كيف يمكننا الخروج من إطار التفكير السلبي ؟


بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلنا يقع في فخ التفكير السلبي سواء عن إدراك منه أو عدم إدراك، ويعتبر التفكير السلبي من أهم عوائق توليد الأفكار لأنه عائق داخلي يتطلب جهد مستمر في ممارسة الإيجابيات المعاكسة للتغلب عليه.

 

تفهم ألفاظك التلقائية

الألفاظ التلقائية، هي الألفاظ التي اعتدت على ترديدها والتفوه بها دون جهد في التفكير ويمكن أن نصفها بأنها \"سيل من الأحكام والتعليقات التي يطلقها اللاوعي لديك وفي كثير من الأحيان تأتي من غير ترابط\". لا تجعلها تتمكن منك، اضبطها قدر الإمكان وخاصة في مواقف النقد والمحاكمة، ولا تنس أنها تفوت عليك الاستماع إلى حديث قد يحمل الكثير من الفائدة. أنت جالس مع أحدهم تتجاذبون أطراف الحديث، طُرح أحد المواضيع الهامة، وفي الحال ينطلق لسان الحال: \"آه هذا لن يجدي نفعاً، لا أمل، هم لا يصغون لأفكاري، إنهم يريدون أن ينفقوا كل هذه الأموال على المشروع بالرغم من أنهم لا يعرفون كل أبعاده... بمناسبة الحديث عن المال تذكرت، هل حان موعد الدفع لفواتير الكهرباء والماء والهاتف؟، آه الهاتف، لقد اتصل بي صديقي ولم يجدني ونسيت أن أعاود الاتصال سأتصل به حالما أعود إلى البيت. أوه البيت، ترى هل وصلت الشغالة التي اتفقت معها البارحة لتنظيف المنزل؟...

 

والآن ماذا صدر عنك من أقوال؟ إن كانت قد صدرت بصوت مرتفع، فقد أصبحت مدعاة لاستخفاف الآخرين، وإن كنت ترددها في نفسك فقد أدخلت نفسك في دائرة من التشويش لا يمكنك معها الاستمرار مع الحاضرين في نقاشهم حول الموضوع المطروح.

 

 لا تقل \"ولكن\" بل قل \"و.. \".

   هل توقفت يوماً مع كلمة \"ولكن \" التي نقولها في اليوم عدد لا يحصى من المرات؟ \"أتمنى لو أصطحبك ولكن... \"، \"أحب أن ألعب الشطرنج ولكن... \"، \"يمكنني مساعدتك ولكن... \"، \" أنت محق فيما تقوله، ولكن... \"

 

 ركام لا ينتهي من العوائق...

 

وتفيد هذه الكلمة الاستثناء، نفي الإيجاب أو جزء منه

 

لنجرب الحالات السابقة باستبدالنا \"ولكن بـ \"و\":

 

\"أتمنى لو أصطحبك ولدي بعض الأعمال\" من المحتمل أن تستطيع القيام بالأمرين معاً، \"أحب أن ألعب الشطرنج وسأشتري واحداً\"، \"يمكنني مساعدتك وسأحاول المجيء حالاً\"، \" أنت محق فيما تقوله، ومن جهة أخرى... \" هل ترى كيف تحولت المواقف من السلبية إلى الإيجابية؟ هي لم تتحول لفظاً فقط، بل تحولت مشاعرك تجاهها أيضاً.

فكّر بشكل محيطي

التفكير المحيطي هو عكس التفكير العمودي أو تفكير الاتجاه الواحد، وهو يساعدك في تحاشي فخ المنطق الذي تحدثنا عنه في الحلقة السابقة من توليد الأفكار. يقول خبير التفكير المحيطي \"إدوارد بونو\" واصفاً هذين النوعين من التفكير: \"إن التفكير العمودي الذي يبدأ من مفهوم واحد ويستمر ليصل إلى الحل من خلال هذا المفهوم هو أشبه بحفر بئر نفط والتعمق فيه أكثر فأكثر لوصول إلى النفط، بينما يكون التفكير المحيطي الذي يقوم على النظر إلى المشكلة بعدة طرق متغايرة قبل التوصل إلى حل أشبه بحفر عدة آبار للوصول إلى النفط المطلوب.

 

ما رأيك أنت؟ باعتقادك كيف يجدون النفط؟ بالطبع لن يساعد التعمق في الحفر إذا لم يكن النفط موجوداً أصلاً في المنطقة المحفورة، إلا أن القيام بحفر عدة حفر في المنطقة المشكوك بوجود النفط فيها، سيعطيك فرصة أفضل في الحصول على ما تريد. قم بمحاولة لتطبيق التفكير المحيطي في حل مشكلتك.

 

أصغ إلى ما لا تقوله القواعد

غالباً ما ينطلق تفكيرنا لحل إحدى الأحجيات نحو طريقة \"الاتجاه الواحد\". لنأخذ مثلاً لعبة النقاط التسع: أمامك في الرسم التالي تسعة نقاط على ثلاث خطوط متوازية، مهمتك أن تقوم برسم أربعة خطوط مستقيمة تمر بجميع هذه النقاط دون أن ترفع القلم عن الورقة، يمكنك أن تبدأ من أي مكان وتنتهي في أي مكان، ولكن يجب أن يتصل كل خط جديد مع سابقه.

  . . .

 

  . . .

 

  . . .

 

إذا أصغيت لما لا تقوله القواعد فستتمكن من وصل النقاط التسع بالشروط المطلوبة كالتالي:

 

لم يقل لك أحد أن لا تخرج عن محيط المربع الذي تتواجد فيه النقاط. من الممكن أن تكون قد شعرت بالارتباك لأنك ألزمت نفسك بالمربع ولم تفكر بالخروج منه، وهذا ما عليك أن تنتهجه دائماً في تفكيرك.

 

كن إيجابياً في حديثك مع نفسك

اجعل حوارك مع النفس حواراً إيجابياً، وإياك والعبارات المحبطة: \" أنا لا أجيد هذا العمل\"، \"لم يسبق وأن نجحت أي فكرة من أفكاري\"، \"كم هو بغيض أن تكون في موقف كهذا\"، \"في حياتي لم أتقن عملاً\"، \"لا يمكنني الاستمرار\"، \"أنا غاضب\" \"هذا يثير سخطي... \". انظر إلى مجموعة الكلمات السلبية المتراكمة: \"بغيض، لا، لا يمكن، لا أجيد، لم يسبق، في حياتي لم...، سخط... \"ركام من المؤثرات السلبية...

 

والآن جرّب مع العبارات الإيجابية:

 

 \"فكرتي قوية وذات فائدة\"، \"أنا جاهز للعمل ومتحمس لأدائه\"، \"أنا عاقد العزم \"، \" أنا متفائل\"، \"سأجد نتيجة عملي ولو بعد حين\"، \"وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان\"، \"إن لم تنجح هذه التجربة فستنجح أخرى\"، \"إن مع العسر يسرا\"...

هل لمست الفرق؟

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply