الشيخ المجاهد عز الدين القسام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

* الشيخ عز الدين القسام مولده وحياته.

* فلسطين قضية كل مسلم.

* الإسلام والكفاح المسلح الطريق الصحيح لتحرير فلسطين.

 

القسَّام الرائد:

بعد عشرات السنين من استشهاد الشيخ المجاهد عز الدين القسام على أرض فلسطين المباركة نجد أنفسنا نكتشف أن الطرح الصحيح للقضية هو ما طرحه ومارسه عز الدين القسام (الإسلام والكفاح المسلح)، بل نجد أن تجربة عز الدين القسام \"وهو علم الدين - السوري المولد - المكافح ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا - الراغب للجهاد ضد احتلال الطليان لليبيا - الرابط بين الكيان الصهيوني والاحتلال الإنجليزي - الذي يحرك الجماهير من خلال الإسلام - المنظم لخلايا الكفاح المسلح..\" نجد أن تلك التجربة تكشف عن فهم كل العوامل الأصيلة والمعاني الصحيحة في القضية الفلسطينية.

ترى كيف امتلك عز الدين القسام هذه الرؤية الصحيحة، وأين تعلمها، وكيف صاغها فكراً وممارسة؟ إنها عبقرية رجل الدين المجاهد، إنها عبقرية عز الدين القسام.

 

مولده وحياته:

ولد عز الدين القسام في قرية الأدهمية التابعة لمدينة اللاذقية بسوريا سنة 1882م، ووالده هو عبد القادر مصطفى القسام من علماء الأزهر الشريف، ووالدته هي حليمة قصاب من بيت نور الدين حملة العلم الكرام، تعلم عز الدين القسام في زاوية الإمام الغزالي بالقرية، وحفظ القرآن الكريم والقراءة والكتابة، ثم الفقه، وسافر سنة 1896م إلى مصر ليدرس بالأزهر الشريف، حيث قضى بالأزهر دارساً لمختلف العلوم الشرعية حوالي عشرة سنوات، ثم عاد إلى سوريا سنة 1906م بعد أن حصل على شهادة الأهلية، وبعد عودته إلى مسقط رأسه في سوريا اشتغل بالتدريس، وتولى الخطابة في مسجد المنصوري بالقرية.

وعندما اندلعت الحرب في ليبيا سنة 1911م وحاول الإيطاليون احتلالها هب الشيخ المجاهد عز الدين القسام للدعوة للجهاد في ليبيا إدراكاً منه أن الدفاع عن أي بلد إسلامي واجب شرعي على كل مسلم، وبالأخص على علماء الدين، واستجاب له الكثيرون في سوريا، فاختار منهم 250 متطوعاً، وأعدهم للسفر إلى ليبيا عن طريق الإسكندرية للمشاركة في الجهاد ضد الطليان، ولكن السلطات في سوريا في ذلك الوقت منعته ومن معه من السفر.

وعندما اندلعت الثورة السورية الأولى ضد الاحتلال الفرنسي سنة 1919م كان عز الدين القسام في طليعة دعاتها وقادتها، والمجاهدين بأنفسهم فيها.

وعندما ظهرت الملامح الأولى للغزوة الصهيونية على فلسطين أدرك عز الدين القسام أن تلك الغزوة أخطر وأشد حلقات التآمر الصليبي اليهودي على العالم الإسلامي، وأن للجهاد في فلسطين الأولوية الأولى على كل القضايا رغم أهميتها جميعاً، وعبر بذلك عن البادرة الأولى في وعي الأمة بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة الإسلامية، فتوجه سنة 1920م إلى فلسطين مصطحباً معه مجموعة من الشباب السوري المجاهد، واتخذ من مدينة حيفا مقراً له، وبدأ عز الدين القسام من حيفا في العمل على نشر الوعي الجهادي بين جماهير فلسطين، والتنبيه المبكر على خطورة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقام الرجل بإلقاء الخطب في المساجد أو في المناسبات الاجتماعية كالأفراح أو الاجتماعات أو غيرها، كما أسس المدارس، وفصول محو الأمية، وتعليم الصغار، وأسس جمعية الشبان المسلمين في فلسطين لتكون أداة في المواجهه على مستوي الوعي والتعليم والجهاد، ثم شكل الشيخ عز الدين القسام تنظيماً مسلحاً اختار عناصره من الفلاحين والباعة الجائلين والصناع، وقام هذا التنظيم بالعديد من العمليات الفدائية ضد المستوطنات الصهيونية، وضد الاحتلال الإنجليزيº إلى أن أستشهد الرجل في إحدى العمليات ضد القوات الإنجليزية مع اثنين من المجاهدين هما الشيخ يوسف الزيباوي، وعطيفة المصري يوم 20 نوفمبر سنة 1935م، وكان لاستشهاده وكفاحه ودوره في نشر الوعي والثورة أثر هام في اندلاع الثورة الكبرى في فلسطين سنة 1936م، واستمر التنظيم الذي شكله القسام يقوم بالعديد من العمليات الفدائية ضد اليهود والإنجليز بعد استشهاد الشيخ عز الدين القسام.

 

فلسطين هي القضية المركزية لأمة الإسلام:

لماذا ترك عز الدين القسام ساحة الجهاد في سوريا ضد الاحتلال الفرنسى، وقد كان أحد قادة ثورة 1919م وهي الثورة السورية الأولى، لماذا ترك موقعه الجهادي هنا إلى موقع آخر في فلسطين؟! أليس هذا إدراكاً مبكراً بأن جوهر الجهاد وأهم مواقعه هو بالتحديد على الساحة الفلسطينية، باعتبار أن أخطر وأهم فصول التآمر الصليبي اليهودي هو بالتحديد على أرض فلسطين، وأن على أرض فلسطين يتحدد مصير الصراع الطويل بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، أليس هذا وعياً مبكراً بأن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى والأهم، وهي القضية المركزية للأمة الإسلامية، ولذلك فضل الرجل أن يواجه التحدي الصليبي الغربي والتحالف مع اليهود في المكان الصحيح، وفي الموقع الجوهري للصراع، وبذلك يكون عز الدين القسام السوري المولد والنشأة قد طرح وحفر بجهاده على أرض فلسطين أهم حقائق هذا العصر وهو جوهرية الصراع في فلسطين، وكون القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى، وفضلاً عن هذا المعنى الهام فإن جهاد عز الدين القسام على أرض فلسطين يؤكد أهمية الجهاد في كل موقع يتعرض لخطر العدوان، ولعل هذا درس بليغ لكل المجاهدين الذين تركوا القضية الجوهرية \"فلسطين\"، وراحوا يجاهدون في قضايا أقل أهمية.

 

الإسلامية والكفاح المسلح - الجماهير الكادحة:

تعلم الجميع - ولكن بعد وقت طويل ضائع - أن عز الدين القسام قد وصل إلى لب المنهج الصحيح للمواجهة، فالذين تحركوا تحت شعارات مختلفة من وطنية وقومية وماركسية وغيرها قد فشلوا جميعاً في تحريك الجماهير، ووصلوا بالقضية إلى أسوأ حالاتها، أو سقطوا جميعاً إلا من رحم ربك في مستنقع التفاوض الآسن، ومنذ اللحظة الأولى وضع عز الدين القسام يده على الطريق الصحيح لتحريك الجماهير (الأيدلوجية الإسلامية) وهي الوحيدة القادرة على المواجهة والحشد، لأنها عقيدة الجماهير، وبسبب طبيعة التحدي باعتباره صراعاً حضارياً بين الإسلام والغرب المتحالف مع اليهود، صراعاً يمتد في الزمان والمكان في الجغرافيا والتاريخ، ولقد وعى الشيخ عز الدين القسام ذلك الارتباط بين اليهود الصهاينة باعتبارهم طليعة استعمارية عنصرية تستهدف أمة الإسلام وليس فلسطين وحدها، وبين الاستعمار الإنجليزي الوجه الآخر للتآمر الصليبى، وبالتالي فهم أنه لا طريق لمواجهة هذا التحدي الحضاري إلا بالإسلام وبالكفاح المسلح، لأنه ليست هناك أرضية للالتقاء وبالتالي فلا مجال للمفاوضات والحلول الوسط، ووصل الرجل إلى الأسلوب الصحيح للمواجهة، أما هؤلاء الذين فقدوا خيار الإسلام أو خيار البندقية فمازلت سقطاتهم تتوالى، ومازالت الكوارث على فلسطين وعلى الأمة تتوالى بسببهم.

كان عز الدين القسام يدرك أيضاً أن الجماهير الكادحة هي القادرة على الجهاد والمواجهة، فتوجه الرجل بخطابه إليهم، وعاش بينهم، وشكل تنظيمه المسلح منهم، أما الأسر الإقطاعية فقد كان يدرك عدم جدواها، وعدم قدرتها على الكفاح المسلح، وهكذا طرح عز الدين القسام الشعار الخطير وهو (المسلمون الكادحون على طريق الكفاح المسلح).

ولم يغفل الشيخ عز الدين القسام الجوانب الأخرى في حركته، فمارس النضال السياسي كجناح آخر من أجنحة الحركة، ومارس التعليم، ومحو الأمية، وألف لجاناً للدعوة والدعاية، وبحلول عام 1935 كان عز الدين القسام قد نجح في تشكيل خمس لجان داخل تنظيمه هي (الدعوة والدعاية - التدريب العسكري - التموين - الاستخبارات - العلاقات الخارجية).

هل كان عز الدين القسام يحلم بالانتصار ووقف الهجمة ودحرها؟! بالطبع لا، ولكنه كان يدرك أن ظروف الأمة وظروف الهجمة لا تسمح إلا بحفر رافد للمنهج الصحيح من خلال الدم، رافد للوعي والثورة، رافد للإسلام والجهاد، يمكنه أن يكون أساساً للبناء حتى لا تتوه معالم الطريق الصحيح، فتضيع القضية برمتها.

صحيح أن الشيخ عز الدين القسام طلب من مفتي فلسطين في ذلك الوقت أن يعلن الثورة المسلحة في الجنوب في نفس الوقت الذي يعلنها فيه الشيخ عز الدين القسام في الشمال، ولكن المفتي رفض، ومع ذلك أي برغم الرفض الذي يعني بداهة أن إعلان الثورة في الشمال سيفشل حتماًº استمر الشيخ عز الدين القسام، وأعلن الثورة في الشمال رغم إدراكه بفشلها الحتمى، ولكنه أراد أن يخط ويحفر بدمه رافداً عميقاً للتوجه الصحيح، ونبعاً أصيلاً ونبراساً للمستقبل، واستشهد الرجل مع رفاقه الذين قتلوا أو أسروا، ولكنه كان بالفعل قد وضع الطريق الصحيح، وقطع الطريق الخطأ الذي يمكن أن يضيع القضية برمتها وإلى الأبد، وبعد ستين عاماً نجد أن كتائب عز الدين القسام هي نفسها التي تحمل عبء المواجهة، وطريق عز الدين القسام هو الطريق الذي اختاره أبناء فلسطين \"الإسلام والثورة والكفاح المسلح\" في زمن سقط فيه الكثيرون في مستنقع التعايش مع اليهود.

كان عز الدين القسام يدرك حقيقة تفاؤل المستقبل رغم يأس المرحلة، وكان يعرف أن الاستشهاد هو مفجر الوعي، وأن الحسابات لا ترتبط باللحظة الآنية بل تنظر بعين المستقبل، كان عز الدين القسام قد انتصر في الحقيقة حين استشهد، ونجح حين توقفت انتفاضته سنة 1935م.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply