أوضاع المهاجرين الطاجيك


بسم الله الرحمن الرحيم

 

توطئة:

 بعد حملات الإبادة الشاملة التي قامت بها الحكومة الشيوعية الطاجيكية، فإنها لم تستطع السيطرة التامة على الأوضاع، وتثبيت دعائم الاستقرار في البلاد، ولأجل ذلك قامت بتوزيع الأسلحة على الموالين لها في المناطق الجبلية للحيلولة دون سيطرة المقاومة الإسلامية عليها، ودعمها بالقوات الروسية، والأوزبكية، مما أدى إلى قصف المدن والقرى، والمواقع التي يسيطر عليها الإسلاميون، وتقوم بذلك القصف الطائرات الروسية، والأوزبكية، مما دفع بالمواطنين العزل إلى الهجرة إلى جهة أكثر أمناً، فكانت هجرتهم إما إلى الدول المجاورة لطاجيكستان، أو إلى الجبال والغابات، فتفرق أكثر من مليون نسمة، منهم من دخل إلى آسيا الوسطى المتآخمة لطاجيكستان، ومنهم من لاذ بالفرار إلى أفغانستان، والذين تمكنوا وعبروا الحدود يزيد عددهم عن مائة ألف نسمة، وأكثر هؤلاء هاجروا من الولايات المتآخمة لأفغانستان، كولايات « قم سنكي » و « توس » و « بنج » و « قورغان تبه » وبقية هؤلاء المهاجرين منتشرون وسط الجبال في طاجيكستان، أو في القرى الأكثر أمناً.

 وقد قام الشيوعيون بالهجوم الشرس على هؤلاء فاضطروا لاختراق الأسلاك الشائكة، وعبور نهر « جيحون » والدخول إلى شمال أفغانستان، وذلك بمجازر وحشية مما جعل بعض المهاجرين يرمون بأنفسهم في النهر، وحسب الإحصائيات يبلغ عدد الذين قتلوا عند العبور، أو ماتوا غرقاً في النهر ما يقارب عشرين ألف مسلم، أما عن انتهاك الحرمات، واغتصاب الفتيات اللاتي أخذن بالقوة، وإرجاعهن إلى داخل طاجيكستان، بعد أن قاموا باغتصابهن، وغير ذلك من الأفعال المشينة التي يعجز القلم عن تصويرها في هذا الموجز، فحدث ولا حرج.

 

وضع المهاجرين في أفغانستان:

تربط الشعب الأفغاني بالشعب الطاجيكي بالإضافة إلى الروابط العقدية، وحدة اللغة، والعادات، مما جعل الأفغان بحكم ما عانوه خلال الغزو السوفيتي الشيوعي الغاشم من تهجير ولجوء، يسارعون وعلى جميع المستويات بإيواء هؤلاء المهاجرين خلال الفترة التي سبقت وصول المساعدات الإغاثية، وامتدت هذه الفترة حوالي أكثر من شهرين:  بعد ذلك تم نقل هؤلاء المهاجرين من مناطق لجوئهم خاصة عند نهر «جيحون » إلى معسكرات أعدت لهم، وقد تضافرت في ذلك العمل جهود الحكومة الأفغانية، والشعب الأفغاني، وقد كان لهذا العمل الأثر الكبير في نفوس هؤلاء المهاجرين، والتخفيف عن آلامهمº حتى وصول المساعدات الإغاثية الخارجية.

 ويتوزع المهاجرون في عدة مناطق، وهي كالآتي:  1 - و لاية « قندوز »:  يوجد في ولاية « قندوز » ما يقارب أربعين ألف مهاجر، توزعوا في:  أ- المدارس، والمرافق الحكومية.

 ب- مطار قندوز حيث كانت ثكنات الجيش الروسي في عهد الاحتلال الروسي لأفغانستان ويبعد عن مركز « قندوز » عشرة كيلو مترات.

 ج - مخيم الإمام البخاري، وأقيم هذا المخيم بجهود من مجلس التنسيق الإسلامي، ويقع على مسافة قريبة من مطار « قندوز ».

 2 - ولاية تخار:  ويوجد في مركز « طالقان » ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسمائة عائلة توزعوا في بيوت المواطنين في « طالقان » حيث لم تتوفر لهم إقامة المخيمات.

 3 - ولاية « بدخشان »:  لا يتجاوز عدد المهاجرين في هذه الولاية ألفي شخص، وسبب ذلك عدم توفر المواد الغذائية في المناطق التاخمة للحدود الطاجيكية لولاية « بدخشان » ونأمل أن يتم نقل هؤلاء إلى مناطق أخرى يتوفر فيها إمكانيات إيوائهم، وإعاشتهم، لأنهم يعيشون في حالة مأساوية شديدة.

 4 - ولاية « مزار شريف »:  تم نقل عدد كثير من المهاجرين بواسطة طائرات مروحية إلى «مزار شريف» لأن المسافة من الحدود الطاجيكية إلى « مزار شريف » تبعد حوالي ثلاثمائة كيلو متر، وقد أقيم لهم مخيم على بعد عشرة كيلو مترات من مركز « مزار شريف» وقد ساعدت في ذلك المنظمات الإغاثية الدولية، وذلك بحفر الآبار، وإيوائهم في المخيمات، وتقديم المساعدات الغذائية لهم، علما بأن عدد هؤلاء المهاجرين يتجاوز خمسة وعشرين ألف مهاجر.

 وأريد أن أشير هنا إلى أن إدارة مزار شريف مشتركة بين المجاهدين، وقوات دوستم، ووالي « مزار شريف » مولوي محمد علم من المجاهدين الأوائل، أبدى استعداده الكامل لتقديم كل التسهيلات للمشاريع التي يتم تنفيذها بين المجاهدين الطاجيك في مزار شريف ».

 5 - مديرية « طاشقرغان »:  هذه المديرية تابعة لولاية « سمنجان » لكنها لا تبعد عن « مزار شريف » أكثر من ثلاثين كيلو متراً تقريباً، وقد أقيم فيها مخيم على مقربة من مديرية « طاشقرغان » من قبل المنظمات الإغاثية، وهذا المخيم تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة كما تشرف على مخيمات المهاجرين في ولاية « مزار شريف » وعدد هؤلاء لا يتجاوز خمسة آلاف مهاجر.

 

المنظمات الإغاثية:

 لا يوجد في الساحة سوي منظمتين للإغاثة، وهما:  (1) مجلس التنسيق الإسلامي:  وهو يتكون من عدة منظمات إغاثية إسلامية كان يقوم بين المهاجرين الأفغان في بيشاور بعمل الإغاثة، ثم انتقل فرع منه إلى ولاية « قندز » ليقوم بعمل الإغاثة وسط المهاجرين الطاجيك، وهي الجهة الوحيدة التي تقوم بهذا العمل في ولاية « قندز » حيث لم تقدم منظمة الإغاثة الدولية التابعة للأم المتحدة أي مساعدة، وتعلل ذلك بأسباب واهية بعيدة عن الحقائق، ويكمن ذلك في عدم إمكانية استقلالية عملها في هذه الولاية، وقد قام والي « قندز » قاري -رحمة الله- مع بعض المسئولين بمقابلة مندوبي الإغاثة الدولية لإقناعهم بتقديم المساعدات لهؤلاء المهاجرين، وبعد محادثات طويلة اعتذروا عن تقديم أي مساعدة في ولاية « قندز» إلا إذا تم نقل هؤلاء المهاجرين إلى ولاية « مزار شريف » حيث توجد محاولات بين الأمم المتحدة، والحكومة الطاجيكية الشيوعية لإرجاع هؤلاء المهاجرين إلى طاجيكستان، لا يتحقق لهم هذا الحلم في ولاية « قندز » مع أن دوستم في زياراته لهؤلاء المهاجرين في مخيم « مزار شريف » يتظاهر لهم أنه لن يسمح لأي جهة بإرجاعهم إلى طاجيكستان إلى أن يستقر الوضع هناك.

 نظرا لقلة إمكانيات مجلس التنسيق الإسلامي، فإنه لا يستطيع أن يوفر جميع احتياجات المهاجرين في ولاية«قندز » لذلك ينحصر نشاطه في توزيع الخبز، والأرز، والدقيق، وتوزيع الخيام، ويقوم يومياً بتوزيع أربعين ألف قطعة خبز على المهاجرين الذين يسكنون في المدارس، والمرافق الحكومية، وكذلك مخيم الإمام البخاري.

 وقد كون والى « قندز » قاري -رحمة الله- لجنة من أئمة المساجد، وبعض القيادات من المجاهدين، لتقوم بجانب مجلس التنسيق الإسلامي في تحمل أعبائها، وهم الذين يقومون بتوزيع المواد الغذائية بين المهاجرين.

 (2) منظمة الإغاثة الدولية:  وهى إحدى المنظمات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وتنحصر مجالات عملها في ولاية « مزار شريف » ومديرية « طاشقرغان » وذلك بإيواء المهاجرين في المخيمات، وتوزيع المواد الغذائية عليهم، وقد قاموا بحفر عدة آبار في هذا المخيم، ويعتبر هذا المخيم أفضل حالاً من المخيمات الأخرى.

حيث تشرف عليه هذه المنظمة المدعومة دولياً، ولا يخفى على ذي بصيرة مآرب هذه المنظمة في تقديمها هذه الخدمات.

وضع المهاجرين في ولاية « قندز »:

 كما أشرنا فيما سبق أن مجلس التنسيق الإسلامي رغم جهوده المشكورة والمقدرة في إغاثة هؤلاء المهاجرين، إلا أن حالتهم سيئة للغاية، حيث لا يتوفر لديهم ما يفترشونه، وما يتقون به شدة البرد، كما أن الماء لا يتوفر خاصة في ثكنات مطار « قندز » ومخيم الإمام البخاري، حيث يواجهون صعوبات في جلب الماء، فيضطر أحدهم أن يقطع مسافة ساعة ونصف مشياً على الأقدام، لجلب الماء لشربه، وبسبب هذه الصعوبات فإنهم يؤدون صلواتهم الخمس بالتيمم، حيث الماء فقط للشرب وصنع الطعام، والناظر لأحوال هؤلاء المهاجرين يلحظ أن كثيراً منهم لا يملكون سوى ثوب واحد، وهو الذي فروا به من بلادهم، كما أنك تجد معظمهم حفاة لا يملكون نعالاً، وأما الناحية الطبية، والرعاية الصحية بين هؤلاء المهاجرين، فإنها تكاد أن تكون معدومة، حيث يعاني بعضهم الأمراض الناتجة من سوء التغذية، والأمراض متفشية بينهم لقلة الرعاية الصحية، وبسبب ما عانوه خلال عبورهم النهر في فصل الشتاء القارص.

 

الكفاءات الموجودة لدى المهاجرين:

 نجد غالب المهاجرين متعلمين، بل كثير منهم أكمل تعليمه الجامعي، فيوجد بينهم المهندسون، والأطباء بمختلف تخصصاتهم، والمعلمون، والكفاءات العلمية الأخرى من الرجال والنساء، كما أنهم مستعدون للعمل إن تيسرت الظروف.

 

احتياجات المهاجرين:

 القارئ لما ورد في هذا التقرير يدرك أن الحاجة قائمة في كل جانب من جوانب الحياة، ويتمثل ذلك فيما يلى:

  1 - تأمين الطعام، والملابس، والمحروقات.

 2 - تأمين حليب الأطفال المجفف.

 3 - تأمين الخيام، والأغطية كالبطاطين، وفراش النوم.

 4 - حفر الآبار بواسطة الحفارات.

 5 - بناء المساجد في المخيمات، وتعيين الأئمة والدعاة بين المهاجرين، مع فتح الخلوات، والكتاتيب البسيطة لتعليمهم القرآن، وأمور دينهم.

 6 - طباعة الكتب، والنشرات الإسلامية التي تبصرهم بأمور دينهم.

 7 - الرعاية الصحية، وذلك بتقديم الأدوية والأجهزة الطبية، والوحدات الصحية المتكاملة فقط، حيث يوجد بينهم الأطباء والممرضون والفنيون القادرون على القيام بالأعمال المهنية.

 8 - القيام بالعمل التعليمي والتربوي خاصة وأنهم تنسموا عبير الحرية من برِاثن الشيوعية، فهم بحاجة ماسة إلى التعليم، وذلك ببناء دور الأيتام للرعاية وكفالة الأيتام، وتقديم المواد التعليمية والتربوية، علماً بأنه توجد في ولاية « قندز» مدارس عديدة لم تتمكن الحكومة الأفغانية من الاستفادة منها، وتشغيلها لقلة إمكانياتها، ويمكن الاستفادة منها لأبناء مهاجري طاجيكستان.

 واقتراح مهم، آمل أن يؤخذ بعين الاعتبار، وهو:  اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لنقل هؤلاء المهاجرين إلى منطقة أبعد من مركز « قندز » بسبعة كيلو مترات وهو واد يسمى ب « ميدان مير علم » يتسع لكل المهاجرين الموجودين في « قندز » و « طالقان » و « بدخشان » على أن يتخذ تدابير مهمة لحفر الآبار، ونقل الأجهزة التي تقوم بذلك، ولاتساع الوادي بإمكان المهاجرين أن يقوموا بزرع هذا الوادي ليخفف عنهم بعض المعاناة، وبالتالي نوجد حلاً للفراغ الهائل الموجود لديهم، ونشغل القدرات الفنية، والمهنية لدى المهاجرين.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply