مجزرة تايلاند ومسلموها


بسم الله الرحمن الرحيم

 

طالبت هيئة الأمم المتحدة بالتحقيق الفوري في المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من مائة مسلم في جنوب تايلاند على أيدي قوات الجيش التايلاندي منهم حوالي 37 مسلما لجأوا لأحد المساجد ومعه ذلك فقد قتلتهم القوات التايلاندية داخل المسجد وبأسلوب همجي دموي فلم ينج منهم أحد. ومع تناقض البيانات الرسمية عن سبب هذه المذبحة الوحشية بين اتهام الضحايا بأنهم تجار مخدرات أو الزعم بأنهم يشكلون عصابات إجرامية، أو التأكيد من جهة ثالثة أنهم انفصاليون مسلمون، فقد تزايدت الشكوك حول سلوك الجيش التايلاندي في الولايات الجنوبية التي تسكنها أغلبية مسلمة، وتصاعدت المطالبات بالتحقيق المستقل الشامل في ظروف هذه المجزرة.

لقد كانت جزيرة الملايو بأكملها وحتى الحدود الحالية لماليزيا وتايلاند تحت حكم مملكة فطاني المسلمة (جنوب تايلاند) التي يحكمها الملاويون المسلمون وكانت لغتها الملاوية تكتب بالأحرف العربية، ولما احتل البرتغاليون مالقا في أوائل القرن السادس عشر (1511م) تحرك التايلانديون البوذيون جنوبا للاستيلاء على مملكة فطاني المسلمة والولايات الجنوبية التابعة لها، ولم تستطع تايلاند السيطرة على فطاني إلا بعد قرنين أي في نهاية القرن الثامن عشر (1786م) ومنذ ذلك الحين وثورات المسلمين تتوالى للخلاص من الحكم البوذي التايلاندي واستمرت هذه الثورات الإسلامية حتى عام 1961م.

تلك لمحة تاريخية ضرورية ينبغي الإشارة إليها لتذكير الحكومة التايلاندية بأن السبيل الأوحد لكسب ود وولاء الجنوب الإسلامي في البلاد هو الاستجابة المخلصة الصادقة للمطالب المشروعة للمسلمين والتي يطالبون بها لأكثر من مائتي عام باحترام دينهم وثقافتهم ولغتهم واحترام كيانهم، ومن الملاحظ خلال تاريخ القرنين الماضيين أن الحكم العسكري في تايلاند والقوات المسلحة كانا دائما العقبة أمام تحقيق مطالب المسلمين، والسبب وراء ما يقاسونه من مظالم وتعديات، بينما كانت الحكومات المدنية الدستورية اقرب لتوطيد التفاهم والسلام مع مسلمي الجنوب.

على أن أخطر ما يهدد المسلمين ويثير نقمتهم هو مخطط التهجير المنظم للبوذيين إلى الجنوب حتى لا تكون الأغلبية مسلمة، وتمليكهم المساحات الكبيرة من الأراضي والعقارات، ومحاولات محو اللغة الملايوية والسيطرة على مناهج التعليم وإجبار الطلاب المسلمين على استخدام اللغة التايلاندية والثقافة البوذية، وكذلك حرمان المسلمين من نصيبهم العادل من وظائف الدولة خاصة في الأقاليم الإسلامية الجنوبية والمغالاة في فرض الضرائب، والقمع الدموي للحركات السياسية التي تنشأ طبقا للدستور للمطالبة بالحقوق المشروعة للمسلمين. وسيكون من الخطأ البالغ أن تستغل العناصر البوذية المتشددة في الحكومة والجيش الأجواء العالمية التي خلقتها الحرب على الإرهاب للمزيد من القمع والظلم للمسلمين التايلانديين والمزيد من هضم حقوقهم وتخويفهم والاستمرار في تهجير البوذيين إلى مناطقهم وأراضيهم، والأمل أن تتحرك منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والحكومات الإسلامية لإقناع حكام تايلاند بانتهاج سبيل العدالة مع مسلميها وعدم العدوان على حقوقهم أو التنكر لمطالبهم العادلة، وكف أذى القوات المسلحة عنهم ومعاقبة المسؤولين عن المجزرة الأخيرة طبقا للقانون.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply