منهاج الفضائل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتب عبد الحميد بن يحيى الكاتب المولود سنة 60هـ رسالة يرسم للكتاب منهاج الفضائل التي تليق بمركزهم في توجه أخلاق المجتمع .

فقال بعد حمد الله والثناء عليه : (( أما بعد ، حفظكم الله يا أهل صناعة الكتابة ، وحاطكم ووفقكم وأرشدكم لقد جعلكم الله يا معشر الكتاب في أشرف الجهات ، أهل الأدب والمروءات والعلم والرزانة ، بكم تنتظم للخلافة محاسنها ، وتستقيم أمورها ، وبنصائحكم يصلح الله للخلق سلطانهم ، ويعمر بلدانهم ، لا يستغني الملك عنكم ، ولا يوجد كافٍ, إلا منكم .

وليس أحد من أهل الصناعات ، كلها أحوج إلى اجتماع خلال الخير منكم ، فإن الكاتب يحتاج أن يكون حليما في موضع الحلم ، فهيما في موضع الفهم ، مقداما في موضع الإقدام ، مِحجَاماً في موضع الإحجام ، لَيِّناً في موضع اللين ، شديداً في موضع الشدة ، مُؤثِراً للعفاف ، والعدل والإنصاف ، كتوماً للأسرار ، وفيًّا عند الشدائد .

فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب ، وتفقهوا في الدين ، وابدؤوا بعلم كتاب الله عز وجل والفرائض ، ثم العربية فإنها ثِقَافُ ألسنتكم ، ثم أجيدوا الخط فإنه حلية كتبكم ، وارووا الأشعار واعرفوا غريبها ومعانيها ، وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها ، فإن ذلك معين لكم على ما تسمو إليه هممكم ، ولا تضيعوا النظر في الحساب ، فإنه قِوَامُ كُتَّاب الخَرَاج .

ونزهوا صناعتكم عن السعاية والنميمة ، وما فيه أهل الدناءة والجهالة ، وإياكم والكبر والسٌّخفَ والعَظَمة ، وتحابوا في الله عز وجل في صناعتكم ،وتواصلوا عليها ، فإنها شيمة أهل الفضل ، وإذا ولِّي الرجل منكم ، فليراقب الله ، ولؤثر طاعته ، وليكن على الضعيف رفيقاً ، وللمظلوم منصفا ، فإن الخلق عيال الله ، وأحبٌّهُم إليه أرفقكم بعياله .

تولانا الله وإياكم يا معشر الطلبة والكتبة بما يتولى به السعداء ، فإن ذلك إليه وبيده ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply