حكم التورق


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

السؤال:

ما حكم أخذ سيارة من البنك بالتقسيط (عملية التورق) وبيعها، ومن ثم استثمار مبالغها في مساهمات الأراضي؟

 

الجواب:

سؤالك منطبق تماماً على مسألة التورق، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيها، فمن العلماء من قال بجوازها لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمّا عين السلعة، وإما عوضها، وكلاهما غرض صحيح، ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..." (البخاري [  ] (1) ومسلم (1907) واللفظ للبخاري)، والقول بالتحريم لمسألة التورق هو رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، هذا وأرى التحريم في الصورة التي هي محل السؤال لأن السائل إنما لجأ إلى هذه العملية لا للحاجة في السلعة، ولا أيضاً للحاجة إلى دراهمها ليقضي بها لزومه من زواج، أو قضاء دين، ونحوه، وإنما ليتاجر بها في مساهمات الأراضي، ولهذا جاء في رسالة للشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في أقسام المداينات، وقد ذكر فيها مسألة التورق، وذكر خلاف العلماء فيها، ثم قال: ولكن نظراً لحاجة الناس، وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:

أ‌-                 أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجاً فلا يجوز كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.

ب‌-            أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، والسلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها.

ت‌-            أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا، مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك.

ث‌-            أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم، انظر ما رواه البخاري (2137) ومسلم (1527) وهذا اللفظ عند أبي داود (3499) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما فإذا تمت هذه الشروط فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس، انتهى كلام الشيخ العثيمين-رحمه الله-.

فالشرط الأول لم يتحقق في سؤال السائل حتى يقال بالجواز فلم تتم الشروط الأربعة.

هذا وقد بسطت الكلام، ونقلت كلام الشيخ فيها لأهمية المسألة، ولكثرة من يسأل عنها، وليعلم السائل أن الشرط الأول من الشروط الأربعة المذكورة ينطبق على سؤاله إذ هو يريد أن يساهم ويتاجر بالمبلغ الذي استلمه من بيع السيارات، فهو مثل الذي يعمل هذه العملية ليدين غيره، فالقول بالتحريم في هذه الصورة واضح، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply