موالاة الكفار وتوليهم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 


الحمد لله وبعد:

فلقد نهى الله عباده المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء في آيات عدة كما قال - تعالى -: \"يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجعَلُوا لِلَّهِ عَلَيكُم سُلطَاناً مُبِيناً\" [النساء: 144]، وقال: \"لا يَتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ, إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنهُم تُقَاةً\" الآية

[آل عمران: 28]، وقال - سبحانه -: \"يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ, وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ\" [المائدة: 51]، فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً، وذلك يظهر بالحفاوة بهم وإكرامهم وتعظيمهم، ومما يوضح ذلك قوله - سبحانه وتعالى --: \"لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ\" الآية [المجادلة: 22] وقال - تعالى -: \"يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُم أَولِيَاءَ تُلقُونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَقَد كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِنَ الحَقِّ\" الآية [الممتحنة: 1] فدلت الآيتان على أن اتخاذهم أولياء يتضمن مودتهم، وجاء ذكر التولي في آية واحدة وهي قوله - تعالى -: \"وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم\" الآية [المائدة: 51]، والذي يظهر أن توليهم هو معنى اتخاذهم أولياء، وفسر \"التولي\" في قوله - تعالى -: \"وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم\" بنصرتهم على المسلمين، ولهذا كانت مظاهرة الكفار ومعاونتهم ضد المسلمين من أنواع الردة، لأن ذلك يتضمن مقاومة الإسلام، والرغبة في اضمحلاله، وذل أهله.



وأما الموالاة فلم يأت لفظها في القرآن فيما أذكر، والذي يظهر أن الموالاة والتولي معناهما واحد أو متقارب، ولكن من العلماء من فرق بينهما فخصَّ الموالاة بتقديم الخدمات للكفار حفاوة بهم وإكراماً والتولي بنصرتهم على المسلمين، وأن الموالاة كبيرة، والتولي ردة كما تقدم، فالواجب على المسلمين أن يبغضوا الكافرين وأن يعادوهم في الله، وأن يجاهدوهم بالله ولإعلاء كلمة الله، وهذا لا يمنع من معاملتهم في أمور الحياة كالتجارة، ولا يوجب الغدر بما أعطوا من عهد، بل يجب الوفاء بعهدهم كما قال - تعالى -: \"إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُم مِنَ المُشرِكِينَ ثُمَّ لَم يَنقُصُوكُم شَيئاً وَلَم يُظَاهِرُوا عَلَيكُم أَحَداً فَأَتِمٌّوا إِلَيهِم عَهدَهُم إِلَى مُدَّتِهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُتَّقِينَ\"[التوبة: 4] فبغض الكفار والبراءة منهم هي من أصول الدين، وهي مقتضى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، ولكن ذلك لا يوجب ولا يبيح الخيانة أو الظلم، فالظلم حرام، ونقض العهد حرام، \"...تلك حدود الله فلا تقربوها... \" [البقرة: 187] نسأل الله أن ينصر دينه ويعز المؤمنين ويذل الكافرين، والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

سؤال

16:54:38 2020-11-04

ما الاثار المترتبة على موالاتهم جزاك الله كل خير