أحداث 11أيلول وثقت الصلة بين مسلمي مدينة نيويورك


بسم الله الرحمن الرحيم

توثقت أواصر الصلة بين مسلمي مدينة نيويورك في مواجهة تمييز متزايد ضدهم بعد هجمات 11 أيلول 2001º ودفعهم هذا التمييز إلى البحث عن جذورهم الدينية، ونبذ خلافاتهم الطائفية واللغوية التي كانت عادة ما تثير فرقتهم، وفقاً لدراسة استغرق إعدادها ست سنوات، وبدأت جامعة كولومبيا الأمريكية في نشر نتائجها الإثنين 4/10/2004.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الثلاثاء 5/10/2004 أن مؤسسة فورد موّلت الدراسة التي تقدم أكبر نظرة شاملة حتى الآن للانتماءات الدينية والاجتماعية والسياسية لمسلمي نيويورك الذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف مسلم، وذلك قبل وبعد 11 أيلول، في جهد بحثي شارك فيه أكثر من  عشرة باحثين أكاديميين، وأساتذة جامعيين.

وتقوم مؤسسة فورد التي أنشئت عام 1951 بتمويل الكثير من المشروعات البحثية وغيرها في العالم، وتقول: إن من أهدافها دعم القيم الديمقراطية، والتعاون الدولي، ومكافحة الفقر والظلم، ودفع مسيرة الإنجاز البشري.

وتم كشف بعض من نتائج الدراسة في مؤتمر يستمر يومين تنظمه «كلية الشؤون الدولية والعامة» بجامعة كولومبيا.

وفي تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» نشرته الثلاثاء الماضي قال بيتر عون أستاذ الدين الإسلامي بجامعة كولومبيا: «إن المستوى العام للراحة الذي كان يحسه المسلمون تعرض لهزة عنيفة بأحداث 11 أيلول، وأصبحوا تلك الأقلية المهددة التي تُعرف بدينها أكثر من أي شيء آخرº وهو ما دفعها إلى البحث الجاد عن جذورها الروحية».

 

التمييز والتحيز:

وفي أعقاب 11 أيلول عانى المسلمون في أنحاء الولايات المتحدة من أشكال شتى من التمييز والتحيز تراوحت بين فقدان وظائفهم إلى تعرضهم لجرائم كراهية أفضت إلى 7 حالات وفاة على الأقل، وفقاً للجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز، وأرغمت السلطات أكثر من 80 ألف شخص من أغلب الدول الإسلامية على تسجيل بياناتهم لدى وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، وتم الشروع في إجراءات ترحيل 13 ألفاً منهم لم يتم توجيه تهمة واحدة تتعلق بالإرهاب لأي منهم.

وكانت معاناة النساء والأطفال من المسلمين أكثر من غيرهم من ناحية التحيز الاجتماعي وفقاً للدراسة، فقد أبلغت سيدات عن تمزيق غطاء الرأس، كما عانى الأطفال من اعتداءات لفظية وبدنية من أقرانهم غير المسلمين، ويبلغ عدد الأطفال المسلمين المسجلين في المدارس العامة في المدينة نحو 102 ألف تلميذ.

 

الانتباه للذات المسلمة:

ووجدت الدراسة أنه على الرغم من أن مسلمي مدينة نيويورك يتحدرون من أماكن شتى مثل تركيا وباكستان والمغرب، فإنهم أصبحوا متّحدين بعد 11 أيلول، وأجرى باحث الدكتوراه في قسم الاجتماع بجامعة كولومبيا جيسي براد فورد مقابلات مع نحو 400 مسلم في ولايات نيويورك وبوسطن وشيكاغو.

وخلال المحاضرة التي ألقاها في المؤتمر تلا عبارات سطرها مسلم من جنوب آسيا التقى به في نيويورك تقول: «لقد حملني العالم الخارجي على زيادة التفكير في نفسي بوصفي مسلماً».

والمسلمون من أكثر الجاليات الدينية زيادة في مدينة نيويورك، ويؤدون الصلاة في نحو 140 مسجداً بالمدينة، ولديهم 14 مدرسة إسلامية وفقاً للدراسة.

وقال الدكتور عون: إن المسلمين من خلفيات شتى يتكتلون على نحو متزايد في ذات المؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية، وأضاف أنه من الشائع الآن أن نجد مساجد في نيويورك توفر الطعام والمؤونة لمسلمين من دول مختلفة، وأن الجاليات المسلمة تتعاون سياسياً بشكل متزايد.

وأظهرت الدراسة أن الجهود المحلية لجمع الأموال والتبرعات ساعدت مساجد مدينة نيويورك على القيام بدورها، موضحة أن هذه المساجد لا تعتمد في تمويلها على مؤسسات خارجية، وفقاً لما قاله لويس عبد اللطيف كريستيلو أستاذ الأنثروبولوجي (علم الإنسان) بالجامعة،، ومنسق المشروع، وأضاف أن هذه المساجد أكثر اعتماداً على المشروعات والمؤسسات المحلية.

 

التغطية الإعلامية:

كما قوّمت الدراسة التغطية الإعلامية لأخبار المسلمين الأمريكيين قبل وبعد 11 أيلول، وخلصت إلى أن التغطية السلبية لأحوال المسلمين زادت بصورة كبيرة بعد الهجمات.

وراجعت مجموعة من الخريجين الجامعيين أكثر من 800 مقالة صحفية، علاوة على صور وتقارير تلفزيونية، ووجدوا خلال المدة الزمنية السابقة واللاحقة على الذكرى السنوية الأولى للهجمات زيادة كبيرة في المقالات التي تدل ضمناً على أن مسلمي أمريكا يؤيدون الإرهاب.

وأوضحوا أن نسبة المقالات التي هي من هذا النوع بلغت 4% من المقالات المنشورة خلال الشهور الستة الأولى بعد 11 أيلول، لكن المعدل زاد إلى 14% بحلول الذكرى السنوية الأولى.

 

صورة منقوصة:

وكشفت الدراسة أن التغطية الصحفية للعالم الإسلامي صوّرت المرأة على أنها ضحية، والرجل على أنه شخص وحشي، وتاجر حروب، وفقاً لما قالته بريجيت ناوس أستاذة العلوم السياسية بجامعة كولومبيا.

وقالت بريجيت خلال مداخلتها في المؤتمر: «في حين أن هذه التغطية تنبثق من أحداث فعلية، فإنها ترسم صورة غير مكتملة للمسلمين، وتساهم في نشر الصورة النمطية السيئة عن المسلمين».

وأضافت: «المشكلة أن هذه التغطية لا تعرض إلا جزءاً من الحقيقة.. نحن لا نحصل إلا على مقتطفات ورسوم ساخرة من هذا العالم، لا نحصل على الصورة كاملة».

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply