الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله - تعالى -حقَّ التقوى.
عبادَ الله، ركنا التوحيد تحقيقُ شهادة أن لا إله إلا الله وتحقيق شهادة أنّ محمدًا رسول الله، فلا إسلامَ لعبدٍ, حتى يحقِّق معنى هاتين الشهادتين تحقيقًا عن صدق وإخلاصٍ, ويقين.
شهادةُ أن لا إله إلا الله تُلزم قائلَها إفرادَ الله بجميع أنواع العبادة. تلزم قائلَها أن يعتقدَ أنّ الله وحده المعبود بحقّ، وأنّ كلّ [معبود] سواه فإنّما هو معبودٌ بباطل، \"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقٌّ وَأَنَّ مَا يَدعُونَ مِن دُونِهِ البَـاطِلُ\" [لقمان: 30]. تلزم قائلَها أن يكونَ دعاؤه لله وحدَه، فلا يدعو مع الله غيرَه. تلزِم قائلها أن تكونَ كلّ عباداته [لله]، فذبحُه لله، ونذره لله، وتوكّله على الله، ورغبته فيما عند الله، وخوفه الحقيقيّ من الله، وكمال رجائِه لله، وتجعل قلبَه متعلّقًا بالله محبّةً وخوفًا ورجاءً، يعلم حقّا أنّ الله إنّما خلقه ليعبده وحدَه لا شريك له، فهو حينما ينطق بكلمة \"لا إله إلا الله\" فإنّما ينطق بها مُعلِنًا توحيدَ الله، مُعلِنا إخلاصَ دينه لله، مُعلِنًا براءتَه من كلّ ما يُعبَد من دون الله، متألِّها لله حقًّا بقلبه ولسانه وجوارحه، فتلك الشهادة النافعة المؤثّرة التي مَن كانت آخرَ كلامه من الدنيا دخل الجنة.
وثاني ذلك تحقيق شهادة أنّ محمّدًا رسول الله، فتلزم هذه الكلمة قائلَها الإيمانَ بمحمّد، وأنّه عبد الله ورسوله، \"يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا ءامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتَـابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَـابِ الَّذِي أَنَزلَ مِن قَبلُ\" [النساء: 136]. يؤمن بهذا النبيّ الكريم، وأنّه خاتم أنبياء الله ورسله، \"مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ, مّن رّجَالِكُم وَلَـاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ\" [الأحزاب: 40]. يؤمن بعموم رسالته وشمولِها، وأنّ رسالته عامّة لكلّ الثقلين جنِّهم وإنسهم، وأنّ الله - جل وعلا - افترض على العباد كلِّهم طاعةَ هذا الرسول واتّباع شريعته، وأنّ من خرج عن شريعته فليس بمؤمن، \"وَمَا أَرسَلنَـاكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا\" [سبأ: 28]، \"قُل يا أَيٌّهَا النَّاسُ إِنّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم جَمِيعًا\" [الأعراف: 158]، وعنه قال: ((لا يسمع بي من يهوديّ ولا نصرانيّ ثمّ لا يؤمن بي إلا دخل النّار))[1]. وتلزم هذه الكلمة قائلَها طاعةَ هذا النبيّ الكريم وامتثالَ أمره، فإنّ طاعته طاعة لله، \"مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ\" [النساء: 80]، \"وَمَا ءاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـاكُم عَنهُ فَانتَهُوا\" [الحشر: 7]. تلزم قائلها تصديقَ هذا النبيّ الكريم، \"وَالَّذِى جَاء بِالصّدقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ\" [الزمر: 33]. تلزم قائلها الاستجابةَ له، \"يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا استَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحيِيكُم\" [الأنفال: 24]. تلزم قائلَها التحاكمَ إلى سنته والرضا بحكمه والاطمئنان وانشراح الصدر لذلك، \"فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم\" [النساء: 65]. تلزم قائلها أن يصدرَ كلّ أحواله من هذه السنة النبويّة، وأن يردَّ كلّ نزاع إلى الكتاب والسنة، \"فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيء فَرُدٌّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذالِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً\" [النساء: 59]. تلزم قائلها نصرةَ هذا النبيّ في حياته ونصرتَه بعد موته بالدفاع عن سنته وحماية شريعته، \"فَالَّذِينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النٌّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَـئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ\" [الأعراف: 157].
أيّها المسلم، إنّ الخارجين عن سنّته والمعطّلين للعمل بها لا يخلو إمّا أن يكون ـ والعياذ بالله ـ عدم إيمان بسنّته وعدمَ يقين بها، فهذا ـ لا شك ـ ردّةٌ عن الإسلام، فإنّ مَن لم يقبل سنّته ويرفض العملَ بها فقد ردّ شرع الله، يقول الله - جل وعلا -: \"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِن هُوَ إِلاَّ وَحىٌ يُوحَى\" [النجم: 3، 4]، ويقول: ((ألا إنّي أوتيتُ القرآن ومثله معه))[2]، ومن قدّم الهوى على سنّته فذلك ضلال بعيد، قال الله - تعالى -: \"وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ, وَلاَ مُؤمِنَةٍ, إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَـالاً مٌّبِينًا\" [الأحزاب: 36].
وتلزم قائلَها أن يقدِّم سنةَ رسول الله على قول كلّ قائل كائنًا من كان، فلا قولَ لأحد مع قوله، فقوله الحقّ، وحكمُه العدل، ولقد كان سلف الأمّة يعظّمون هذه السنّة تعظيمًا كبيرًا، ويذمّون من خالفها أو حاول تقديم آراء النّاس عليها، قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: \"لا يجوز لمسلم بلغته سنّة رسول الله أن يدعَها لقول قائلٍ, من الناس كائنًا من كان\".
حدَّث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله أنّه قال: ((إذا استأذنَت أحدَكم امرأتُه إلى المسجد فلا يمنعها))، فقال ابنٌ لعبد الله: واللهِ لنمنعهنّ، قال الراوي: فسبّه عبد الله سبًّا ما سمعتُه سبّه مثلَه وقال: أقول لك: قال رسول الله وتقول: لأمنعهنّ!! [3] ولمّا حدّث أحد الصحابة عن النبي أنّه نهى عن الحذف بالحجارة وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((إنّه لا ينكأ عدوًّا، ولكن يفقأ العينَ ويكسِر السن))، فخالفه أحد أبنائه فقال: والله، لا أكلّمُك أبدًا[4]º لأنّ تعظيم هذه السنة في نفوسهم شيء كبير.
إنّ المؤمنَ حقًّا المؤمن برسول يعلم أنّه الواسطة بينه وبين الله في تبليغ شرعه، وهو يتحرّى سنّته، ويقتدي بسنّته، قال الله - تعالى -: \"لَّقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا\" [الأحزاب: 21]. فهو يقتدي بسنته في الأقوال والأعمال، ولقد ذكر الصحابة رضوان الله عليهم هديَ النبيّ في كلّ شؤون حياتِه، ليبيّنوا للنّاس هذه السّنّة، ويوضحوا لهم هذه الطّريقة، فالمسلم حقّا من يقتدِي بمحمّد في صلاته وفي كلّ شؤونه، فهو صلّى بالناس وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي))[5]، وحجّ بالناس وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا عنّي مناسككم))[6].
والصحابة رضوان الله عليهم نقلوا لمَن بعدهم هديَ النبيّ في كلّ أحواله، نقلوا هديه في سفره وحضره، نقلوا سنّته في منامه ويقظتِه، نقلوا سنّته في ضحكه وبكائه، وفي كلّ أحواله وتعاملاته، وفي كلّ أخلاقه، أوضَحوا للنّاس هذا بأقوالهم وأعمالهم، إذ هو القدوة الكاملة والأسوة الحسنة - صلى الله عليه وسلم - تسليمًا كثيرًا.
هكذا الإيمان به، اتّباعٌ لسنّته، وعمل بها، وتحكيمٌ لشريعته، لكنّهم لا يغلون فيه غلوَّ النّصارى في أنبيائهم، فلا يرفعونه عن منزلته التي أنزله الله إياهاº لأنّه يأبى ويكرَه ذلك، يقول لنا – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم، إنّما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله))[7]، وقال أيضًا في دعائه: ((اللهمّ لا تجعل قبري وثنًا يُعبد، اشتدّ غضب الله على قوم اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد))[8]، حذّر ما يصنعون خوفًا عليهم من الشرك الذي وقع فيه من قبلهم.
فالمحبّ له هو المعظِّم لسنّته، العاملُ بشريعته، المقتدي به في أقواله وأعماله، ليس المحبّ له من يغلو فيه ومن يرفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، فهو عبد الله ورسوله، عبدٌ لا يعبَد، ورسول لا يكذَّب، وإنّما يُطاع ويُتّبع صلوات الله وسلامه عليه. فأسعدُ الناس به من اتّبع سنّته وعمل بها وطبّقها على نفسه في أقواله وأعماله، فإنّه يكون بذلك من الصادقين، ويكون بذلك من المؤمنين حقًّا.
هكذا حال سلف الأمّة من الصّحابة والتابعين، تعظيمًا لهذه السنة، ورضًا بها، واطمئنانًا بها، ولا يزال المسلم يتحرّى اتّباعَ سنّته ويتحرى الاقتداء به في الأقوال والأعمال حتى يكون بذلك من الصادقين.
أسأل الله أن يثبّتنا وإياكم على دينه، وأن يجعلنا وإيّاكم من المؤمنين حقًّا، إنّه على كلّ شيء قدير.
ومِن حقّه إكثارُ الصلاة والسلام عليه، فهو يقول: ((من صلّى عليَّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا))[9]، وقد أمرنا الله بقوله: \"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلّمُوا تَسلِيمًا\" [الأحزاب: 56].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه، كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله - تعالى -حقّ التقوى.
عبادَ الله، غدًا السبت اليوم السادس عشر من الشّهر السابع لهذا العام، يبدأ أبناؤنا وبناتنا عامًا دراسيًّا جديدًا، نسأل الله أن يكون عامَ خير وبركة على الجميع.
أيّها الإخوة، ابتداءُ الفصل الدراسي لهذا العام في جميع مراحل التعليم الجامعيّ فما دونه، وبهذه المناسبة العظيمة أحبّ أن أتحدَّث حديثًا قصيرًا مع إخواني المعلّمين ومع الأخوات المعلّمات ومع سائر مَن هو مُعنى بالتّربية والتعليم ومن هو مسؤول عنها على اختلاف مسؤوليّتهم.
فليعلمِ الجميع أنّ الواجبَ تقوى الله في كلّ الأحوال، فتقوى الله واجبٌ على كلّ فرد، في نفسه وفيما تحتَ يده، تقوى الله واجب على كلّ فرد في نفسه، وواجب عليه تقوى الله فيما وُلِّي مِن أمانة وما عُهِد إليه من مسؤولية، والله سائلٌ كلَّ راعٍ, عمّا استرعاه حفِظ ذلك أم ضيّعه.
وفي الحقيقة المسؤولون عن التّعليم عمومًا عليهم مسؤولية عظيمة وواجب كبير، ذلكم أنّ التعليم ليس المهمّ منه مجرّد إمضاء الوقت وانقضاء الفصل شهرًا بعد شهر، وليس المهمّ منه مجرّد أداء المعلّم حصّةً دراسيّة يؤدّيها وينصرف، ولكن الواجب على المعلّم والمعلّمة أمران:
أمرٌ يتعلّق بأداء العمل ذاتِه وأداءِ المنهج وتبيين ذلك وتوضيحه.
وواجبٌ آخر سلوكيّ، أن يكونَ اهتمام المعلّم والمعلّمة بسلوك الطالب والطالبة، الاعتناء بسلوكهم، بمعنى: الحرص على شرح الحقّ لهم وتوضيح الهدى لهم، الحرص على أن يزوّدَهم بعلومٍ, نافعة وأفكار طيّبة، وأن يزيلَ عن نفوسهم كلّ ما علق بها من شُبَهٍ, وشكوك وأوهام.
إنّنا في عالم اليوم امتلأ بالقنوات الفضائيّة المتعدّدة ووسائل الإعلام المختلفة التي تبثّ في العالم أمورًا كثيرة ومسلسلات وبرامج متعدّدة، منها ما هو شرّ محض، ومنها ما هو دون ذلك، ومنها ما فيه شيء من خير، إلى غير ذلك. ولا شكّ أنّ وسائل الإعلام على اختلافها غزت كلَّ بيت، وأصبَح كلُّ يشاهد ويقرأ وينظر ويرى.
فالواجبُ على رجال العِلم والتّربية أن يتَّقوا الله في أنفسهم، وأن يحاولوا إصلاحَ نشئنا وتوجيههم التوجيهَ السليم، وعندما يرى أو يسمع مِن بعضهم فكرًا طرأ عليه وعلق به من تلكم الأفكار المنحرِفة البعيدة عن الهدى التي لا ارتباطَ لها بديننا ولا بأخلاقنا وبأوضاع مجتمعنا الطيّب، فالواجب أن نعالجَ ذلك، بأن نكشفَ هذه الأشياء الضارّة، ونوضح هذه الأمور الباطلة، ونحذِّر منها بالأصول والقواعد الشرعيّة.
إنّ المعلِّم أو المعلّمة لهم أثر عظيم في توجيه النّشء بالتّوجيه السليم، وحتى مدرِّسي الجامعات ومَن يلقي المحاضرات لا بدّ أن يهتمَّ بإصلاح العقيدة والسلوك والدعوة إلى مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، وعندما يشعر من إنسانٍ, يحمل فكرًا غريبًا ورأيًا مخالفا فعليه أن يتّقيَ الله وأن يكونَ ذا أفقٍ, واسع وصدر رحبٍ, ليصغيَ إلى ما عند أولئك، ويستمعَ إلى ما لديهم من أفكار وآراء، حتّى يستقصيَ كلَّ الأمور، ثمّ يحاول علاجَها بالأسلوب النافع المؤثِّر الذي يدعو إلى قبول ذلك الإنسان الحقّ وزهده في هذا الباطل.
هذه التّوعية لا بدّ منها، فالأمّة اليومَ بأمسّ الحاجة إلى أن تحصَّن فكريًّا وعقديًّا مِن أخطار تلك الحمَلات الإعلاميّة الجائرة المختلفة التي يقوم عليها وعلى إعدادِها أمّة تعادي الأمّة، بل تعادي الإنسانيّةَ بأسرها، تدعو إلى كلّ رذيلة وفساد، وإلى كلّ خُلُق منحرف، وإلى كلّ فِكر سيّئ، فهذه الأمور لا نستطيع أن نُغلقَها أمامَ شبابنا وفتياتنا، لكن نستطيع أن نحصِّن نفوسَهم، نحصِّن قلوبهم وأفكارَهم بالتوعيّة السليمة والتربية النافعة والدعوة الصادقة وتوضيح ذلك الباطل ودحضِه بالحجج الشرعيّة، حتى نتمكّن بتوفيق الله من تحصين نشئِنا وإحاطتِهم بالأخلاق القيّمة، ليكونوا على بصيرة في دينهم، وليتركوا هذه الآراء الشاطّة البعيدة عن الهدى والحقّ.
هي حملاتٌ إعلاميّة جائرة مسخَّرة ضدّ الأمة الإسلاميّة بالأخصّ، بل ضدّ الخَلق كلّهم، فلا بدّ للمعلّم والمعلّمة ـ كلُّ على حسَب قدرته ودرجته ـ أن يحمل هذا الفكرَ وهو تحصين هذا النّشء ودعوتهم إلى الخير وتحذيرُهم من وسائل الهَدم والضلال.
إنّ الأمّة مستهدفة في دينها، ومستهدفة في أمنها وقيَمها وأخلاقها، والأعداء يحاولون إبعادَها عن دينها وأخلاقها، لكن إذا تكفّل المعلّمون ذكورًا وإناثًا بهذه التّوعية السليمة والتوجيه الصادق فإنّي أرجو من الله أن يكونَ لهم أثرٌ في سلامة مجتمعنا وحماية أبنائِنا من الانزلاق في هذه الرذائل.
أسأل الله للجميع التوفيق والعونَ والثبات على الحقّ والاستقامة عليه، إنّه على كلّ شيء قدير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد امتثالاً لأمر ربكم قال - تعالى -: \"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلّمُوا تَسلِيمًا\" [الأحزاب: 56].
اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ في خلفائه الراشدين...
_________________
[1] أخرجه مسلم في الإيمان (153) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه.
[2] أخرجه أحمد (4/130)، وأبو داود في السنة (4604) من حديث المقدام بن معديكرب - رضي الله عنه -، وصححه ابن حبان (12)، والحاكم (1/109)، وأقره الذهبي، وهو في صحيح سنن أبي داود (3848).
[3] أخرجه البخاري في الأذان (873)، ومسلم في الصلاة (442)، وهذه رواية الدارمي في مقدمة سننه (442).
[4] أخرجه البخاري في الأدب (6220)، ومسلم في الصيد (1954) عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -.
[5] أخرجه البخاري في الأذان (631) من حديث مالك بن الحويرث - رضي الله عنه -.
[6] أخرجه مسلم في الحج (1297) من حديث جابر - رضي الله عنه - بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)).
[7] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3445) من حديث عمر - رضي الله عنه -.
[8] أخرجه مالك في الموطأ: كتاب النداء للصلاة (416) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات (2/240-241)، ووصله عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعا، أخرجه البزار ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/43)، ونقل عن البزار أنه قال: \"إن مالكا لم يتابعه أحد على هذا الحديث إلا عمر بن محمد عن زيد بن أسلم، وليس بمحفوظ عن النبي من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، لا إسناد له غيره، إلا أن عمر بن محمد أسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي، وعمر بن محمد ثقة روى عنه الثوري وجماعة\"، وقد ظنّ ابن عبد البر أن عمر هذا هو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فصحح الحديث بناء عليه، والظاهر أنه ليس كذلك بل هو عمر بن محمد بن صهبان كما جاء مصرحا به في بعض نسخ البزار، ولذا قال الهيثمي في المجمع (2/28) بعدما عزا هذا الحديث إلى البزار: \"وفيه عمر بن صهبان وقد اجتمعوا على ضعفه\". وللحديث شاهد مسند من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه أحمد (2/246)، والحميدي (1025)، وأبو يعلى (6681)، والمفضل الجندي في فضائل المدينة (51)، وصححه الألباني في تحذير الساجد (ص17). وشاهد آخر من حديث عمر - رضي الله عنه -، قال الدارقطني في العلل (2/220): \"يرويه أصحاب الأعمش عنه عن المعرور عن عمر موقوفا، وأسنده عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن الأعمش عن المعرور عن عمر عن النبي، ولم يتابع عليه، والمحفوظ هو الموقوف\".
[9] أخرجه مسلم في الصلاة (384) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد