المرابطون يفتحون غرناطة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 
10 رجب 483هـ ـ سبتمبر 1090م:

كان حكم ملوك الطوائف في الأندلس نكبة على المسلمين هناك بكل المقاييس، فقد كان أمراء الطوائف منهمكين في اللذات والشهوات، غير مبالين بالشرع وأحكامه، مترفين مجرمين منحلين، وهذه الخصال الذميمة دفعتهم لمهادنة ملوك إسبانيا النصارى، والصغار لهم، ودفع الجزية لهم، وهذا شجع ملك إسبانيا ألفونسو السادس لأن يشن حرباً صليبية كبيرة في إسبانيا تحت مسمى حرب الاسترداد, واستطاع أن يستولي على طليطلة عاصمة القوط القديمة سنة 476هـ([1]).

أفاق ملوك الطوائف السكارى من غفلتهم، واستنجدوا بأمير الدولة المرابطية «يوسف بن تاشفين» الذي لبى النداء، وعبر بجيوشه الجرارة, وكانت وقعة الزلاقة الشهيرة سنة 478هـ، ولما تمت المهمة عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب ولكن ما لبث أن أرسل إليه أمراء الطوائف يطلبون منه النجدة مرة أخرى سنة 481هـ للتصدي لعدوان «ألفونسو السادس», ولبى يوسف النداء مرة أخرى، وعبر لنصرة المسلمين، ولكنه هذه المرة رأى من خذلان أمراء الطوائف، وتنازعهم فيما بينهم، واستهتارهم بالشرعº ما يجعله يتأكد من أن هؤلاء الأمراء هم سبب نكبة الأندلس، وتسلط النصارى عليهم.

لم يمض سوى عام واحد حتى قرر يوسف بن تاشفين العبور للأندلس مرة أخرى من أجل غاية عظيمة وهي إزالة دولة ملوك الطوائف، وتخليص المسلمين من ظلمهم وفسادهم، خاصة بعدما جاءته الفتاوى من علماء المشرق مثل الغزالي والطرطوشي، وعلماء المغرب والأندلسº بوجوب إزالة هذا الحكم الظالم الجائر، وقد رفعت له مخابراته بالأندلس أن أمير غرناطة «عبد الله بن بلقين»، وأمير إشبيلية «المعتمد بن عباد»º قد اتصلا بملك الصليبيين ألفونسو السادس، وعرضا عليه الدخول في طاعته، ودفع الجزية له، والتعاون معه ضد المرابطين المسلمينº وهي خيانة عظمى للإسلام والمسلمين بكل المقاييس.

عبر يوسف بن تاشفين إلى الأندلس سنة 483هـ، وقد قرر البدء بفتح غرناطة في جنوب الأندلس ذلك لأن أميرها عبدالله بن بلقين كان أول من شهد الخلاف على المرابطين, واتصل بالصليبيين، وقطع المؤن عن الوحدات المرابطية الموجودة بالأندلس منذ فتح الزلاقة، وقام بتحصين غرناطة تحصيناً شديداً, وكتب لألفونسو يتذلل ويتضرع له من أجل معاونته ضد المسلمين، لكن لهذه الأسباب قرر يوسف البدء بغرناطة، وقد أرسل فقهاء غرناطة ليوسف يطلبون منه فتح البلد وإزالة حكم الطاغية ابن بلقين، فنزل يوسف بجيوشه الكبيرة، وضرب حصاراً شديداً على المدينة حتى لا يأتيها مدد من النصارى، وطاول ابن بلقين في الأمر رجاء أن يأتيه مدد النصارى ولكنه تماماً مثل الإنسان الذي خدعه الشيطان وقال له اكفر فلما كفر قال: إني بريء منك، وضاقت عليه الدنيا, وفي النهاية سلّم المدينة للمرابطين في 10 رجب 483هـ، وهذا الفتح كان بداية سقوط حكم ملوك الطوائف بالأندلس, وما أسوأه من حكم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply