نظم السِّيرة
كتـب جمـعت بـين التَّـاريخ والسِّـــيرةِ
التأليفُ في السِّيرةِ في العصرِ الحاضِرِ
نظم السِّيرة:
لقد عُنِيَ بنَظمِ السِّيرةِ كثيرون، ومنهم مَن تقيَّدَ بسيرةِ ابنِ هشامٍ,، ومِنهم مَن لم يتقيَّد، فمِن الأوَّلين:
1- الشيخ عبد العزيز بن أحمد المعروف بـ (سعد الدريني)، المُتوفَّى في حدود سنة سبع وتسعين وستمائة.
2- والشيخ فتح الدِّين محمد بن إبراهيم المعروف بـ(ابنِ الشَّهيد)، المُتوفَّى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.نظم السيرة في أكثر من عشرة آلاف بيت.
ومن الآخرين:
1- الإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العِراقيّ، المتوفى سنة ست وثمانمائة.
2- والشيخ برهان الدِّين إبراهيم بن عمر البقاعي، المتوفى سنة خمس وثمانين وثمانمائة.
كتب جمعت بين التَّاريخ والسِّيرةِ:
وكذلك أُلِّفت كتبٌ في التَّاريخ العام, ولكنَّها تشتملُ على السِّيرةِ, منها:
1- \"تاريخ الأُممِ والمُلُوكِ\" للإمام الحافظ المفسر، الفقيه المُؤرِّخ، محمد بن جَرير الطَّبريّ، المُتوفَّى سنة عشر وثلاثمائة.
2- \"مُرُوجُ الذَّهب\" للإمامِ العالم المُؤرِّخ الرَّحَّالة أبي الحسن علي بن الحسين المسعوديِّ، المُتوفَّى سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
3- \"تاريخ الإسلام\" للإمام الحافظ الكبير مُؤرِّخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عُثمان الدِّمشقيِّ المعروف بـ(الذَّهبيّ)، المُتوفَّى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فقد بدأه بسيرةِ الرَّسُولِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وهي تكادُ تكونُ مجلدَّاً كبيراً.
4- \"البداية والنهاية\" للإمام الحافظ إسماعيل بن كثير الدِّمشقيِّ،المعروف بـ(ابن كثير), المُتوفَّى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وقد ذكر سيرةَ النَّبيِّ في نحو أربعة أجزاء، وهذا الكتابُ هو خيرُ كتبِ التَّاريخ في بيانِ الصَّحيحِ من الضَّعيفِ من المروياتِ، والتنبيه إلى الرِّواياتِ الموضوعةِ، والإسرائيلياتِ الباطلةِ، التي دُسَّت في السِّيرةِ والتَّاريخ.
التأليفُ في السِّيرةِ في العصرِ الحاضِرِ:
1- كتبُ المسلمين: وقد أُلِّفت في العصرِ الأخيرِ كتبٌ كثيرةٌ في سيرةِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، وحياتِهِ الفَذَّةِ، وسِيَرِ أصحابِهِ النٌّبلاءِ، في كلِّ قُطرٍ, ومِصرٍ,، منها الجيِّدُ الأصيلُ، ومنها ما عليه مؤاخذاتٌ وانتقاداتٌ، ومنها الموجَزُ، ومنها الوسيطُ ومنها المبسوطُ، ومنها ما نُحي فيه إلى المنهجِ القصصيِّ، ومنها ما نُهِجَ فيه المنهجُ المسرحيٌّ، ومنها ما تابعَ مُؤلِّفُوها فيها بعضَ المستشرقين، وانزلقُوا فيما انزلقُوا إليه أو بعضه، ومنها ما ردَّ مُؤلِّفُوها فيها عليهم، وأظهرُوا خطَأَهم، وأبانُوا عن تعصٌّبِهم، وكانت لهم في ذلكَ جهودٌ مشكورةٌ.
2- كتب المستشرقين:
وقد ألَّفَ في السِّيرةِ الكثيرون من المستشرقينَ مِن كُلِّ جنسٍ, ولونٍ,. ومِن هؤلاءِ المنصفون – وقليلٌ ما هم- وغيرُ المنصفين- وهم الكثيرون-، ولا عجبَ فأغلبُهم مُبشِّرون 1 بدياناتِهم، والكثرةُ منهم صليبيون لا يزالونَ يحملونُ الحقدَ على الإسلامِ، ونبيِّ الإسلامِ، فمِن ثَمَّ لا يجدونَ ثغرةً ينفثون منها أحقادَهم وسمومَهم إلا نفذُوا منها، ولا روايةً واهيةً منكرةً أو مختلقةً إلا طبَّلوا لها وزمَّروا، ولا عليهم لو زيَّفُوا الصَّحيحَ مادام ذلك يُساعدهم على أهوائِهم، ولأجلِ أن يُلبِّسوا على الأغرارِ من المسلمينَ تَستَّروا تحتَ ستارِ البحثِ العلميِّ، وحريةِ الرأي، وما هُو من البحثِ، ولا حرية الرأي في شيءٍ,، وإنَّما الغَرَضُ حَلٌّ عُرَى الإيمانِ من نُفُوسِ المسلمين، والتَّشكيكِ في سيرةِ مثلِهم الأعلى وقدوتِهم، وهو النَّبيٌّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
وقد ساعدَ على تقبل آرائِهم أنَّ المغلوبَ ينظرُ إلى الغالبِ على أنَّهُ فوقَهُ في كلِّ شيءٍ,،
وإذا لم تستدرك الأمة المغلوبة أمرها، وتتخلص بجهودها الذاتية من وطأة التقليد الأعمى، فإنه – ولا بد- أن ينتهي بها الأمر إلى الاضمحلال والاستعباد، قال ابن خلدون:\"والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه، إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تُغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبعيº إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك واتصل لها حصل اعتقاد، فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به، وذلك هو الاقتداء. ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالبِ في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله 2.
فمِن ثَمَّ نظر بعض المتعلمين، - ولا سيما الذين لم يحظَوا من الثقافةِ الإسلاميةِ وعلومِ الإسلامِ الأصيلةِ بحظٍّ, يُؤهِّلهم للتمييزِ بين الحقِّ والباطلِ، والخطأِ والصَّوابِ – نظروا إلى المستشرقين على أنَّهم قِممٌ في التفكيرِ، وفي البحثِ، فلا يُراجعون ما يقولُون! ولا يُنقض ما إليه ينتهون، بل بلغَ ببعضِ الذين تثقَّفوا ثقافةً إسلاميةً أن انزلقُوا فيما انزلقَ إليه غيرُهم، ومنهم مَن قام بترجمةِ بعضِ هذه الكتبِ من غيرِ أن يُعلِّقَ على ما فيها من خطأٍ, بيِّنٍ,، وباطلٍ, صُراحٍ,، وليتَهُ اكتفى بهذا، ولكنَّهُ شاركَ في الإثمِ، فكالَ له 3 ولهم المديحَ والثَّناءَ!! ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ 4.
1 - أو بالأصح منصرون , ولكن ذكرناهم بما اشتُهر من تسميتهم .
2- مقدمة ابن خلدون فصل في أن المغلوب مولعٌ أبداً بالإقتداء بالغالب في شعائره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده (1/156).
3 - أي للكتب.
4 -انظر: مُقدِّمة كتاب \"السِّيرة النَّبَويَّة في ضوء الكتاب والسٌّنَّة\" للدكتور محمد بن محمد أبوشهبة (1/27- 37).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد