وصايا لطلبة العلم


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

 

الحمد لله الذي فضل العلم والعلماء وجعلهم ورثة الأنبياء وكشف بهم الجهل والبلاء ونور بهم الظلماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم الجهر والخفاء ميز بالعلم العلماء وجعلهم كنجم السماء وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله إمام العلماء وقدوة السعداء ومعلم الحنفاء - صلى الله عليه وسلم - كلما زادت العلوم وكلما قلت السموم. أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله الذي أنزل الكتاب وعلمنا به الحكمة وفصل الخطاب وبين فيه عظم الثواب لأهل الهداية والصواب ورفع به إلى أولي الألباب أهل العلوم هم أهل الله وهم أهل الحبل المتين والصراط المستقيم علومهم نافعة ومجالسهم عامرة وحاجة الناس اليوم إلى العلم النافع أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب والكساء والدوابº لأن فقد مقومات الجسد تؤدي إلى الموت وفقد العلم النافع تؤدي به إلى النار وحتى يكون العلم نافعاً فإنني بمناسبة العام الدراسي الجديد أسدي هذه النصائح إلى طلاب العلم ذكوراً وإناثاً راجياً أن تلقى منهم آذاناً صاغية وقلوباً واعية.

 

النصيحة الأولى: أن يعرفوا أهمية العلم وسمو مكانته ورفعه درجته ومما يدل على ذلك أن الله - تعالى - اشتق للعلم اسماً من اسمه العليم وصفة من صفته العلم وهذا يدل على حجته له وقرب أهله منه واستشهد أهل العلم على وحدانيته وما استشهد من أهل الأرض غيرهم لأنهم أعرف الخلق به قال - تعالى -: \"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو...\" ورفع درجتهم على غيرهم قال - تعالى -: \" يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات\" ووصفهم بالخشية والخشية دلالة على لين القلب واستسلام الجوارح وانقياد الظاهرة والباطن ورجاء ثوابه والخوف من عقابه وتحرك البدن لطاعته والإعراض عمن سواه. قال - تعالى -: \" إنما يخشى الله من عباده العلماء \" وجعل أقرب طريق يوصل إلى الجنة طريق العلمº لأنه يهدي إلى الصراط المستقيم يقول - صلى الله عليه وسلم -: \" من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة \" وقال الشافعي: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال أعلم بأن العلـــم نــــــور           ونور الله لا يؤتى لعاصي

وأهل العلم هم الذين يرجع إليهم في السؤال فهم ورثة الأنبياء والأنبياء مبلغون عن الله ولم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم يقول الله - تعالى -: \" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون\". وما ضل الناس ولا تاهوا في طريق الضلال وانحرفوا عن طريق الصواب إلا عندما تركوا أهل العلم وسألوا الجهال الذين يفتون بغير علم فضلوا وأضلوا.

والعلم علامة من علامات الخير وسمة من سمات الصلاح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: \" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين \" وكأن من قل علمه قل خيره وكثر شره.

والعلم كالغيث للأرض فهو غيثها ومادة حياتها وزادها ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: \" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به \" والناس في العلم كهذه الأرض منهم من تعلم وعلم ومنهم من تعلم ولم يعلم ومنهم من لم يتعلم ولم يعلم، والعلم أفضل من العبادة لأنه نفع العبادة للنفس ونفع العلم للنفسي وللغير وما تعدى إنفاقه أفضل مما لم يتعد ولذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: \" وفضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم والقمر يعم نوره وأما الكواكب فنورها لها ولا يتعداها وبالعلم يسلم الإنسان من اللعنة التي أطلقها الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الدنيا إذ يقول الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالما أو متعلما \" ولعل السبب في ذلك لأن العالم يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة ولأهمية العلم طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيادة منه ولم يطلب الزيادة من المال ولا من الولد ولا من الجاه قال - تعالى -: \" وقل ربي زدني علماً \" وقد دعا - صلى الله عليه وسلم - لأهل العلم فقال: \" نضر الله امرء سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه و رب حامل فقه ليس بفقيـه \" فهي دعوة لهم بجمال الظاهر وجمال الباطن وهذه صفة الملائكة وصفة أهل الجنة ظواهر على صورة القمر والكواكب وبواطنهم سليمة من الغل والحقد على سرر متقابلين والعلم يحرس صاحبه ويخدمه ويدافع عنه بخلاف المال فإن صاحبه هو الذي يحرسه ويدافع عنه ولذا يقول علي –رضي الله عنه-: \" العلم خير من المال لأن العلم يحرس صاحبه والمال يحرسه\" ويتميز صاحب العلم على غيره حتى في الطلاب إذ يجوز أكل الصيد الذي يصيده الكلب المعلم ويحرم أكل الصيد الذي يصيده الكلب لم يعلم مجالس العلم مجالس الملائكة إذ تخف أهلها وتضع أجنحتها لهم رضاً بما يصنعون وتشهد لهم وتحفظهم ومجالس العلم هي مجالس الأنبياء إذ ورثوها لمن بعدهم وهي مجالس الجنة يقول - صلى الله عليه وسلم -: \"إذا مررتم برياض فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر\" وهي مجالس الإيمان كان يقول ابن رواحة اجلسوا نؤمن ساعة \". وهي مجالس الرحمة التي يأمن أهلها من العذاب ومجالس السكينة والثبات التي يأمن أهلها من الانحراف، يقول - صلى الله عليه وسلم -  \"وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده \" وهي كنجوم السماء إذ هي رجوم للشياطين وزينة للأرض وعلامات هداية يهتدى بها الناس فهل يعي طلاب العلم هذا الخير العميم وهل يقدرون للعلم قدره وقد قيل: لو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوا فهانوا ودنســــــــــوا محياه بالأطماع حتى تجهمـــــــــا.

النصيحة الثانية: أن يخلصوا لله في طلبهم للعلم يريدون معرفة الحق واتباعه ومعرفة الباطل واجتنابه يريدون به الائتمار بأوامر الله والانتهاء عن نواهي الله - تعالى - يريدون به الازدياد من الخير والابتعاد عن الشر يريدون إفراد الله بالعبادة والخلوص من الشرك والتبرء من أهله يريدون به عبادة الله على الوجه المطلوب ويريدون به وضع كل شيء في موضعه فهمهم هو وجه الله والدار الآخرة لا يريدون به دنيا يصيبونها ولا امرأة ينكحونها ولا جاه ينالونه ولا ولد يتكثرون به يقول الله - تعالى -: \" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين\" ويقول: \" قل إني أُمرت أن أعبد الله مخلصا له ديني\" ويقول: \" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين\" ويقول - صلى الله عليه وسلم -: \" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى \" وفي الحديث القدسي: \"أنا غنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه \" ويقول - صلى الله عليه وسلم -: \" من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب بع غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة \" والغرض من طلب الإخلاصº لأنه شرط في قبول العمل لا يقبل الله العمل بدون ولأنه لا معبود إلا الله ولا مقصود إلا الله ولأنه حفظ من الأهواء التي تهوي بأهلها في النار وحفظ من الشهوات التي هي طريق إلى النار وسلامة الشيطان الذي زين الباطل وحبط عن العمل الصالح وصد عن الطاعة قال - تعالى -: \" قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين\" ولأن الإخلاص هو عمل الملائكة وهو عمل الأنبياء فكانوا سادات المخلوقات بهذا الإخلاص. وبالإخلاص يحيا القلب وتسلم الجوارح والإخلاص صفة أهل الجنة قال - تعالى -: \" وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم \" وهو نجاة من النار إذ أن أول ما تسعر النار بثلاثة نفر منهم عالم وقارئ لأنه لم يخلص فيه. فلا يجعل المسلم علمه لغير الله فيشقى به في الدنيا ويشقى به في الآخرة عندما يُسأل عن علمه ماذا عمل به فماذا يقول.

النصيحة الثالثة: العمل بالعلم لأنه التطبيق العلمي للعلم ولأنه الثمرة المقصودة ولأنه المطلوب من العلم إذ ليس المراد العلم فقط ولكن المراد العمل إذ سُعرت النار بصاحب العلم الذي لم يعمل به، وقد قيل: وعالم بعلمه لــم يعملــن معذب من قبل عباد الوثــن وما الفائدة من تعلم الصلاة وهو لا يصلي وتعلم الزكاة وهو لا يزكي وتعلم الأخلاق وهو لا يتخلق بها وتعلم الآداب وهو لا يتهذب بها. والعمل بالعلم تنفيذ للأمر واجتناب للنهي وتصديق للخبر وتطبيق للحكم وزيادة من العلم وتمكن منه وتثبيت به قال - تعالى -: \" والذين اهتدوا زادهم هدى \" وقد أمر الله رسوله بالعمل بالعلم ليكون قدوة للغير، بل وفي غزوة الحديبية يأمر الصحابة أن يحلقوا رؤوسهم فلا يتمثلون حتى يعمل بهذا الأمر أمامهم فيسارعون للامتثال وعلم الصحابة الوضوء طبقه أمامهم بعد التعليم وقال من توضأ نحو وضوئي هذاº وعلمهم الصلاة ثم طبقها أمامهم وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وعلمهم الحج ثم طبقه أمامهم وقال خذوا عني مناسككم\" وكان الصحابة كذلك يتعلمون ثم يعملون ثم يدعون إلى هذا العلم والعمل قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا قرَّاءون وقد ذم الله الذين يتعلمون ولا يعملون بعلمهم وشبههم بالحمار الذي يحمل أسفاراً قال - تعالى -:\" مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا...\" وشبههم بالكلب الذي لا يتغير لهثه سواء أسقيته أم لم تسقه قال - تعالى -: \"... فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث..\" وقسم الناس في سورة الفاتحة إلى ثلاثة أقسام القسم الأول الذين تعلموا وعملوا وهم الذين أنعم الله عليهم والقسم الثاني الذين تعلموا ولم يعملوا وهم الذين غضب الله عليه والقسم الثالث وهم الذين لم يتعلموا وهم الضالون وسمى عدم العمل بالعلم مقتاً قال - تعالى -: \"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولـوا ما لا تفعلون...\" وبين - صلى الله عليه وسلم - أن عدم العمل بالعلم من صفات أهل النار إذ ورد في الحديث أن الذي لا يعمل بعلمه يدور في النار كما يدور الحمار بالرحى فالعمل بالعلم أمر مطلوب لأن العبد يوم القيامة يسأل عن علمه ماذا عمل به.

النصيحة الرابعة: الدعوة إلى العمل والعمل هو إتقان العلمº لأن كتمه حرام يقول - تعالى -: \"إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا... \" ويقول - صلى الله عليه وسلم -: \" من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة.. \" ولما قال لمعاذ: \"حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا\" قال معاذ أفلا أبشر به الناس قل: لا تبشرهم فيتكلوا ثم بشر معاذ بذلك عند موته خشية الإثم \" وقد أمر - تعالى - بالدعوة قال: \" أدع إلى سبيل ربك..\" وأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول بلغوا عني ولو آية...\" وبالدعوة يكون الإنسان أحسن الناس قولاً لأنه لا يقول إلا الحق ولا ينطق إلا نوراً ودعوته للقلوب أحسن من العسل للأبدان قال - تعالى -: \" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين...\" وبالدعوة يكمل الإيمان إذ لا يؤمن الإنسان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وبالدعوة يحظى بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون صاحب جمال في ظاهره بعد أن كان صاحب جمال في باطنه قال نضر الله امرؤا سمع مقالتي فأداهـا كمـا سمعها...\" وبالدعوة يكثر أجرهº لأن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا...\" ويكثر أتباعه والشاهدون له والشفعاء له يوم القيامة، وبالدعوة يحظى بصلاة الله عليه ويحظى بمحبته جميع الخلق في السماء والأرض ويحظى بدعائهم ففي الحديث إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير..\" وبالدعوة لا ينقطع عمله الصالح بعد موته بل يبقى ما بقيت دعوته ففي الحديث إذا مات ابن آدم اقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له \" وبذله للدعوة خير من بذله للمالº لأن الدعوة رسالة الرسل وغذاء الأرواح والمال غذاء الأبدان وقد ورد في الحديث عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم فقلنا يا رسول الله نحب ذلك قال أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل فالدعوة أمر مطلوب من طالب العلم حتى يخرج من عهدة الكتم ويسلم من اللعنة ويتبع الرسل ويقتدى بهم.

النصيحة الخامسة: الصبر على تحصيل العلم فالصبر من صفات الأنبياء والأولياء وهو نصف الدين وأجره بغير حساب وما أعطى الإنسان عطاءً أوسع من الصبر والصبر ضياءً أمر الله به وأثنى على أهله قال: \"واصبر وما صبرك..\" وقال: وبشر الصابرين...\" وقال - تعالى -:\" ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور\" والعلم لا يحصل إلا بالصبر على تحصيله فيصبر طالب العلم على كثرة القراءة ويشتغل بها الساعات الكثيرة وقد قال - تعالى - من أول رسالة إلى الأرض \" اقرأ باسم ربك....\" ويصبر على الكتابةº لأنها تحفظ العلم يقول - تعالى -: \" الذي علم بالقلم \" وكتب القرآن والسنة لحفظها وقد روى أن الإمام البخاري كتب في ليلة ست عشرة مسألة وقد قيل العالم صبر والكتابة قيده، ويصبر على حلقات العلم وسماع ما فيها فإن الحسن والجمال لأهلها والأعمى لا يتعلم إلا بالسماع قال الشعبي ما كتبت ويصبر على حفظ الوقتº لأنه سريع في الانقضاء وما مضى لا يعود وأغلى من الذهب والفضة وهو حياة الصبر ويسأل عنه يوم القيامة وقد كان السلف يقللون من الطعام لحفظ الوقت ويأكلون الذي يبلع ويقدمونه على الذي يمضغ ويقللون في المنام بل يشغلون المنام بالمسائل النافعة ويقللون من فضول الصحبةº لأنهم يضيعون الأوقات ويحفظون جوارحهم وقد صبر موسى على تعلم العلم من الخضر فسافر براً وبحراً ليتعلم ثلاث مسائل وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً وصبر - صلى الله عليه وسلم - على تلقي القرآن حتى كان يجهد في تلقينه وصبر في تعليمه حتى علمه الناس ومات وقد تعلم منه ما يزيد على 114 ألف صحابي وصبر أبو هريرة على الجوع لتعلم العلم وصبر ابن عباس على الحر والقر والغربة ليتعلم فلا بد من الصبر حتى ينال الإنسان العلم.

النصيحة السادسة: التخلق بالأخلاق الفاضلة ليكون قدوة صالحة للغير فإن الدين المعاملة وأقرب الناس منازلاً من رسول الله أهل الأخلاق وأكثر ما يدخل الجنة التقوى وحسن الخلق وقد ضمن - صلى الله عليه وسلم - بيتاً في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ومن هذه الأخلاق التقوى وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وبالتقوى يحصل العلم \" إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً\" واتقوا الله ويعلمكم الله\" والرفق فإنه ما وجد في شيء إلا زانه ولا وجد العنف في شيء إلا شانه والله رفيق يحب الرفق ومنها التواضع فقد وصف الله عباد الرحمن به وفي الحديث: (من تواضع لله رفعه) قال مجاهد لا ينال العلم مستحي ولا متكبر ومنها الورع وهو ترك مالا ينفع في الآخرة. وفي الحديث: \"الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقــع فـي الشبهات وقع في الحـرام...\" ومنها احترام المعلم لأنه صنع المعروف وفي الحديث: (ومن صنع إليكم معروفاً) ولأنه الأب الرحيم، ولأنه أبر من الأب فهو يمنع من نار الآخرة وكان السلف لا يرفعون أبصارهم إلى معلميهم حياءً منهم وتوقير لهم º ومنها معاملة الطلاب كالأولاد من المحبة والرحمة والعدل والمساواة فهم أمانة في الأعناق سنسأل عنهم.

النصيحة السابعة: الحرص على الرسوخ في العلم فإن الله مدح أهل الرسوخ بعلمه بالتأويل وإيمانهم بالله والراسخون في العلم يقولون آ منا به كل من عند ربنا، والرسوخ يحتاج إلى أربعة أمور إلى التقوى فيما بينه وبين الله - تعالى - والتواضع فيما بينه وبين الناس والزهد فيما بينه وبين الدنيا والمجاهدة فيما بينه وبين النفس والحرص على العلم، ولا يكون العلم نافعاً لربه إلا بالعمل وكراهية التزكية ومدح النفس والتكبر على الخلق وكثرة التواضع والهرب من الشهوة والترؤس في الدنيا وإساءة الظن بالنفس وبالعمل بهذه النصائح يستفيد الإنسان من علمه ويظهر بمظهر العلماء.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply