موقع صحيفة \'يديعوت أحرنوت\' يرسم نجمة داود بخط كوفي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 يكاد يكون موقع صحيفة \"يديعوت أحرنوت\" الإسرائيلية هو الموقع الإعلامي اليهودي الوحيد الذي يقدم خدمة الأخبار باللغة العربية على الإنترنت. وتتميز المواقع اليهودية باللغة العربية بالندرة على شبكة الإنترنت، فمنذ فترة قريبة أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية موقعا تابعا لها يهتم بطرح القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي من وجهة نظر إسرائيلية بحتة.

لكن الذي يميز موقع صحيفة \"يديعوت أحرنوت\" أنه موقع إعلامي متجدد كل يوم من حيث المعلومات والأخبار، لأنه يعبر عن صحيفة يومية، وهو يعتبر النسخة العربية للصحيفة اليهودية \"يديعوت أحرنوت\" بالإضافة إلى موقع النسخة العبرية للصحيفة على النت.

ورغم أن الموقع لا يترجم جميع مواد الصحيفة الأساسية، لكنه يهتم بالمواد التي تتعلق بالصراع مع المسلمين وتتبع أخبار المقاومة داخل الأرض المحتلة، والأحداث التي تهم اليهود في بقية أنحاء العالم الإسلامي. مع بعض الأخبار المتنوعة في الكومبيوتر والاقتصاد والفن والصحة على شكل أخبار منتقاة.

وتكمن خطورة هذا الموقع من عدة نواحي:

أنه محاولة جريئة لاختراق الإعلام العربي والإسلامي بشكل عام، حيث إنه يقدم الخبر والمقال بصياغة إسرائيلية بحتة ولكنها بلكنة عربية يتذوقها الإعلام العربي ورواده! وهو الأمر الذي يجعل الآلاف من الزوار للموقع يقرؤون هذه المواد الإعلامية بنكهة إسرائيلية تحمل بين حروفها أهدافا معينة!، عدا عن جذب القراء من المواقع الإعلامية العربية عن طريق قوة الطرح وسرعة النقل وتنوع الخبر في موقع يتوقع القارئ العربي أن يجد فيه شيئا مختلفا عن المواقع العربية الإعلامية لطبيعة الصراع.

كسر الحاجز النفسي بين اليهود والعرب من حيث التطبيع الإعلامي ومتابعة وجهات النظر الإسرائلية في كثير من القضايا والمعضلات، من خلال المقالات المختارة لعدد من الكتاب الإسرائيليين ومن توجهات مختلفة يمينية ويسارية، لتوهم القارئ أنه أمام تنوع إعلامي حر ومحايد!

يتميز الموقع بأنه ينقل أخبارا هامة وسريعة وفيها تفاصيل دقيقة يفتقدها الإعلام العربي في كثير من مواقعه أو صحفه، وبالتالي خرج هذا الموقع عن كونه موقعا لصحيفة يومية، إلى موقع إخباري ينقل الخبر بلحظته وتفاصيله، وهنا مكمن القوة والخطر في نفس الوقت. فالقوة تكمن في نقل الخبر السريع بتفاصيل دقيقة لا تظهرها بقية المحطات الإعلامية، والخطورة تكمن في جذب القراء العرب لهذا الموقع تحت هذا الغطاء الجذاب من نقل الخبر السريع والمفصل، إضافة إلى التقارير والمقالات التي تحمل بين طياتها حربا نفسية أو عملية غسل مبرمجة للعقل العربي في قضايا كثيرة.

قام الموقع في الفترة الأخيرة بفتح المجال لاستقبال المقالات من القراء والزوار العرب، مما حدا بالكثيرين إلى التفاعل مع هذه الفكرة ونشر المقالات، ولا نتوقع من الموقع أن ينشر مقالا فيه تهجم على اليهود أو سياستهم، بل إن جميع المقالات التي يتم نشرها إما أنها تدعو للسلم والسلام أو أنها تنتقد المواقف العربية والفلسطينية!

المحتوى الإعلامي الذي يقدمه الموقع تتم صياغته بأسلوب إعلامي يظهر بصورة المحايد، خاصة فيما يتعلق بالصراع بين اليمين واليسار، والهدف من ذلك ليس اختيارا للحياد أو تطبيقا لأصول المهنة الإعلامية بقدر ما هو محاولة لكسب القارئ العربي للإطلاع على مواد الموقع وكسر الحاجز النفسي في تقبل كيان اسمه إسرائيل يعيش في المنطقة! فتردد القارئ العربي على قراءة مواد الموقع والتكرار على الزيارة سوف يلغي مع الزمن حالة الرفض التي يجب أن تسود المجتمع العربي تجاه هذا الكيان.

طريقة طرح المحتوى وطريقة تصميمه وعرضه في الموقع، تحمل أهدافا وغايات متنوعة. فالذي يتصفح الصفحة الرئيسية للموقع، يجد أن هناك خبرا رئيسيا في أعلى الصفحة يحمل عنوانا كبيرا مع صورة خاصة بالحدث وملخصا بسيطا للخبر، وتحت هذا الخبر توجد عدة مربعات تحوي أخبارا أخرى أو تقارير متنوعة إما أن يكون قد مضى عليها وقت في الموقع أو أنها أقل أهمية من الخبر الرئيسي. ثم تحت هذه المربعات توجد روابط فقط لعناوين الأخبار والمقالات لبقية الأقسام.

وهناك عدة أقسام في الموقع وهي: الأخبار السياسة العالم المجلة الاقتصاد الكومبيوتر الصحة، وهذا التوزيع للأخبار من حيث الأهمية، وهذا التركيز على الخبر الرئيسي وبقية عرض الأخبار، لا يتم حسب الأهمية الإعلامية التي يتوقعها الزائر، وإنما حسب الأهمية التي يراها الموقع والتي تخدم أهدافه وأغراضه، وبما أن الموقع لغته عربية وزواره من العرب وليس يهودا، فلذلك سوف تظهر سياسة مختلفة في طريقة التعامل مع الخبر والحدث عما هي عليه في موقع الصحيفة العبري!

فمثلا: سوف يكون خبر خطة الانفصال التي يدعو لها شارون أو التقارير التي تتبع هذا الحدث هي محور تركيز الموقع، ولو كانت هناك أخبار عن قتلى أمريكا في العراق لرأيت الخبر ضمن قسم الروابط فقط. وبالتالي يتحول تركيز القارئ إلى أخبار خطة الانفصال والتقارير التي تتحدث حول ذلك.

فعملية توزيع مستوى الأهمية تتم بطريقة مقصودة ومدروسة من أجل نقل تركيز القارئ أو الزائر من منطقة معينة للحدث إلى منطقة أخرى يريد لها الموقع أن تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام، والتي تخدم أهدافا معينة حسب رؤية واضعي سياسة الصحيفة.

إن الإعلام اليوم لا يصيغ الرأي أو الخبر فقط..! وإنما يرسم القناعات ويحدد الاتجاهات ويبني الفكر والممارسة. ولذلك تكمن خطورة موقع صحيفة \"يديعوت أحرنوت\" العربي في أنه ليس مجرد موقع إعلامي لصحيفة يهودية، وإنما موقع إعلامي مهمته كسر الحاجز النفسي لدى الشعوب العربية في طريقة تعاملها مع اليهود، وطريقة التفكير بهم كعدو دائم! ومهمته أيضا توجيه القناعات والرأي لأهداف معينة من خلال تصميم وعرض محتوى إعلامي يخدم هذه الأهداف.

في الوقت الذي نجد فيه الإعلام العربي (إجمالا) يعاني من مراهقة في الطرح وسلبية في التعامل مع الحدث وعجز في المواكبة، نجد الإعلام اليهودي خاصة يخترق جميع الحواجز، ويتجول في أزقة العقل العربي تاركا بصمته على شكل نجمة داود بالخط الكوفي.. حتى يسهل على القارئ العربي قراءتها!

فهل وعينا هذا الخطر؟ وهل أدركنا خطورة موقع عربي لصحيفة يهودية؟؟

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply