فائدتان مهمتان بمناسبة العشر من ذي الحجة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فهذه فائدتان مهمتان يكثر الحاجة للتنبيه عليهما:

1.    وجدت أن أكثر من يخرِّج حديث فضل العشر من ذي الحجة يقول: إنه رواه البخاري!

والصحيح أنه ليس في البخاري باللفظ الذي يذكرونه، بل هو في السنن وأحمد.

2.    وفي الحديث الذي في الرواية المشهور إشكال بيِّن واضح وهو:

أن الجهاد الذي سأل عنه الصحابة داخل أصالة في قوله -صلى الله عليه وسلم- "العمل الصالح"، فلم سأل عنه الصحابة -رضي الله عنهم-؟؟؟

فواضح من سؤالهم أن "الجهاد" ليس بداخل في "العمل الصالح" وإلا لكانوا في غنية عن سؤالهم.

والذي يبدو -والله أعلم- أن حل الإشكال هو في نص رواية البخاري وهي:

حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن سليمان عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ما العمل في أيام أفضل منها في هذه قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء.رواه البخاري (926).

فليس في البخاري لفظ "العشر"، ولم يوافقه أحدٌ ممن خرجه من أصحاب الكتب التسعة من هذا الطريق وبهذا اللفظ إلا الإمام أحمد (3218).

وواضح أن الكلام ليس عن العشر بل هو عن أيام التشريق! والمقصود بـ "العمل" هو "التكبير" وعموم الذكر، وهنا يصح من الصحابة استشكال عدم أفضلية الجهاد في هذا الأيام على الذكر، فأخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بكونه غير داخل إلا في حالة خاصة منه

ويدل على هذا تبويب البخاري وهو قوله "باب فضل العمل في أيام التشريق".

وأما الروايات الأخرى فأكثرها جاء ذكر "العشر" من تفسير رواة الحديث:

عن ابن عباس قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني: أيام العشر، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه أبو داود(2437) وابن ماجه(1727) وأحمد(1969).

ولم يجزم في حديث من الكتب التسعة - بأنها العشر إلا عند الترمذي:

عن ابن عباس قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه الترمذي(757).

ورواية البخاري وأحمد هي من طريق شعبة عن الأعمش، وكل من رواه عن الأعمش في الطرق الأخرى فإنما جاء فيه "يعني العشر" إلا رواية عند أحمد (3129) فهي من طريق شعبة عن الأعمش وهي موافقة لما جاء في باقي الروايات وظني أنها وهم ممن دون شعبة.

فكلمة "يعني" الظاهر أنها من تفسير أحد الرواة، والجزم الذي في حديث الترمذي إدراج واضح.

وإن كانت الروايات الأخرى صحيحة: فهو من العام الذي أريد به الخصوص، ويكون المراد هو "الذكر".

والله أعلم.

والمسألة تحتاج لبحث ومشاركة من الإخوة الأفاضل وإلا فلا حل للإشكال إلا بما قلته من الوجهين السابقين.

والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply