مفهوم الأدب الإسلامي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأدب بصفة عامة لون من ألوان الفنون، وهو أكثرها شيوعاً وتأثيراً وشعبيةº لأنه يضم الشعر وأنواع النثر الفني كالقصة والمسرحية والمقالة والمخاطرة وترجمة الحياة وغيرها، وعلى الرغم من اختلاف التعارف التي وضعت للأدب في مختلف العصور، إلا أننا نستطيع أن نستخلص منها سمات أساسية للعمل الفني الأدبي، فهناك (الصورة الفنية) المؤثرة التي تتشكل من عناصر عدة أولها اللغة المنتقاة، حيث تؤدي اللفظة الموحية المؤثرة وظيفة خاصة مميزة، هذه اللفظة لا تقوم بذلك وحدها، ولكن بارتباطها العضوي مع باقي الألفاظ في نسق معين، وبما تعكسه من فكرة، وتثيره من خيال، وبما تحركه من عاطفة، وتولده من اندماج، فالصورة الفنية تكاد تكون تجربة حية يحدث فيها نوع من التمازج بين الأديب والملتقى، ولوناً من ألوان الحوار الحار، والتفاعل الخصب، تلك التجربة الحياتية في إطار هذه الصيغة الفنية تبدو جديدة شيقة، وتكشف الكثير عما غمض في حياتنا العامة، وعلاقاتنا العديدة المتشابكة، وتضفي على وجودنا ثراء ومعرفة ومتعة، ومن الوهم أن نتصور أن هذا الأثر الجمالي هو كل شيء، إنه وثيق الصلة بنفوسنا وحركتها، وبعواطفنا وتوجيهاتها، وبأفكارنا ونموها، وبأرواحنا وسموها، وإذا كان إحساسنا بالمتعة والجمال في حد ذاته أثراً إيجابياً، إلا أنه يظل فرد النزعة، محصور الطاقة، محمود الفاعلية، إلا إذا حرك في داخلنا البحيرات الراكدة، وأشعل النيران الخامدة، فانطلقنا إلى مواقف جديدة، وبدأنا الرحيل إلى آفاق وعوالم أكثر حيوية ودفئاً وحاولنا أن نتفيأ ظلال واقع يمور بالحركة والتطلع، وتلك هي الإيجابية بمعناها الواسع الصحيح، فالمتعة المجردة الساكنة المنطوية، تحمل في ثناياها على نفسية تمضي بصاحبها إلى الانطواء والعزلة وأحلام اليقظة العليلة.

 

ولقد حاول الدارسون أن يجعلوا من الأدب مضموناً وشكلاً، وعلى الرغم من صعوبة الفصل بين الشكل والمضمون، إلا أن هذا التبسيط أو التصور يبدو ضرورياً في بعض الأحيان توارثناه عن الفلسفات القديمة التي تحاول التجزئة أو التشريح من أجل الوصول إلى إدراك أوضح للأمور المعقدة، والمسائل التجريدية، ألا يمكن أن يكون في الفكرة نفسها جمال من نوع ما، ثم ألا يوحي الشكل أو الصورة الأدبية المركبة بطريقة فريدة، ألا توحي بانطباعات وتصورات تساهم في اكتمال المعنى، وبلورة الفكرة، وتجسيد المفاهيم؟ ومع ذلك فإن هذا التقسيم للعمل الأدبي إلى شكل ومضمون يبدو ـ كما ألمحنا ـ ضرورة، وليس أدل على ذلك من أن جميع المدارس الأدبية، تحاول أن توضح جذورها الفكرية والفلسفية، أو تترجم تصوراتها عن الإنسان والكون والحياة إلى وقائع في القصة أو الرواية أو العمل المسرحي، بل وفي الشعر أيضاً، وتجعل من شخصيات العمل الدرامي بالذات نماذج معبرة ـ في حوارها وسلوكها وعلاقاتها ـ عن المضامين الفلسفية التي تؤمن بها أو تروج لها.

 

ولقد كان لتقسيم الأدب إلى عنصري الشكل والمضمون أثر سلبي لا يمكن تجاهله، فلقد احتفى بعض الأدباء احتفاءً زائداً بالفكرة على حساب الشكل الفني، فاختلت الموازين الفنية، وضعف التأثير، وقلت المتعة، وكان ذلك واضحاً أشد الوضوح (الآداب الموجهة) ـ بفتح الجيم وتشديدها ـ فتحول الأدب إلى نشرات سياسية، تنطق باسم حزب من الأحزاب، أو شعارات طنانة تهتم وتهتف باسم زعيم من الزعماء، أو أبواقاً إعلامية تتغنى بمجد حكومة من الحكومات، وتوارت القيم الفنية، فتعطلت وظيفة الأدب الأساسية في السمو بالأرواح والأذواق، وفقدت الأفكار حيويتها وجاذبيتها، وتضعضعت القيم الإبداعية، وأصبح الأدباء في ذيل الموكب للحاق بركب المنفعة، ولم تعد لهم الريادة والقيادة، فلم يكن غريباً أن تتدهور آدابنا المعاصرة، وتتمرغ في أوحال الذلة والهوان.

 

وهناك فئة أخرى من الأدباء المعاصرين، حاولوا الإفلات من جحيم الحصار والقهر، فاحتموا بغابات الإبهام والغموض السوداء، وأغرقوا في الرمز والهروب حتى يحافظوا على نقائهم الفكري، وقيمهم الإبداعية، فتقوقعوا في عالم خاص بهم، وأداروا الحوار الخاص بينهم وبين أنفسهم، ففقدوا الصلة المقدسة التي تقيم العلاقات بينهم وبين الآخرين، ولم يعد لهم التأثير المأمول في حركة الحياة، وتحريك العواطف، واتخاذ المواقف، وقد عبر أحد الشعراء المحدثين عن هذه المأساة بقوله (1):

 

 ((شاعركم جبان

يخاف من ترجمة الإفصاح  

 

لذا تراه يختفي خلف حلكة العبارة

 

ينسجها من أغرب الرموز

 

 يملؤها بالليل والأشباح

 

 وكل قطعة تلوح كالمغارة

 

 مغلقة على عجائب الكنوز))

 

إن الغموض والإبهام ساد الآداب المعاصرة أمر مخيف بالنسبة للحاضر والمستقبل، إنه ضرب من الشذوذ وقد أصبح قاعدة، بل فلسفة يٍ,روج لها النقاد في مختلف الأنحاء ويعتبرونها معيار الحداثة والإبداع، فإذا الحياة المعقدة في الغرب، والخواء الروحي، والتخمة المادية، والنمط الميكانيكي للحركة اليومية، والتفكك الأسري، وطغيان الفردية، والفوضى الفكرية والسلوكية تحت شعار الحرية، والأمراض النفسية الفتاكة، إذا كان هذا كله قد أفرز في الغرب آداباً وفنوناً معتلة، فما معنى أن نختط لحياتنا في الشرق تصوراً شبيهاً لما يجري في هذا الغرب؟؟ أيمكن القول: إن السلطة القاهرة الجائرة قد خلقت جوًّا مناسباً شبيها لما يجري في الغربº لقد أشرنا فيما سبق إلى فئة من الأدباء تحت ذلك المنحى، وتوفرت لديها مبررات كافية للإغراق في الغموض، لكن البناء النفسي للشعوب الإسلامية، وطبيعة تكوينها ومثلها العقائدية والاجتماعية يمكن أن تقيها شر هذا الفساد، ولا بد أن نجهز على الفكرة القائلة بأن الإبداع هو الغموض، والصور الفنية المبهمة التي تتدفق من تيار الوعي والأوعي، فمسؤولية الكلمة ـ إن كنا نؤمن بها ـ تقتضي الوضوح دون إهدار للقيم الفنية الجمالية..

 

ولنتوقف عند هذه النقطة الجوهرية، فالقرآن ـ قمة البيان ـ وصورة الأدب الخالدة واضح ميسر (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) (القمر: 17) فالكلمة رمز يحمل رسالة ما، هذا في المجال العام، لكن هذه الرسالة ـ في المجال العلمي ـ محدودة، ولا تحتمل التأويل، ولا تحفل بقيم جمالية، لكنها في مجال الأدب تتوقد حيوية وإثارة، وتتسم بالجمال والمتعة، فالكلمة وسيلة، بل اللغة كلها وسيلة، وبالإضافة إلى ذلك فهي من وجهة النظر الإسلامية مسؤولية، يخضع مبدعها للحساب، كالفعل تماماً، وتتحدد المسؤولية بداهة فيما تحمله الكلمة من معنى، وما تخلفه من انطباع أو تأثير، فقد ربطت المسؤولية بين مبدع الكلمة ومتلقيها وبالتبعية الحركية (أو الديناميكية) التي تشعلها الكلمة أو تغرسها في نفس وروح وفكر الآخرين، وقد يظن ظان أن المسؤولية هنا مع الغموض، فالرسالة المبهمة عبث، ولكن الواقع غير ذلك إذا أن (الصورة الفنية) الغامضة قد تنقل إلى ذهن المتلقي وروحه اضطراباً أو تحركاً أعمى، أو انفعالاً طائشاً بلا فهم أو هدف، ولا يتولد عنها إلا التمرد العشوائي، أو الرفض الجنوني، هذا الانطباع المختل، أو الأثر المشتت يعد خروجاً على النسق البديع الذي تشربناه مع قيم الإسلام ومبادئه، وخلاصة الأمر أن المسؤولية تقتضي الوضوح، ولكنها لا تتعارض مع القيم الجمالية، وتقتضي الأثر الهادف البناء، كما لا تهدر المتعة، وإصرارنا على هذه النقطة بالذات مرتبط بأهمية اعتبار الأدب ضرورة حياتية تخص الناس جميعاً، وحق المنفعة والمتعة ميراث مشاع لمختلف المستويات، إن هناك معنى يريد أن يعبرعنه الأديب ولن تتوافر للتعبير عوامل النجاح ما لم يكن مفهوماً وقادراً على جلب المتعة والمنفعة، وهذا التصور من ناحية أخرى يرتبط بقيم الصدق والأمانة، فإذا كان بعضهم في جزء من هذا العالم أو آخر يعاني من التيه والتخبط والحيرة، فلا معنى لأن نعالج أساه بمزيد من الآداب المضطربة، المبهمة، التي تزيد من أساه، وتؤكد عذابه، وتنقل إليه مزيداً من الحيرة، وإلا كنا كما قال الشاعر(وداوني بالتي كانت هي الداءُ).

 

لكن هل الغموض ضرورة عصرية، تترجم عن عصر أوغل في البذاءة والضلالة؟ ليكن.. إنها قد تقدم أعراضاً لمرض العصر، لكن أين موقف الأديب القادر على المساهمة في صنع حياة أفضل وأجمل؟؟ وإذا كان الأديب يعبر عن الحياة خلال نفسه وفكرة، ويبدع لها صورة مؤثرة أخاذة ترتبط بذاته وخصوصياته، فتبدو متفردة جديدة، تضيف إلى عالم المتلقي كائنات وعلاقات وانفعالات مستحدثة جذابة، فلا بد أن يكون الهدف من وراء ذلك تفجير طاقات بناءة في داخل الإنسان، وإشعاره بالرضى والإمتاع، وإثراء وجوده بحيوات أخرى قد لا تتيسر له في واقع الحياة التي يعيشها، وهكذا لا يقعد به الخيال كسيراً كسيحاً، بل ينهض به إلى آفاق أسمى وأروع، وبذلك تتوقف الطاقات الإنسانية وتتحفز، وتلعب دورها الفعال في صنع حياة أفضل، ولا يتيسر ذلك إلا من خلال تصور صحيح للإنسان والكون والحياة، والعلاقات التي تنسق مسيرة المخلوقات، والقيم الأصلية التي ترسخ خطى السائرين في طريق الخير والنماء والحق والحرية والجمال الأدب الإسلامي أدب مسؤول، والمسؤولية الإسلامية التزام، نابع من قلب المؤمن وقناعاته، التزم تمتد أواصره إلى كتاب الله الذي جاء (بلسان عربي مبين) ولا يصح أن ننخدع بالتزام الوجوديين وغيرهم (فسارتر) يقرر أن حريته تبدأ عندما (يموت) الإله ـ والعياذ بالله ـ لأن فلسفته تقوم أساساً على رفض الأديان والقيم والأعراف السابقة، أي أن التزامه يبدأ بعدم الالتزام بأي قيم سابقة، وبالطبع فقد أصبح كل وجودي ـ وليس سارتر وحده ـ صاحب قيم جديدة يصنعها لنفسه وبنفسه، وهكذا أصبح التفتت شعاراً، ووجد في عالم الوجوديين أنبياء زائفون بعددهم، واستهوت البدعة هذه الفارغين واليائسين، واستمالت المتحللين من القيم والأخلاق والمبادئ، ولم لا وقد فهموا أن معنى ذلك هو قمة الحرية.

 

إن ارتباط الأدب الإسلامي بالمسؤولية النابعة من صميم الإسلام، يقي أجيالنا المحاصرة، من السقوط في براثن تيه الفلسفات التي تعد بالمئات، إن الفلسفة الوجودية مثلاً لم تعد فلسفة واحدة بل عشرات، وحتى مدرسة التحليل النفسي انقسمت إلى مدارس عدة، والمادية الجدلية تفرعت وتنوعت، وخاصة في مجال التطبيق والممارسة، وما كان بالأمس يعد فتحاً جديداً. بل ديناً حديثاً، أصبح الاستمساك به كفراً بواحاً، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم (.. إن يتبعون إلا الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً) (النجم: 28) وشتان بين الظن والحق.

 

وفي إطار هذا (الحق) ـ لا الظن ـ يتحرك الأدب الإسلامي، وسلاحه الكلمة الطبية (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء. تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) (إبراهيم 24 ـ 25).

 

يقول أحد النقاد المعاصرين: (علاوة على الدور المدرك للفن، هناك مغزاه التعليمي، ولكن الفن يثقف المتفرج (أو المتلقي) بطرقه الخاصة، إنه يؤثر أول ما يؤثر على إحساسناً، ويستحوذ على انفعالنا، ويطوقها.. فالفن الأصيل يكون دوماً أخلاقياً، ما دام قد أملته قناعة الفنان الروحية الحية، ليخدم الخير، ويكافح الشر..).

 

وحتى الشاعر نزار قباني يقول: (الأدب عبارة عن خنجر يغمده الشاعر في صدر الخرافات والعاهات، والانحرافات بكل أشكالها السياسية والاجتماعية.. ) (1).

 

الأدب الإسلامي إذن ليس أدباً مجانباً للقيم الفنية الجمالية، فهو يحرص عليها الحرص، بل ينميها ويضيف إبداعاته إليها، والتراث الجمالي العالمي ملكية شائعة كالدين والفلسفة والعلوم، لا يحتكرها شعب دون آخر، ولا تستحوذ عليها أمة دون باقي الأمم، على الرغم من اختلاف اللغات الفنية، وخصوصيتها في التعبير والاستعارة والمجازات المختلفة، ويبقى دائماً في الفنون الأدبية عناصر تكاد تكون لازمة لهذا اللون أو ذاك، فللشعر مثلاً موسيقاه وإيقاعاته وأخيلته، وللقصة أحداثها وعقدتها وشخصياتها، ولها بدايتها ونهايتها، وللمسرحية أشرا طها الزمانية والحوارية وجاذبيتها الدرامية الخاصة، وهذه كلها كما قلنا ميراث مشترك.

 

والأدب الإسلامي يحرص أشد الحرص على مضمونه الفكري النابع من قيم الإسلام العريقة، ويجعل من ذلك المضمون ومن الشكل الفني نسيجاً واحداً معبراً أصدق تعبير، ويعول كثيراً على الأثر أو الانطباع الذي يترسب لدى الملتقى، ويتفاعل معه، ويساهم في تشكيل أهوائه ومواقفه وحركته الصامدة أو المتدفقة إلى الأمام.

 

والأدب الإسلامي يستوعب الحياة بكل ما فيها، ويتناول شتى قضاياها ومظاهرها ومشاكلها، وفق التصور الإسلامي الصحيح لهذه الحياة، ولا يزيف حقيقة، أو يخلق وهماً فاسداً، أو يحابي ضلالاً، أو يزين نفاقاً، ويطلق نيرانه على شياطين الانحراف والقهر والظلم، ومن ثم ينهض بعزائم المستعفين، وينصر قضايا المظلومين، ويخفف من بلايا وأحزان المعذبين، ويبشر بالخير والحب والحق والجمال.

 

والأدب الإسلامي يعبر بصدق وأمانة عن آمال الإنسان الخيرة، ويتناول نواحي الضعف والتردد والانحراف فيه بتسليط الأضواء عليها لفهمها والشفاء منها، لا لمجرد تبريرها، أو التماس الأعذار لها، تصور الأدب الإسلامي للإنسان نابع من وصف الخالق للمخلوق (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (الملك 14)، وهو أمر يجب أن يحفل به الأديب المسلم، بعد أن قدمت الآداب الغربية ـ بل والشرقية أيضاً، نماذج شوهاء للإنسان، وجعلت من التشوه بطولة وحرية، وصنعت من التمرد الفاسد تحقيقياً للذات، وإعلاء لشأن المخلوق.

 

والأدب الإسلامي ليس (عبثيًّا)، ولا يمكن أن يكون كذلك فليست الحياة ولا قصة الخلق، أو دور القدر، ولا حادث الميلاد أو الموت ليس ذلك كله عبثاً (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً، وأنكم \'لينا لا ترجعون) (المؤمنون: 115)، وهذا لا ينفي عن الحياة أنها (متاع الغرور)، أو أنها (.. لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد.. ) (الحديد: 20)، إنها امتحان وتجربة ودار أعمال، خلقت لهدف وغاية، ورسم لها الخالق سنناً وشرائع ونظاماً وقيماً، والمؤمن ـ دون ـ يستطيع أن يستوعب دوره الصحيح في هذه الحياة، وأن يمضي على النهج الذي اختطته يد العناية الإلهية فيسعد وينجو ويفوز.

 

والأدب الإسلامي ليس قواعد جامدة، أو صيغ معزولة عن الحياة والواقع، أو خطباً وعظمة تثقلها النصوص والأحكام، ولكنه صور جميلة نامية متطورة، تتزيَّى بما يزيدها جمالاً وجلالاً، ويجعلها أقوى تأثيراً وفاعلية، ولا يستنكف هذا الأدب أن يبتكر الجديد النافع الممتع، فالحياة في تجدد وتطور، وكذلك الإنسان وأساليب حياته العملية والعلمية والترفيهية، على أن يظل أدبنا في نطاق القيم الإسلامية الأصلية، ملتزماً بجوهرها وغايتها.

 

والأدب الإسلامي أدب الضمير الحي، والوجدان السليم، والتصور الصحيح، والخيال البناء، والعواطف المستقيمة، لا ينجرف إلى انحراف نفسي، أو اعتلال شعوري، أو مرض فلسفي تفشت جراثيمه في الماء والهواء والفنون والأفكار والسلوكيات.

 

والأدب الإسلامي أدب الوضوح لا يجنح إلى إبهام مضلل، أو سوداوية محيرة قاتلة، أو يأس مدمر، فالوضوح هو شاطئ الأمان الذي يأوي إليه الحائرون والتائهون في بيداء الحياة المحرقة المخيفة.

 

والأدب الإسلامي لا يمكن أن يصدر إلا عن ذات نعمت باليقين، وسعدت بالاقتناع، وتشعبت بمنهج الله، ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية ومن ثم أفرزت أدباً صادقاً، وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام.

 

ذلك هو مفهومنا الشامل للأدب الإسلامي:

 

 · تعبير فني جميل مؤثر

 

 · نابع من ذات مؤمنة

 

 · مترجمٌ عن الحياة والإنسان والكون

 

 · وفق الأسس العقائدية للمسلم

 

 · وباعث للمتعة والمنفعة

 

 · ومحرك للوجدان والفكر

 

 · ومحفز لاتخاذ موقف والقيام بنشاط ما.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply