أَصُولٌ وضَوَابطُ في دِرَاسةِ السِّيرة النَّبَويَّة الشَّرِيفةِ


 بسم الله الرحمن الرحيم 
 

\" أَصُولٌ وضَوَابطُ في دِرَاسةِ السِّيرة النَّبَويَّة الشَّرِيفةِ \"1

\"عبد اللَّطيف بن محمَّد الحسن\"

 

 يكفي دلالةً على القناعةِ بأهميةِ دراسةِ السِّيرة تلك الكتاباتُ المتكاثرة التي تُحاول الإفادةَ من السِّيرة بأكثر من صورةٍ,. ولِمَا لمنهج الكاتبِ من تأثيرٍ, في كتاباتِهِº فإنَّ مِن المهمِّ السعيَ إلى تحديدِ أُطُرٍ, منهجيةٍ, ضابطةٍ, للدِّراسةِ والكتابةِ. وهذه محاولةٌ لرسمِ بعضِ المعالمِ والضَّوابطِ أرجُو بها النَّفعَ، وأن تتبعَها دراساتٌ أكثرُ نُضجاً من ذَوي الاهتمامِ والاختصاصِ2 .

 

أولاً: فهم حقيقة الإسلام ومنهجه المتكامل:

يكتسب هذا القيد مكانته من جهة عجز مَن يفتقده عن قراءة أحداث السِّيرة قراءةً موضوعية تمكنه من سلامة فهم الأحداث، وتقصِّي أسبابها، ومعرفة دوافعها،  وتفسيرها بما يتفق مع رُوح الإسلام. فمن المهم ( أن يُعنى بالجانب التشريعيِّ الذي يحتكم إليه المجتمعُ، وتُوضَّح الضوابطُ الخلقية والقانونية التي تحكم حركةَ الأفراد والمجتمعات، ولا يُمكن الفصلُ بين الجانبِ السياسيِّ والعسكريِّ، والجانب الخلقيِّ والتشريعيِّ، خاصة في       القرونِ الأولى من تاريخ الإسلام º حيث تتشابك العلاقاتُ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية بالعقيدة تشابكاً وثيقاً بحيثُ يصعبُ فهم حركة التَّاريخ في تلك المرحلةِ دُونَ فهمِ رُوحِ الإسلامِ ومبادئِهِ  ) 3 .

 

إزاء هذا الضابط نرى أنفسنا أمام خطرين اثنين:

أولهما: افتقاد بعض الباحثين والدارسين إلى المرجعية الشرعية.

وثانيهما: قراءة السِّيرة بأنظمة معرفية أخرى: رأسمالية، واشتراكية، وعلمانية، وقومية من الخارج، ومحاولة تقطيعها والانتقاء من أحداثِها، وفصلها عن نسقها المعرفي وسياقها ومناسباته4.

ونظير هذا: قراءة السِّيرة بخلفيةٍ, بدعيةٍ, صُوفيةٍ, أو رافضيةٍ,.. ونحوهاº فالرَّافضةُ مثلاً: يُحللون أحداث السِّيرة تحليلاً يتسقُ مع انحرافاتِهم العَقَدية !

 

ثانياً: ترك المنطقِ التَّسويغيِّ:

ينبغي أن تنطلق دراسة السِّيرة من اليقين بعزة الإسلام وأحقيته في الحُكمِ والسِّيادةِ، وأنَّ الله لا يقبلُ ديناً سواه، وأنه لا يُفهم إلا من خلال دراسة السِّيرة.

ولذا وجب البُعدُ عن الرٌّوحِ الانهزاميةِ في تحرير السِّيرة وتحليلها، وخاصة في الجهاد.

ومن المواضيع التي ينهزم أمامها التسويغيون ولا يجدون لها مُسوِّغاً على حدِّ زعمهم مسألة قتل يهود بني قُريظة لمَّا قبلوا حُكمَ سعد بن معاذ فيهم وكان حليفَهم في الجاهلية, فَحَكَمَ فيهم بحُكمِ اللهِ: أن يُقتلَ رجالُهم، وتُسبى نساؤهم وذراريهم. هنا يصعب الموقفُ على مَن في قلبِهِ انهزاميةٌ، فيسعى للتشكيكِ في ثبوت القصة.

وهي ثابتةٌ بلا شك5.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply