جهود جمعية إحياء التراث الإسلامي في البوسنة دور فعال في إحياء الثقافة ونشر العقيدة ونشر الأمان


  

بسم الله الرحمن الرحيم

تمثل جمعية إحياء التراث الإسلامي أحد الوجوه المشرقة لكويت الخير، وتعد سفيرا فوق العادة يقدم وباستمرار صورة ناصعة للكويت في العالم، عبر وجوده المستمر في قلب الأحداث التي تستدعي حضورا إنسانيا وحضاريا، كما هو الحال في الساحة البوسنية منذ بداية العدوان على المسلمين في أبريل 1992 وحتى اليوم، حيث لا تزال آثار ذلك العدوان في حاجة متواصلة لتضميد الجراح الناتجة عن الدمار، وما خلفه من أيتام ومعاقين وأرامل وثكالى حتى اليوم. وترميم بناء المساجد التي تم هدمها على يد فاشية العصر في قلب أوربا.

 

إيواء المهاجرين

 عرف العدوان على المسلمين في البوسنة في بداية تسعينات القرن الماضي على أنه حرب إبادة، وقد رافق ذلك حملات تهجير من مختلف مناطق البوسنة ولا سيما من الشرق والمناطق المتاخمة لصربيا في محاولة دموية لإقامة صربيا الكبرى على جماجم المسلمين في البلقان، وقد كانت جمعية إحياء التراث الإسلامي في البوسنة وعلى رأسها الشيخ عثمان أحمد عثمان حيدر أبو عادل سباقة لاستقبال المهجرين وتقديم ما يحتاجونه من غذاء وإيواء، في مراكز الإيواء والمخيمات المختلفة داخل البوسنة وخارجها، كما تكفلت الجمعية باستئجار الشقق والمنازل لما يزيد عن 1500 عائلة. وقدمت المواد الغذائية ومواد التنظيف والمساعدات المالية لآلاف الأسر التي نكبتها الحرب الظالمة التي فرضت على المسلمين في البوسنة، ومنهم سكان المدن والقرى المختلفة الذين كانوا يعيشون على المساعدات الإنسانية التي تقدمها الهيئات الإغاثية طوال فترة الحرب، والسنوات العجاف التي أعقبتها، ولا يزالون يعانون منها حتى اليوم، بعد أن دمر المعتدون المصانع والضيعات ومصادر الرزق والعمل، والتي هي في أمس الحاجة اليوم لإعادة البناء والتعمير لمعاودة الإنتاج، حتى يتمكن البوسنيون من اكتساب مصدر رزقهم بعرق جبينهم.

 

مساعدة المرضى

 لم تترك الحرب الظالمة التي فرضت على المسلمين في البوسنة أحدا، فالذي لم يصب بشطايا القذائف ورصاص الفاشيين الصرب والكروات، عانى الأمراض النفسية، والأخرى الناتجة عن نقص التغذية، وقد نال المؤسسات الطبية في البوسنة ما لحق بكافة قطاع الخدمات والبنية التحتية من دمار بلغ نسبة 90 في المائة وفق جميع التقديرات.

 

وفي هذا الصدد قامت جمعية إحياء التراث بدور ريادي في توفير الكثير من احتياجات المستشفيات والمرضى، وذلك على مستوى الدعم المادي، وتقديم المساعدات الطبية المختلفة، ويشهد البوسنيون للجمعية بدورها الكبير في مجال الخدمات المتنوعة، وحصلت على العديد من شهادات الشكر في هذا السياق.

 

كفالة الأيتام

 الحرب كالفياضانات المدمرة، لا تمر بمكان إلا وتركت آثارها الباقية فيه، ومن آثار العدوان على المسلمين مقتل واستشهاد ما يزيد عن 200 ألف نسمة، ترك معظمهم أطفالا صغارا وأرامل ثكلى، وأمهات يعصر قلوبهن الأسى على أبنائهن الذين ذهبوا وقودا للمحرقة الحقيقية التي شهدتها أوربا وسجلتها كاميرات وأقلام الإعلاميين في العالم، لا لشيء سوى إنهم مسلمون. وقد سارعت جمعية إحياء التراث الاسلامي لنجدة إخوانهم المنكوبين في البوسنة، حيث كفلت 6500 يتيم موجودين في أكثر من 25 مدينة وقرية بوسنية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وإلى جانب الكفالة المادية التي تقدمها الجمعية للأيتام، تقوم بتوفير الرعاية التربوية والصحية لهم، وتقيم الرحلات الترفيهية والمسابقات التربوية والرياضية وكل أنواع التسلية الهادفة التي يحتاجها الأيتام في سن الطفولة وبدء مرحلة الشباب.

 

ترميم المساجد

 كانت المساجد إحدى أهم الأهداف الاستراتيجية للعدوان الذي استهدف المسلمين في البوسنة، حيث كانت الإبادة تهدف من جملة ما تسعى إليه إلى محو الآثار الدينية والثقافية للمسلمين، وكل ما يشير إلى أنهم متجذرون في هذه الأرض، وكان هدم المساجد يأتي في المرحلة الأولى ثم يعقبها قتل المسلمين أو تهجيرهم. وقد بلغ الحقد الفاشي للصرب والكروات حدا جعلهم يتفننون في هدم المساجد، دون أن تكون هناك أصوات حقيقية تندد بذلك في الغرب، كما حصل مع أصنام باميان في أفغانستان قبل بضع سنوات، بل كانت تلك الأعمال الوحشية تبرر بأنها عمل انتقامي من الأتراك الذين فتحوا البلقان في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، وقد سعت، جمعية إحياء التراث الاسلامي، إلى المساهمة في إعادة بناء المساجد المهدمة وإقامة مساجد جديدة، حيث كان لها دور فعال في بناء وترميم الكثير من المساجد، فقد قامت ببناء 30 مسجدا جديدا وترميم وإعادة بناء 25 مسجدا آخر.

 

النشاط الدعوي

 على مدى عقود طويلة، ظل المسلمون في البوسنة ومنطقة البلقان، ما عدا القليل منهم، مبعدين عن جذورهم الثقافية الإسلامية، حتى تفشى فيهم الجهل بالدين، وأصبح لدى الكثيرين منهم مجرد اعتقاد باهت، قول باللسان لا يصدقه العمل. وكان من النتائج الايجابية للعداون، إن كان له نتائج ايجابية حقا، هي عودة المسلمين إلى دينهم، بعد أن اكتشفوا بأن الدين الذي يعتنقونه، هو أحد الأسباب الدافعة لقتلهم وإبادتهم وسكوت الآخرين عما يتعرضون له -نحن نقتل لأننا مسلمون- كانت هذه الجملة يرددها الجميع وحتى القادة العظام في الجيش البوسني، ومنهم أسد بيهاتش الجنرال عاطف دوداكوفيتش، الذي وقف على مشارف بنيالوكا سنة 1995، ولكن اتفاق دايتون حال دون تحريرها، ولو تم ذلك لكان وجه البوسنة غير الذي هو عليه اليوم، وقد قامت جمعية التراث الاسلامي بتنظيم الكثير من الرحلات الدعوية، والنشاطات الثقافية وتمويلها، أو شاركت فيها، وقدمت المساعدات للطلبة ولا سيما طلبة العلم الشرعي، كما قامت بتوزيع أمهات الكتب الاسلامية، ومنها مكتبة طالب العلم على مستحقيها، لإحياء علوم الدين، والتي بها تحيا الأمم والشعوب.

 

النشاطات الموسمية

 من فضل الله على الأمة أن جعل لها أعيادا ومناسبات، تقيم فيها الفرح وتشرك الجميع في تلك الأفراح بالتراحم والتآزر والتعاون، وهي فرص موسمية لإحياء سنن التكافل بين المسلمين والتعاون على البر والتقوي، ومن تلك الفرص والمناسبات الخالدة، شهر رمضان المبارك والعيدين حيث تقوم جمعية إحياء التراث الإسلامي بإقامة الإفطار الجماعي في المساجد والمدارس والجامعات، كما تقوم بتوزيع سلة رمضان والتي تكفي العائلة المكونة من أربعة أفراد مدة الشهر الفضيل، ومن الأعمال الموسمية أيضا توزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين في كافة أنحاء البوسنة، ويشمل دور الأيتام والعجزة والمستشفيات والمدارس وغيرها.

 

وهناك هيئات كويتية أخرى تتنافس في الخير، وتخفيف المصاب الجلل الذي حلق بالمسلمين على مدى 4 سنوات كاملة، منها اللجنة الكويتية المشتركة، التي قدمت خدمات جليلة للشعب البوسني، وصندوق إعانة المرضى، وكذلك بيت الزكاة حيث تكفل حوالي 1400 يتيم إلى جانب أعمالها الخيرية الأخرى، كترميم بيوت الأيتام والمهجرين والتي زادت على 150 منزلا، ومساهمة هذه الهيئات والجمعيات في المشاريع الموسمية كإفطار الصائم وتوزيع لحوم الأضاحي على المحتاجين، ومن الهيئات الخيرية، الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي تكفل عددا كبيرا من الأيتام إلى جانب مساهمتها في المشاريع المختلفة المذكورة، والهلال الأحمر الكويتي الذي له دور كبير في توزيع سلة رمضان والإفطارات في الشهر الفضيل وغيرها من أعمال الخير، التي تمثل الوجه المضئ، والصيت الساطع لأهل الخير في الكويت، ورغم ذلك فإن عمل الخير في البوسنة في حاجة لمزيد من الدعم، حيث تضاعفت المسؤولية منذ عدة سنوات على خلفية أحداث 11 سبتمبر، فقد تركت الكثير من المؤسسات الساحة، أو قلصت نشاطها، رغم الحاجة الماسة لها في البوسنة، فالصدقات تقي مصارع السوء، وبالشكر تدوم النعم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply