استخدام منهجي لأساليب التعذيب البدني والجنسي والنفسي لانتزاع معلومات واعترافات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تنشر “الخليج” في ما يأتي الجزء الثاني من تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أوضاع المعتقلين والأسرى العراقيين في السجون التي يديرها الاحتلال الأمريكي. ويشير هذا الجزء إلى أن التعذيب البدني والنفسي يمثل جزءاً من إجراءات العمل العادي من قبل أفراد الاستخبارات العسكرية الأمريكية لانتزاع اعترافات ومعلومات. ويكشف التقرير أنماط التعذيب غير الأخلاقي وغير الإنساني التي فضحتها الصور التي التقطها السجانون الأمريكيون أنفسهم وأضحت أخطر كارثة علاقات عامة بالنسبة لإدارة الرئيس جورج دبليو بوش. وفي ما يلي الجزء الثاني من التقرير:

 

تهديد السجناء بالنقل إلى جوانتانامو  وإرغام بعضهم على ارتداء ملابس داخلية نسائية وسط قهقهات السجانات!

جمعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً اتهامات عن حالات وفاة حدثت نتيجة أوضاع الاعتقال السيئة والمعاملة الوحشية وانعدام الرعاية الطبية أو لهذه الأسباب مجتمعة وخصوصاً في منطقة الاعتقال في تكريت المعروفة سابقاً باسم “مدرسة صدام حسين الإسلامية”.

 

20- (لا يوجد).

 

21- (لا يوجد)

 

22- أبلغ بعض ضباط الاستخبارات العسكرية التابعين لقوات الاحتلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن سوء معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم خلال الاعتقال والاحتجاز المبدئي و”الاستجواب التكتيكي” ناتج عن عدم وجود شرطة عسكرية على الأرض لتشرف وتراقب سلوك ونشاطات وحدات المجموعات القتالية، وعدم وجود الخبرة لدى ضباط الاستخبارات المسؤولين عن “الاستجواب التكتيكي”.

 

23- وطبقاً لأحكام القانون الإنساني الدولي التي تلزم قوات الاحتلال بمعاملة أسرى الحرب والأشخاص المحميين الآخرين بشكل إنساني وحمايتهم من أعمال العنف والتهديد بالعنف والتخويف والإهانات (المواد 13 و14 و17 و87 من اتفاقية جنيف الثالثة والمواد 5 و27 و31 و32 و33 من اتفاقية جنيف الرابعة) تطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر من سلطات الاحتلال أن تحترم في جميع الأوقات الكرامة الإنسانية والسلامة البدنية والحساسية الثقافية للأشخاص المحرومين من حريتهم الموجودين تحت سيطرتها في العراق.

 

وتطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً من سلطات الاحتلال ضمان تلقي وحدات المجموعات القتالية التي تنقل أو تحتجز أفراداً، التدريب الملائم لتمكين أفرادها من العمل بطريقة صحيحة والوفاء بمسؤولياتهم دون اللجوء إلى الوحشية أو استخدام القوة المفرطة.

 

3- المعاملة أثناء الاستجواب:

24- يتبع الاعتقالات دائماً التوقيف المؤقت على مستوى المجموعات القتالية أو في مرافق استجواب مبدئية يديرها أفراد الاستخبارات العسكرية ولكن يكون مسموحاً بدخولها لأفراد الاستخبارات الآخرين “خصوصاً في حال المعتقلين في أمور الأمن”. وان سوء معاملة من قبل أفراد قوات الاحتلال خلال الاستجواب ليس منتظماً عدا ما يتعلق بالأشخاص المعتقلين لقيامهم بمخالفات أمنية، أو الذين يُعتقد أن لهم قيمة “استخبارية”. وفي هذه الحالات، فإن الأشخاص المحرومين من حريتهم الذين تشرف عليهم الاستخبارات العسكرية يتعرضون لألوان من المعاملة السيئة تتراوح بين توجيه الإهانة والإذلال البدني والنفسي ويمكن أن تصل المعاملة السيئة في بعض الحالات إلى ممارسة التعذيب من اجل إرغامهم على التعاون مع مستجوبيهم. وفي حالات بعينها كما في قسم الاستخبارات العسكرية في سجن أبو غريب بدا أن وسائل التعذيب البدني والنفسي المستخدمة بوساطة المستجوبين تمثل جزءاً من إجراءات العمل العادي من قبل أفراد الاستخبارات العسكرية للحصول على اعترافات وانتزاع المعلومات. وأكد عدد من ضباط الاستخبارات العسكرية للجنة الدولية للصليب الأحمر أن من الإجراءات المعتادة للاستخبارات العسكرية إبقاء شخص محروم من حريته عارياً في زنزانة مظلمة وخالية تماماً لفترة طويلة لمعاملته معاملة غير انسانية ومذلة بما في ذلك التعذيب البدني والنفسي ضد أشخاص محرومين من حريتهم من اجل ضمان تعاونهم مع مسؤولي الاستجواب.

 

31 أساليب سوء المعاملة:

 

25 تشتمل أساليب سوء المعاملة التي كثيراً ما ادّعاها الأشخاص أثناء استجوابهم على:

 إلباس المعتقلين أكياساً تغطي رؤوسهم ووجوههم داخلها، من أجل منعهم من الرؤية وتضليلهم، ومن أجل منعهم من التنفس كذلك. وكان يستعمل كيسٌ أو اثنان في بعض الأحيان مع عصابة مطاطة للعينين، عندما تنزلق فوق العينين، تعيق التنفس أكثر. وكانت تغطية الوجه والرأس هذه تستعمل في بعض الأحيان بمصاحبة الضرب بحيث تزيد قلق المعتقل حيث لا يعرف متى تنهال عليه الضربات. كما أن تغطية رأس ووجه المعتقل تتيح للمحققين والمستجوبين أن تظل هوياتهم مجهولة ومن ثمّ يتصرفون بحصانة، وقد يدوم لبس الأكياس على الرأس والوجه لمدد تتراوح بين عدة ساعات ويومين إلى أربعة أيام متعاقبة، لا ترفع الأكياس خلالها إلا عند تناول الطعام أو شرب الماء أو قضاء الحاجة.

 

 تكبيل اليدين بقيود مثنيّة تشد في بعض الأحيان بإحكام شديد، وتستخدم على مدى الفترات الطويلة المذكورة، بحيث تسبّب جروحاً في الجلد، وتأثيرات لاحقة تدوم فترة طويلة على اليدين (مثل إتلاف الأعصاب)، مثلما لاحظت اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

 الضرب بأشياء صلبة (من بينها المسدّسات والبنادق)، والصّفع، واللّكم، والرفس بالركبتين أو الأقدام أو على أجزاء مختلفة من الجسم (على السيقان والخواصر، وأسفل الظهر، ومنطقة العانة).

 

 ضغط الوجه على الأرض بالأحذية.

 

 التهديد (بإساءة المعاملة، والانتقام من أفراد أسرة المعتقل، والإعدام الوشيك، أو النقل إلى جوانتانامو).

 

 التجريد التام من الملابس والبقاء كذلك أياماً عديدة، بينما يُحتجز المعتقل في زنزانة انفرادية خالية ومظلمة تماماً تحتوي على مرحاض.

 

 الحجز الانفرادي المترافق مع تهديدات (بحجز الشخص إلى أجل غير مسمى) واعتقال سائر أفراد أسرته، ونقله إلى جوانتانامو، وعدم النوم فترة كافية، والحرمان من الطعام أو الماء، والحرمان إلا من الحد الأدنى من الاستحمام (مرتين في الأسبوع)، والحرمان من الوصول إلى الهواء الطلق ومنع الاتصالات مع الأشخاص الآخرين المحرومين من حريتهم.

 

 إجبار المعتقل على السير عارياً خارج الزنازين أمام الأشخاص الآخرين المحرومين من حريتهم، وأمام الحراس، وفعل ذلك في بعض الأحيان بعد إلباس المعتقل كيساً يغطي رأسه ووجهه، أو إلباسه ملابس داخلية نسائية على رأسه.

 

 تعريض المعتقل لأعمال إهانة وإذلال مثل إجباره على الوقوف عارياً عند جدار الزنزانة وذراعاه مرفوعتان أو مع ارتدائه ملابس داخلية نسائية على رأسه فترات طويلة بينما يتعرض لقهقهات الحرس، بمن في ذلك الإناث من أفراد هذا الحرس، وتصويره في بعض الأحيان وهو في هذا الوضع.

 

 ربط المعتقل مراراً وتكراراً على مدى أيام عديدة، وساعات طويلة في كل مرة، بالأغلال اليدوية إلى قضبان باب زنزانته في وضع مهين (كأن يكون عارياً أو بملابسه الداخلية)، أو في وضع غير مريح يسبب ألماً جسدياً.

 

 تعريض المعتقل ورأسه في الكيس لأصوات صاخبة أو موسيقا صاخبة، وتعريضه لفترات طويلة ورأسه في الكيس للشمس ساعات طويلة، بما في ذلك خلال ذروة الحرارة في النهار، عندما تصل درجة الحرارة في بعض الأحيان إلى 50 درجة مئوية أو أكثر.

 

 إجبار المعتقل على أن يظل في أوضاع مجهدة فترات طويلة، كأن يظل جاثماً أو مقرفصاً، أو واقفاً وذراعاه مرفوعتان أو غير مرفوعتين.

 

26 كانت أساليب القهر الجسدي والنفسي هذه تستعمل من قبل الاستخبارات العسكرية بطريقة منهجية لانتزاع الاعترافات والمعلومات، أو غير ذلك من أشكال التعاون من أشخاص جرى اعتقالهم على علاقة بالاشتباه بقيامهم باعتداءات أمنية، أو ممن يعتبرون ذوي “قيمة استخبارية”.

 

23 قسم الاستخبارات العسكرية (إصلاحية أبو غريب):

 

27 في منتصف أكتوبر/تشرين الأول عام، 2003 قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة أشخاص محرومين من حريتهم ويخضعون للتحقيق من قبل ضباط الاستخبارات العسكرية في الوحدة، 1 قسم “العزل الانفرادي” في إصلاحية أبو غريب. وخلال الزيارة، اطلعت وفود اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشكل مباشر على مجموعة متنوعة من الأساليب المستخدمة لضمان تعاون الأشخاص المحرومين من حريتهم مع المحققين. وقد شهد هؤلاء، بشكل خاص، على عملية إبقاء الأشخاص المحرومين من حريتهم عراة في زنزانات إسمنتية فارغة وفي ظلمة تامة لعدة أيام متتالية. ولدى الإطلاع على هذه الحالات، قطعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر زيارتها وطالبت السلطات بتقديم تفسير. وأوضح ضابط الاستخبارات العسكرية المسؤول عن التحقيق، أن هذه الممارسة هي “جزء من العملية”، ويبدو أن العملية ما هي إلا سياسة تبادل، حيث من خلال تزويد الأشخاص المحرومين من حريتهم بمواد جديدة تدريجياً (ملابس ومفارش ومواد تنظيف والإضاءة.. الخ) مقابل “تعاونهم”. وقامت اللجنة الدولية أيضاً بزيارة أشخاص محرومين من حريتهم محتجزين في ظلمة تامة وآخرين موقوفين في زنزانات باهتة الإضاءة سُمح لهم بارتداء الملابس بعدما كانوا قد احتجزوا لفترات عديدة وهم عراة. وتم إعطاء أشخاص آخرين ملابس داخلية نسائية كي يرتدوها تحت جوارب نسائية (لم يتم توزيع ملابس داخلية رجالية) الأمر الذي ولّد عندهم أحساساً بالذل.

 

وقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوثيق أشكال أخرى من المعاملة السيئة التي عادة ما تكون مترافقة مع ما وصف آنفاً، وتشمل التهديد والإهانة والعنف اللفظي والحرمان من النوم عن طريق تشغيل موسيقا صاخبة أو باستخدام ضوء ثابت في زنزانات خالية من النوافذ، والتكبيل المحكم بواسطة أصفاد مرنة تسبب آفات وجروحاً حول المعصم. واشتملت العقوبات على إجبار الأشخاص على المشي في الأروقة عراة ومكبلين أو واضعين ألبسة نسائية على رؤوسهم. وظهرت علامات جسدية لدى بعض الأشخاص المحرومين من حريتهم إضافة إلى بعض الأعراض السيكولوجية التي تنسجم مع هذه المزاعم. وقام الوفد الطبي التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، بإجراء فحوصات لأشخاص محرومين من حريتهم يعانون من صعوبات في التركيز ومشكلات في الذاكرة وصعوبات في النطق واختلاط الكلام ونوبات توتر حادة وسلوك غير طبيعي ونزعات انتحارية. ويبدو أن تلك الأعراض قد نجمت عن الأساليب المتبعة في التحقيق والمدة التي استغرقها هذا الأخير. ولم يبد أحد الأشخاص الذين كانوا في العزل الانفرادي، أية استجابة للمحفزات اللفظية أو الجسدية. وكان معدل ضربات قلبه 120 نبضة في الدقيقة ومعدل تنفسه 18 نفساً في الدقيقة وتبين انه يعاني من اضطراب عقلي وتحديداً من اضطراب عصبي وظيفي يُرجح أن يكون نتيجة المعاملة السيئة التي خضع لها أثناء التحقيق.

 

ووفقاً للمزاعم التي جمعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن سلطات السجن أصرت على عدم إطلاع الأشخاص المحرومين من حريتهم على أسباب اعتقالهم طيلة فترة التحقيق، وغالباً ما كانوا يستجوبون من دون أن يعلموا التهمة الموجهة لهم. ولم يكن يسمح لهم بتوجيه الأسئلة، كما لم تتح لهم أية فرصة للحصول على توضيح يتعلق بسبب احتجازهم. وكانت طبيعة المعاملة التي يتلقونها تعتمد على درجة تعاونهم مع المحققين. فالذين أبدوا تعاوناً، حصلوا على معاملة مميزة شملت على سبيل المثال، السماح لهم بالاتصال مع أشخاص آخرين محرومين من حريتهم أو السماح لهم بالاتصال هاتفياً مع عائلاتهم أو منحهم ملابس ومفارش وأطعمة والماء والسجائر، أو السماح لهم بالاغتسال أو وضعهم في زنزانة باهتة الإضاءة.. الخ.

 

33 أم قصر ومعسكر “كامب بوكا”:

 

28 منذ إنشاء معسكر أم قصر وخليفه معسكر “كامب بوكا”، كان الأشخاص المحرومون من حريتهم الخاضعون للتحقيق، سواء الذين جرى اعتقالهم من قبل القوات المسلحة البريطانية أم الدنماركية أم الهولندية أم الإيطالية، مفصولين عن السجناء الآخرين في قسم مختلف من المعسكر، ومخصص للتحقيق. وكانت تدير هذا القسم في البداية، القوات المسلحة البريطانية التي أسمته “فريق الاستخبارات المشتركة الميداني” وفي 7 ابريل/نيسان، تم نقل الإدارة إلى القوات الأمريكية والتي أعادت تسميته وأطلقت عليه اسم “منشأة التحقيق المشترك/ فرع مراقبة التحقيق”. وفي 25 سبتمبر/أيلول عام 2003 تمت إعادة إدارته إلى القوات المسلحة البريطانية.

 

29 قام عناصر استخبارات قوات التحالف باستجواب أشخاص محرومين من حريتهم ولهم وضع خاص بالنسبة لهم في هذا القسم، وهم إما متهمون بشن هجمات ضد قوات التحالف أو أن لهم “أهمية استخبارية” وقد تتراوح فترة احتجازهم هناك بين بضعة أيام وبضعة أسابيع، إلى أن ينتهي التحقيق. وخلال زيارة في عام، 2003 التقت اللجنة الدولية في هذا القسم مع عدد من الأشخاص المحرومين من حريتهم والذين كانوا محتجزين لفترات تراوحت بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع.

 

30 بداية، كان الحراس يعاملون المحتجزين باحتقار وبعنف شديدين حيث كانوا يصرخون في وجوههم لدى إعطاء الأوامر أو أنهم كانوا يركلونهم أو يضربونهم بأخمص البندقية أو يقومون بدفعهم بشدة. وكان هؤلاء المعتقلون مقيّدين ورؤوسهم مغطاة بأكياس طيلة فترة التحقيق فضلاً عن انه كان ممنوعاً عليهم التحدث إلى بعضهم أو إلى الحراس.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply