بسم الله الرحمن الرحيم
في باب صفات الله تعالى
الشيخ فخر الدين بن الزبير المحسي أبو العالية
المقدمة :
أحمَدُ ربي مُلهِمَ الصوابِ *** حمداً يُفيض أَجزَلَ الثّوَابِ
مُصَلِياً عَلى النَّبِي المُرتَضى *** وَآلِهِ وَصَحبِهِ ذَوي الرِّضَا
والتَّابِعِينَ سُبُلَ النَّجَاةِ *** وَنَهجَ أَهلِ السٌّنةِ الهُدَاةِ
وأَسأَلُ الإلَه صِدقَ القَولِ *** وَالعَفوَ وَالثَّباتَ عِندَ الهَولِ
فاجعَل لَنا إلهَنَا بَصِيرة *** وَحُجةً وَحِكمةً وَفِيرَة
***
الفصل الأول في مجمل اعتقاد أهل السلف
فهذه عقيدة من الأثر *** نظمتها تبصرةً لذي نظر
منيرة لنا سبيل من سلف *** منجية عن زيف كل من خلف
الله فوقنا عليُّ في السَّما *** من غير تشبيه - تعالى -قد سما
- سبحانه - استوى على العرش كما *** قد جاء في الوحيين نصاً محكما
وقل مع المخلوق حيث كانا *** بعلمه و حفظه وبانا
ولا تخض في هذه الكلمات *** الحد والمكان والجهات
كذا تحيز ولفظ الجسم *** وجوهر وعرض للسلم
فلم يرد شرع بذكر ذاكا *** فقف و دوما خالفن هواكا
ولازم من ذاك نفي الذات *** فاحذر قبول النفي والإثبات
من غير ما تبين لما قصد *** من ذلك الإطلاق فاسأل واقتصد
كلامه أيضا به ندين *** منزل من عنده مبين
بصوته وحرفه للباري *** فوصفه قد جاء في الأخبار
ومن يقل بخلقه فقد كفر *** مكذبا بما به نص الخبر
وفي ختام ليلنا فهو الذي *** - سبحانه - ينزل للسماء ذي
مناديا عباده بالرحمة *** يرجونه إجابة للدعوة
وربنا يأتي لدى التناد *** للحكم بالقسط إلى العباد
فاحكم لنا إلهنا الكريما *** بجنة نحظى بها نعيما
إيماننا بالعين و اليدين *** والساق لا كيف بغير مين
ووجه كما به يليق *** ونوره أيضا به حقيق
وكل ذا وغيره قد جاءا *** في الوحي لا تبد له العداء
وكن له مصدقا مسلما *** فذاك نهج كل من تقدما
صحابة الرسول أجمعينا *** فالزم و تابعيه أبتعينا
ولا يضر بعد ذاك من ردى *** فزمرة قليلة أهل الهدى
و فاض في ذاك الحديث و الأثر *** فافقهه إنه نجاة للبشر
***
الفصل الثاني في الرد على المعطلة
قد جاءنا معطل محرف *** يقول إثبات الصفات يردف
تشبيه ربنا بوصف خلقه *** فأولنها كي تفي بحقه
فردنا يا صاحب التعطيل *** شبهت قبل ذالك التعليل
فأولا شبهته في قدسه *** وبعده نفيت وصف نفسه
وليس يلزم الذي قد خلقا *** لوازم من الذي قد خلقا
وإن تجد لفظين قد توافقا *** فكنهها و الكيف قد تفارقا
فربنا منفرد بالذات *** وهكذا الإثبات للصفات
فاعتقد الكمال للإله *** وكن عن التكييف دوما لاهي
فوحده العليم بالحقائق *** وواجب إيماننا باللائق
فأثبت الظاهر للتنزيل *** من غير تحريف ولا تمثيل
***
الفصل الثالث في الرد على المجهلة
وجاء فوج آخر فأعرضوا *** قد زعموا تشابها و فوضوا
وجردوا اللفظ عن المعاني *** فنسبوا الإبهام للقرآن
فعطلوا صفات رب الناس *** وفارقوا طريقة الأكياس
فقولنا: يا صاحب التفويض *** جهلت لاترد إلى الحضيض
فليس في القرآن لفظ دونما *** معنى فكن ملازما معلما
كذا الصفات للإله الرب *** لها معان كيفها في الغيب
والصحب و الأتباع قد تكلموا *** فيها وما زادوا وما تأثموا
إذ قال مالك في الاستواء *** معناه معلوم بلا امتراء
وإنما كان الحرام المنفي *** إن كان ذاك عن سؤال الكيف
فاحرص على فهمك للقرآن *** تدبرا من غير ما توان
فليس في نهجك من عرفان *** و إنما وساوس الشيطان
الفصل الرابع في الرد على الممثلة
وجاء قوم أوردوا التمثيلا *** فجانبوا التنزيه و التنزيلا
و قد أتوا بأرذل البهتان *** فإنهم عباد ذي الأوثان
وليس في آرائهم من عبرة *** إذ خالفوا عقيدة في الفطرة
كذاك قول ربنا الجليل *** وليس في الأشياء من مثيلي
فقدر الإله حق القدر *** وخالف البلبال في ذا الفكر
الخاتمة
فهذي ستة من الأبيات *** مضروبة في عشرة سهلات
ضمنتها بالحمد والبيان *** بكل حق يصفو عن بطلان
عقيدة سنية نقية *** فطرية وسطية تقية
سطرها الفقير للمقتدر *** ابن الزبير بن علي الأثري
فالحمد لله على الدوام *** على الهدى والرشد والتمام