صرخـات فأين المعتصم ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد ارتفعت في تاريخنا العربي والإسلامي أصوات استنجاد، وانطلقت صرخات استغاثة، رفعتها حناجر المظلومين، وأطلقتها أفواه المحرومين، كان الجواب الثابت من حكام العرب والمسلمين، على كل تلك الصرخات ثابت لم يتغير، وهو المسارعة للإغاثة والمساعدة.. ولم يحدث قط أن ماتت في أمتنا روح الحمية، وفضيلة النجدة، حتى في أشد لحظات ضعفها وتمزقها...!!!

ولعل أول تلك الأصوات المستغيثة التي صدحت في أذن التاريخ، هو صوت المرأة الأنصارية المسلمة، التي غدر بها (يهود)، في سوق بني قينقاع، فكشفوا بعض عورتها، فصاحت، وامحمداه.!

وجاءها الجواب من القائد الأول لهذه الأمة المجاهدة: أن (يـا لبيــكِ).!

وزحف النبي - صلى الله عليه وسلم -، بجنود الحق يدك أوكار اليهود، حتى مزقهم كل ممزق. ومن من العرب والمسلمين يجهل صرخة الهاشمية الحرة التي غدر بها الروم فأسروها، فصاحت صيحتها التي غدت مثلا" وامعتصمــــــــاه.!

فأجابها المعتصم، من عراق التاريخ والأمجاد: أن (يـا لبيــــك)!

وجهز جيشاً لجباً، قاده بنفسه، واقتحم به عمورية، ولم يرجع إلا بالأسيرة المسلمة، وهي حرة عزيزة، ولا تزال كلمات أبي تمام التي خلد بها تلك الملحمة الرائعة تجري في عروقنا، والتي قال فيها:

السيف أصدق إنباءً من الكتبِ في حدّه الحدٌّ بين الجدِّ واللعبِ

ومن هناك.. من وراء البحار.. من الأندلس الخضراء، صدح صوت امرأة مسلمة، غدر بها الأعداء فأسروها، فصاحت:

 واغـوثـــاه بــك يا حكم...!

(الحكم الأول بن هشام الأول ملك قرطبة من 180-206هجري).

وانطلق النداء يجلجل في أرجاء الكون، حتى بلغ الحكم ملك قرطبة، فصاح من فوق عرشه: أن (يــا لبيــــك).!

وتحرك من فوره على رأس جيش يعربي يعشق الموت في سبيل الحرية، حتى دهم العدو في عقر داره، وخلص إلى الأسيرة المسلمة، وقال لها: هل أغاثك الحكم يا أختـــــاه.!؟

فانكبت الأسيرة تقبل رأسه، وهي تقول: والله، لقد شفى الصدور، وأنكى العدو، وأغاث الملهوف، فأغاثه الله، وأعز نصره..!

ولله در الحجاج بن يوسف الثقفي، يوم بلغه صوت عائلة مسلمة أسرها الديبل في أعماق المحيط الهندي، فصاحت في أسرها: يا حَجـــــاج.!

وانطلقت الصرخة تهز أوتار الكون، حتى بلغت العراق، بلد النخوة، والكرامة، والنجدة.! فصاح الحجاج بأعلى صوته والتاريخ أذن تسمع: أن يـــا لبيـــك.!

وأرسل جيشاً لجباً جعل عليه أعظم قواده، محمد بن القاسم...

وتحرك الجيش العربي المسلم، يحدوه صوت المرأة العربية المظلومة، حتى اقتحم بلاد الديبل (كراتشي حالياً)، وقتل ملكها (داغر).! وعاد بالمرأة العربية المسلمة حرة عزيزة.!!!

واليــوم.. ما أكثر أصوات الاستغاثة والاستنجاد، التي تطلقها أفواه المظلومين، وترفعها حناجر المسحوقين من أمتنا.!!

ابتداءً من أطفال العراق ونسائه وشيوخه المظلومين، الذين تتفنن قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية الظالمة في تعذيبهم وإذلالهم، وما فضائح (أبي غريب) عنا ببعيدة!

ومروراً بأطفال فلسطين الحبيبة وشيوخها ونسائها، الذين يتفنن اليهود أيضاً في ذبحهم، وتكسير عظامهم، وبقر بطونهم، وتهديم بيوتهم، وتجريف أراضيهم، وهاهي مآسي رفح وغزة التي تقشعرّ منها الأبدان مستمرة حتى هذه اللحظة، تحت أنظار ما يسمونها بالقمة العربية ومسامعها.!!!

وانتهاءً بمآسي المسلمين في أفغانستان وكشمير والشيشان والبلقان، وغيرها، مما يشيب لهولها الولدان.!

ولا تزال الجرائم مستمرة، ولا تزال طاحونة الموت والدمار تدور رحاها على هذه الأمة، ولا تزال آلاف الحناجر من النساء والأطفال والشيوخ، تستصرخ، وتستنجد، وتستنصر، أن واعروبتــــاه.. و وا إســــلامــــاه.!

 

أفلم يعد في الضمير العربي المسلم متسع لنصرة طفل مظلوم.!؟

أولم تبق في النخوة العربية والإسلامية، بقية لإغاثة امرأة ثكلى.!؟

وهل هانت قيم النخوة والرجولة والمروءة في أمتنا، إلى الحد الذي صار فيه ذبح الأطفال، وبقر بطون الحوامل، وقتل المصلين في المساجد وهم سجود، وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها، أمراً عادياً ومألوفاً.!؟

ربَّ وامعتصمــاه انطلقت *** ملء أفـــواه الصبايا اليُتَّمِ

لامست أسماعهم لكنــها *** لم تلامس نخوةَ المعتصــم

ولكن الأمل كبير بعون الله، فالأمة لم تمت، بالرغم من كل مظاهر الضعف والذلة والغثائية البادية على حكامها...!

ولعل في بطولات المجاهدين والمقاومين الرائعة، وتضحياتهم المشرّفة، والتفاف الجماهير العربية والإسلامية حولهم، واحتضانها لهم، وتفاعلها معهم، في كل من العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان وغيرها من بلاد العرب والمسلمين المظلومة، لخير دليل على ذلك...

وسيأتي اليوم لا نشك في ذلك الذي تنتصر فيه الجماهير المؤمنة من أعدائها، وتنتقم من جلاديها... بسم الله الرحمن الرحيم ((ويســألونك متى هو، قل: عسى أن يكون قريباً)) صدق الله العظيم...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply