بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الدعاء:
قال -تعالى-: ((وَقَالَ رَبٌّكُم ادعُونِي أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) [غافر: 60[.
وجاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الدعاء هو العبادة)) [أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني[.
فلا يفوتك اغتنام هذا الشهر الكريم بالاجتهاد في الدعاء والالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى- وسؤاله من خيري الدنيا والآخرة خاصة في أوقات الإجابة والتي منها على سبيل المثال: (الصائم حتى يفطر، المظلوم، المسافر، الوالد لولده، المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، بين الأذان والإقامة، في الثلث الأخير من الليل، في السجود، عند نزول المطر، في آخر ساعة من يوم الجمعة).
ولا تغفلي عن الإخلاص في الدعاء، والإلحاح فيه، وعدم الاستعجال، واليقين بالإجابة، وتذكري حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء)) [أخرجه أبو داود وصححه الألباني[.
فلا تتواني عن الدعاء متحرية أوقات الإجابة حتى لا تكوني ممن قال فيهم -صلى الله عليه وسلم-: ((أعجَز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام)) [أخرجه البيهقي وصححه الألباني[.
الذكر:
في هذا الشهر الفضيل سارعي أختي الغالية إلى الإكثار من ذكر الله -جل وعلا- فلا يفتر لسانك عن الذكر في جميع أحوالك حتى وأنت تؤدين أعمالك المنزلية متأسية بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: ((كان -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله -تعالى- على كل أحيانه))[أخرجه مسلم[.
واستبشري بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيراً والمظلوم والإمام المقسط))[أخرجه البيهقي وحسنه الألباني[.
وتذكري قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله))[أخرجه النسائي وحسنه الألباني[.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الكلام سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))[أخرجه أحمد وصححه الألباني[.
وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) [أخرجه البخاري[.
واعلمي أن في ذكر الله حياة القلوب، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت)) [أخرجه البخاري[.
رخصة الفطر:
إن من التيسير على المسلمين أن الله -عز وجل- رخص للمسافر بالفطر في نهار رمضان سواء شق عليه الصيام أو لم يشق.
عن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله: إني أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ قال: ((هي رخصة من الله -عز وجل- فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه))[أخرجه مسلم[.
وإتيان الرخص من الأمور التي قرنها الله -عز وجل- بمحبته، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله -تعالى- يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته))[أخرجه أحمد وصححه الألباني[.
وذكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أن الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقا، ومن صام فلا حرج عليه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يثبت عنه هذا وهذا.. ولا فرق في ذلك بين من سافر على السيارات أو الجمال أو السفن والبواخر، وبين من سافر في الطائرات فإن الجميع يشملهم اسم السفر ويترخصون برخصه [مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- (4/187) مختصراً[.
زكاة الفطر:
شرع الله -عز وجل- زكاة الفطر قبل صلاة العيد.
قال -صلى الله عليه وسلم-: ((زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))[أخرجه البيهقي وصححه الألباني[.
ومن أحكامها:
1- يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه.
2- الخادم المستأجَر زكاته عن نفسه إلا أن يتبرع بها المستأجِر أو تُشترط عليه.
3- مقدارها صاع واحد من قوت البلد من تمر أو شعير أو بُر أو ذرة أو أرز، والصاع يساوي ثلاثة كيلوغرامات تقريباً.
4- الحمل لا يجب إخراجها عنه، ولكنه يستحب.
5- لا يجوز إخراجها نقوداً، وإنما الواجب إخراجها طعاماً من قوت البلد.
6- السنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي وعدم نقلها إلى بلد آخر.
7- يجوز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، أول وقتها الليلة الثامنة والعشرين من رمضان. (للاستزادة يراجع مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله -: 4/91-104).
السحور:
قال -صلى الله عليه وسلم-: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور))[أخرجه مسلم[.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((تسحروا فإن في السحور بركة))[متفق عليه[.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((السحور أكلهُ بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين))[أخرجه أحمد وحسنه الألباني[.
وقد وضح الحافظ ابن حجر -رحمه الله- معنى بركة السحور بأنها: اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوّي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.
والسنة في السحور تأخيره، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة))[أخرجه الطبراني وصححه الألباني[.
وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: ((تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قمنا إلى الصلاة قلت: كم كان قدر ما بينهما قال: خمسين آية)) [أخرجه مسلم[.
وعند سحورك أخية تذكري حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم السحور التمر)) [أخرجه ابن حبان وصححه الألباني[.
الشكر:
إن من شكر الله -عز وجل- على نعمه عدم استعمالها في معصيته -جل وعلا- كالإسراف مثلاً...
وبالنظر إلى حال كثير من الناس نجد أنهم يستعدون لاستقبال شهر رمضان بشراء الكم الهائل من الأطعمة والأشربة مما لا يعرفونه في غير رمضان مع تقصيرهم في أداء شكر هذه النعم.
ومن النساء من يكون شغلها الشاغل في رمضان إعداد الأصناف المتنوعة لطعام الإفطار بما يفوق حاجة أهل البيت وقد يكون مصيره في نهاية الأمر إلى سلال المهملات.
والواجب الاعتدال في ذلك قال -تعالى-: ((وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبٌّ المُسرِفِينَ))[الأعراف: 31[.
وتذكري يا أخية أنه بالشكر تزيد النعم.
قال -تعالى- ((وَإِذ تَأَذَّنَ رَبٌّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [إبراهيم: 7[.
صيام الصغير:
احرصي أختي المسلمة على تشجيع أطفالك على الصيام منذ نعومة أظفارهم ليعتادوا عليه ويألفوه أسوة بالصلاة.
حتى إذا بلغوا الحلم ووجب عليهم الصيام لم يشق عليهم ذلك.
ولك مع السلف الصالح أسوة حسنة.
فقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كما ورد في الصحيحين -يُصوِّمون صبيانهم الصغار ويجعلون لهم اللعبة من العهن- أي الصوف- فإذا سألوهم الطعام، أو بكى أحدهم على الطعام أعطوهم اللعبة تُلهيهم حتى يتموا صومهم.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن في ذلك حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام.
ومن المسائل المهمة المتعلقة بصوم الصغير: أنه لو بلغ في أثناء نهار رمضان أو أكمل خمسة عشر عاماً عند الزوال وهو صائم ذلك اليوم أجزأه ذلك، وكان أول النهار نفلاً وآخره فريضة. (مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-: 4/159 بتصرف).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد