أسباب الاختلاف بين الناس بصفة عامة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاختلاف قديم قدم الإنسان في هذه الأرض، ابتدأ معه حيث بدأ ينظر إلى الكون فيشده بعظمته، وتأخذه الحيرة في إدراك كنهه وحقيقته، وإذا كان العلماء يقولون إن الإنسان من يوم نشأته أخذ ينظر نظرات فلسفية إلى الكون، فلابد أن نقول إن الصور والأخيلة التي تثيرها تلك النظرات تختلف في بني الإنسان باختلاف ما وقعت عليه أنظارهم وما أثار إعجابهم، وكلما خطا الإنسان في سبيل المدنية والحضارة اتسعت فرجات الخلاف، حتى تولد من هذا الاختلاف، المذاهب الفلسفية وغير ذلك.

ولكننا إذا تأملنا في الاختلاف بين الناس الذي لا يراد الوصول به إلى الحقيقة نجد أن له أسباباً كثيرة منها:

 

1- فساد النية:

لما في بعض النفوس من البغي والحسد والعلو في الأرض والفساد، ولذلك يحب أحدهم أن يذم قول غيره أو فعله، أو غلبته ليتميز عليه.

 

2-أتباع الهوى:

فقد يكون الخلاف وليد رغبات نفسية لتحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي، وقد يكون الدافع للخلاف رغبة التظاهر بالفهم أو العلم أو الفقه، وهذا النوع من الخلاف مذموم بكل أشكاله ومختلف صوره لأن حظ الهوى فيه غلب الحرص على تحري الحق، والهوى لا يأتي بخير.

 

3- جهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه

 أو الجهل بالدليل الذي يرشد به أحدهما الآخر، أو جهل أحدهما بما عند الآخر من الحق في الحكم أو في الدليل، والجهل والظلم هما أصل كل شر.

 

4 - الرياسة وحب السلطان، والعصبيات القومية، أو الإقليمية، أو العنصرية

فإن الآراء حينئذ تكون منبعثة من الرغبات الخاصة التي لا تتفق مع الحق والعدل، وهذه أمور تفسد الآراء، وتبعد أصحابها عن الحق.

 

5- التعصب لأقوال الأشخاص والمذاهب والطوائف

ومنشأ هذا التعصب الثائر، إما قوة الإيمان بالفكرة، أو أعصاب ضعيفة تمنع من إدراك الحقيقة، أو غرور وخيلاء، وحيثما كان التعصب لزمته المجادلة والمكابرة، وقد يخفى على الإنسان موضع التعصب في نفسه، فيحسب أنه مخلص في طلب الحق.

 

6- تقليد السابقين ومحاكاتهم من غير نظر إلى الدليل والبرهان

فقد يتعصب البعض لآراء الأقدمين، ويذهب إلى عدم مخالفتها والحيد عنها، وطبيعي أن يدفع ذلك إلى الاختلال والمشاحنة، والمجادلة غير المنتجة، لأن كل واحد يناقش وهو مغلول بقيود الأسلاف من حيث لا يشعر.

 

7- عدم تحقيق النقطة المحددة التي يدور حولها النزاع

فنجد أن كل واحد يتحدث عن نقطة ليس هي التي يتحدث عنها الآخر، فيستعر الخلاف بينهما، مثل العميان الذين أرادوا أن يصفوا الفيل، فأمسك كل واحد بجزء منه، فقال الذي أمسك الرِّجل إن خِلقة الفيل طويلة مستديرة، وقال الذي أمسك الظهر بأن خلقته شبيهة بالهضبة العالية، وقال الذي أمسك إذنه إنه منبسط دقيق يطويه وينشره.

 

8 - اختلاف المدارك

فبعض الناس قد آتاه الله عقلاً راجحًا، وبصيرة نافذة، وفكرًا ثاقبًا، يدرك الموضوع من كل نواحيه، والبعض عنده قصور نظر، فلا يستطيع إحاطة الموضوع بنظرة شاملة، وفيه قصور فكر، فلا يدأب في البحث عن الحقيقة إلى النهاية، فلابد في النهاية أن يختلفا.

 

9- اختلاف الأمزجة بين الناس

فهناك ذو المزاج العصبي الحاد الذي يرى الأمور بشكل قد تختلف عمّا يراها صاحب المزاج الهادئ، ولذلك قال الفيلسوف ويليام جيمس: \"إن تاريخ الفلسفة هو تاريخ التصادم بين الأمزجة البشرية\".

 

10 عدم تفهم طرفي النزاع على المبررات الكاملة التي تدفع كل واحد لاتخاذ موقف ما

أو التمسك برأي ما، لأنه كثيرًا ما تدخل موازنات معينة وحسابات خفية، وضغوط عديدة تؤثر أحيانًا في صياغة الموقف.

هذه بعض أسباب الخلاف بين الناس بصفة عامة، أما الاختلاف بين أئمة المسلمين وعلمائهم فله أسباب خاصة نتعرف عليها فيما بعد.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply