يثير الوضع الحالي لقضية كوسوفا المسلمة العديد من التساؤلات لعل أهمها: إلى متى يمكن أن يستمر انتظار الحل السياسي لاستقلال كوسوفا؟ وهل سيبقى مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في إقليم كوسوفا إلى الأبد؟
ونتيجة لتصاعد روائح عودة الأزمة من جديد تناول عدد من الكتاب الغربيين القضية معبرين عن رؤيتهم للحلول المطروحة بشأن القضية، وضرورة حصول الإقليم المسلم على استقلاله منعاً لانفجار قنبلة العنف الموقوتة.
لابد من الاستقلال:
تحت عنوان "حان الوقت لاستقلال كوسوفا" تناول الكاتب الصحفي "جاريس ايفانز "في صحيفة الهيرالد تريبيون الأمريكية بتاريخ 25 يناير لعام 2005 الوضع المتأزم في كوسوفو.
واستهل الكاتب المقال بقوله: " لقد حان الوقت لانتهاء حماية الأمم المتحدة عن كوسوفا، فبعد ست سنوات مما وصفه بالحبس الدولي لكوسوفاº فإن الألبانيين أصابهم الإحباط من مشكلتهم التي لم تحل، والإحباط الاقتصادي الذي أصابهم"،
كما أكد الكاتب أنه في حالة عدم رؤية الألبانيين أي تقدم حقيقي في أملهم نحو الاستقلال فإن عنفاً كبيراً قد ينفجر في الشهور القليلة القادمة كما حدث في مارس الماضي، ولو أثيرت الاضطرابات بين الألبان والصرب فإن المنطقة من الممكن أن تندفع إلى صراع عسكري جديد.
وكانت مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل قد حذرت من وقوع اضطرابات واسعة النطاق في إقليم كوسوفا قد تصل إلى تفجر حرب جديدة إذا لم يحصل الإقليم على الاستقلال عن صربيا.
وأوضحت المجموعة في تقرير نُشر مؤخراً أن الموقف في إقليم كوسوفو الذي يخضع للإدارة الدولية تتزايد خطورته يوماً بعد يوم، وقالت مجموعة الأزمات: "إما أن يشهد عام 2005 تسوية نهائية للوضع تحقق السلام والتنمية، أو يعود إقليم كوسوفا إلى الصراع بما يهدد الاستقرار الإقليمي".
ودعت مجموعة الأزمات الدولية التي كان لها تأثير كبير في منطقة البلقان خلال العقد الماضي إلى العمل بسرعة من أجل استقلال كوسوفا.
استقلال مقيد:
ولكن الكاتب الأمريكي رغم اعتقاده بضرورة استقلال كوسوفا إلا أنه لا يرى أن يكون استقلالاً خالياً من التدخلات الدولية والخارجية، خلافاً لما ينبغي أن يكون عليه وضع الدول ذات السيادةº قائلاً: "إن منح الأغلبية الألبانية الاستقلال يجب أن يكون مقترناً ببعض القيود والضوابط، وعلى الجانب الآخرº فإن العودة للوضع قبل عام 1990 غير معقول، حيث سيمنح الصرب الفرصة لارتكاب مجازرهم وانتهاكاتهم ضد المسلمين مرة أخرى".
وفي وسط 2005 من المقرر أن تقيم الأمم المتحدة تعهدات حكومة كوسوفا نحو الديمقراطية، ومستوى حقوق الإنسان، ولو كانت هذه التقديرات إيجابية فيجب أن تستمر الحكومة في مشوارها.
رأى الكاتب أن أول خطوة ينبغي على دول مجموعة الاتصال الست التي ستتدخل في القضية (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وروسيا) اتخاذها هو تحديد جدول زمني لقرار بشأن الوضع الحالي للقضية، زاعماً أن التقدم في الأوضاع سيعتمد على حماية حقوق الأقلية، في المقابل لن يكون هناك تأييد للعودة لحكم بلجراد، أو تقسيم كوسوفا، أو الاتحاد مع أي دولة من دول الجوار.
وبمجرد أن يكون ممكناً ينبغي على السكرتير العام أن يعين مبعوثاً خاص ليبدأ المشاورات على الاتفاق والطريقة التي ينبغي أن تنفذ بها العملية، ويجب على هذا المبعوث أن يعد مسودة لاتفاق كوسوفا، والتخطيط لمؤتمر دولي توقع فيه الوثيقة.
ويرى الكاتب أنه في نفس الوقت الذي يؤدي فيه المبعوث مهامه فيجب على مجلس كوسوفا المنتخب أن يبدأ في وضع مسودة دستور، يوقع عليه من قبل المؤتمر الدولي، ويتم تبنيه بعد استفتاء في بداية عام 2006 مع هذا يكون هناك اعتراف دولي بكوسوفا كدولة مستقلة.
مخاوف من اندلاع العنف:
وفي الإطار نفسه تناول الكاتب الصحفي "سيمون تيسدال" في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية بتاريخ 27 يناير لعام 2005 تحت عنوان " قبل أن تسقط كوسوفا في دائرة العنف".
واستهل الكاتب تقريره بقوله: "إن كوسوفا صارت ثقباً أسود في أوروبا، ومن الممكن أن تسقط في دائرة العنف خلال أسابيع إذا لم يتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءً عاجلاً، كما حذر خبراء ومسؤولون دوليون في بروكسل.
ولكن استمرار الاتحاد الأوروبي دون قرار حيال مطالب الإقليم بالانفصال من صربيا اقترن مع عدم رغبة الألبان في التصالح مع الصرب الذين ارتكبوا المجازر والانتهاكات ضد المسلمين، مما شلّ محادثات الوضع النهائي هذا العام.
وبعد خمس سنوات من إخراج القوات الصربية، ووقف عدوانها على المسلمين، وفرض إدارة دوليةº فإن الأمم المتحدة عاجزة عن وضع استراتيجية جديدة للوضع الداخلي.
وفي محاولة لمعرفة النوايا قام أولي ريهان بلقاء قادة كوسوفا في بريشتينا هذا الأسبوع، وقال: إن الاتحاد الأوروبي سوف يصعد القضية عند زيارة بوش لأوروبا الشهر القادم.
أوروبا كلها تتأثر:
وأشار الكاتب إلى أن أي توتر في كوسوفا لا ينحصر أثره داخل حدودها، ولكن يصل إلى كافة أنحاء أوروبا، فمع وصول البطالة إلى 60 %، ونقص الاستثمار الأجنبي، ومع وجود مشاكل اجتماعية ضخمة للسكان تحت سن 25 عاماً، فهناك قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار في أوروبا.
ونقل الكاتب قول مفوض العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي كريس باتن بأن الركود الاقتصادي، والتوتر العرقي، واحتمالات نشوب العنفº تهدد الوضع الداخلي للمنطقة بأكملها، فهناك تقدم كبير منذ عام 1999، ولكن هناك خطر لكافة العمليات في كوسوفا إذا لم نأخذ المشكلة بجدية.
كما استشهد الكاتب بقول "جاريس ايفانس " وزير خارجية استراليا السابق، ورئيس مجموعة الأزمات الدولية :"الجدول الزمني للاستقلال كان لابد أن يكون أسرع من ذلك".
وقال تقرير نشر هذا الأسبوع: إن البدائل لاستقلال كوسوفا هي إعادة الاندماج مع صربيا، أو التقسيم، أو الاتحاد تحت حكم ألبانيا الكبرى، وكل هذا سوف يزيد من توتر المنطقة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد