزازها به، ولكن علينا ألا يساورنـا أي لبس في أن أسـاس نصرنا هو تمسكنا بديننا، فلا وجود العزة بأنفسنا ونهجنا، وذهاب الهزيمة النفسية (على الرغم من أهمية كل ذلك)º يحقق النصر لنا إذا كنا لم نحقق صدق الالتزام بديننا والتمسك به.

ولم يكن أحد أكثر اعتزازاً بدينه من كبار الصحابة - رضوان الله عليهم - الذين شاركوا في غزوة أحد، ومع ذلك أتت الهزيمة عندما تركت فئة منهم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم).

عموماً ليس القصد ألا نبشر الأمة ونبعث فيها التفاؤل، ولكـن ليكن طرحنا شمولياً ومتكاملاً،  بذكـر واجب التوبة والعودة وإصلاح المسار عند الحديث عن التفاؤل والتبشير بالنصر، حتـى يكون توجيهنا حافزاً للإصلاح لا مخدراً للرضا بالواقع البعيد عن حقيقة الدين، والتمسك به الذي تعيشه الأمة، والذي أدى إلى كـل هذه الأعراض، والإشكالات، والذل، والهوان، والضعف الذي تعيشه الأمة، بـل هو من أهم عوامل حدوث الهزيمة النفسية التي نعيشها.

 

**** وأدعو كل الأحبة إلى تأمـل هذه الكلمة الهامة للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

(... قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - كلمة مسجلة له تعتبر بالغة الأهمية، فقد قالها وسط غمرة أحداث الانتفاضة الفلسطينية المباركة الأخيرة، وبالضبط يوم الاثنين 19رجب 1421هـ, فقال رحمه الله معلقاً على الأحداث: (كيف نؤمل النصر ونحن هذه أفعالنا ونياتنا. إذن لنرجع لأنفسنا لا تأخذنا العاطفة !..... المسجد الأقصى لا يمكن أن يرجع إلا إلى أصحابه ومـن هم أصحابه؟ اسمع قول الله - عز وجل -:(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..(إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين).

.لن يرجع المسجد الأقصى إلا إذا قاتل المسلمون لله - عز وجل -، لكي تكون كلمة الله هي العليا مهما عمل الناس.

أرجو ألا تأخذنا العاطفة، وأن نغفـل عن الأشياء الأساسيـة!.

نحن لا نرضى أن يقوم طاغية من طغاة اليهود كشارون يطوف ببيت المقدس لإهانة المسلمين، ولكي يرتفع عند قومه من وجه آخر، لا نرضى بهذا أبداً ولن يرضى بذلك أي مسلم، ولكـن علينا أولاً أن نصلـح أنفسنا، أنفسنا ما صلحـت إلا ما شاء الله، فكـروا بهذه الأمور لا تأخذكم العاطفـة.)*

_______________

* هذه الكلمة ملحقة في نهاية شريط قيم للشيخ عبد المحسن القاضي عن الأقصى وقد قامت تسجيلات الاستقامة في القصيم بإضافتها نظرا لأهميتها ,جزاهم الله خيرا...).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply