كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثالاً عاليًا للوفاء ورد الجميل لأهله، فقد كان في غاية الوفاء مع زوجته المخلصة خديجة- رضي الله عنها -، في حياتها وبعد مماتها، وقد بشرها - صلى الله عليه وسلم - ببيت في الجنة في حياتها، وأبلغها سلام الله - جل وعلا -، وسلام جبريل - عليه السلام -، فعن أبي هريرة - رضي الله عنها - قال: أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ - عليها السلام - من ربها، - عز وجل -، ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
وتذكر عائشة - رضي الله عنها - وفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لخديجة بعد وفاتها بقولها: (ما غرت على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطّعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: «إنها كانت وكانت وكان لي منها الولد ».
وأظهر - صلى الله عليه وسلم - البشاشة والسرور لأخت خديجة لما استأذنت عليه لتذكٌّره خديجة، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك، فقال: «اللهم هالة بنت خويلد» فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرًا منها ، وأظهر - صلى الله عليه وسلم - الحفاوة بامرأة كانت تأتيهم زمن خديجة وبين أن حفظ العهد من الإيمان.