سقوط الجامعة العربية بالضربة القاضية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عاد وزراء الخارجية العرب إلى بلادهم وسط حالة من الصدمة والذهول بعد إلغاء القمة التي كانت مقررة للرؤساء والملوك العرب وسط جدل واسع حول نهاية الجامعة العربية وسقوطها بالضربة القاضية.

وسط تبادل الاتهامات وتناثر التصريحات حول الخلافات العميقة التي  سيطرت علي الاجتماعات التحضيرية، تستعد القاهرة لعقد  القمة العربية وسط محاولات تونسية لإفشالها مجدداً بعد إلغائها.

فور إعلان مصر عقد القمة بالقاهرة أعلنت تونس أن القمة يجب أن تعقد بـأراضيها في ذات اليوم الذي فاجأ الرئيس التونسي وزراء الخارجية المجتمعين ببيان تلاه وزير خارجيته بإلغاء القمة، وهذا التصرف التونسي يشير إلى نية مبيتة لإفشال التجمع العربي بأي طريقة، فالقمة كانت ستنعقد، وتونس ألغتها دون التشاور مع الأمين العام والأطراف الأخرى، إلا أن الموقف التونسي بدا واضحاً تبنيه ما تطرحه أمريكا فيما يعرف بالشرق الأوسط الكبير، ولفرض أجندة صهيونية أمريكية رغم التراجع الكبير للموقف العربي الراهن.

و كانت وزارة الخارجية التونسية قد زعمت في بيان أصدرته في ساعة متأخرة من ليل السبت أن الزعماء العرب أجلوا قمة طال انتظارها وذلك قبل 36 ساعة فقط من الموعد الذي كان من المقرر أن تبدأ فيه بسبب خلافات بشأن مقترحات لتوسيع الديمقراطية في العالم العربي.

وقالت الوزارة في بيان: إنه اتضح وجود اختلاف في المواقف بشأن المقترحات المتعلقة بقضايا جوهرية بشأن التحديث والإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان وحقوق المرأة.

 فجرت تونس مفاجأة ضخمة في ساعة متأخرة من ليلة السبت الأحد عندما قررت إرجاء القمة العربية إلى موعد لم يحدد، في وقت كان وزراء الخارجية العرب مجتمعين لوضع اللمسات الأخيرة على التوصيات التي سترفع إلى الملوك والرؤساء العرب خلال اجتماعهم الذي كان مقرراً في 29 و30 آذار/مارس الجاري.

ورغم ظهور شائعات الجمعة حول احتمال إرجاء القمة الأمر الذي نفاه كل من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى واصل وزراء الخارجية العرب أعمالهم السبت لليوم الثاني على التوالي وسط مناقشات "اتسمت أحياناً بالحدة" حسب قول موسى خصوصاً بشأن الإصلاحات في العالم العربي، إلا أن شيئاً لم يكن يوحي بأن الأمور وصلت إلى توتر قد يدفع باتجاه إرجاء القمة.

وقبيل منتصف الليل تلا وزير الدولة التونسي للشؤون الخارجية حاتم بن سالم بياناً أعلن فيه: أن تونس قررت إرجاء القمة بعد أن ظهر "تباين في المواقف" حول اقتراحات قدمتها، وتعتبر أنها "جوهرية وبالغة الأهمية".

وعلق وزير عربي لـ  (إف ب) طلب عدم الكشف عن اسمه على الإرجاء بالقول: "كنا في اجتماع وزراء الخارجية العرب عندما أعلمنا وزير الخارجية التونسي عند الساعة 22,50 (21,50 تغ) بأن تونس قررت إرجاء القمة"، وأضاف "فوجئنا بالأمر لأن الخلافات لم تكن عميقة".

وهي المرة الأولى منذ قيام الجامعة العربية في العام 1945 التي يعلن فيها إرجاء موعد قمة بعد أن يكون وزراء الخارجية باشروا أعمالهم للإعداد لها.

وقال وزير عربي طلب عدم الكشف عن اسمه: "كنا أنهينا العمل على مشروع الإصلاحات في العالم العربي عندما تم إبلاغنا بإرجاء القمة، مع العلم أن التعديلات التي كانت طالبت بها تونس أدخلت إلى النص النهائي".

ونشرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية تعليقاً ليلة السبت الأحد اتهمت فيه بعض الدول العربية بالعمل على استبعاد "مسائل جوهرية مثل رفض العنف والإرهاب" ما دفع الحكومة التونسية إلى إرجاء القمة.

في ما يلي بلاغ وزير الشؤون الخارجية التونسي حول تأجيل قمة جامعة الدول العربية:

" نظر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري لقمة تونس يومي 26 و 27 مارس الجاري في مشروع جدول أعمال هذه القمة، ومشاريع الوثائق التي ستعرض عليها والتي من بينها بالخصوص "وثيقة العهد والوفاق والتضامن ".

وقد برز عند مناقشة وثائق القمة تباين في المواقف حول بعض التعديلات والاقتراحات التي كان تقدم بها الجانب التونسي حول مسائل يراها جوهرية وبالغة الأهمية بالنسبة إلى التطوير والتحديث والإصلاح في بلداننا العربية بما يعزز الخطى لتحقيق التقدم الديمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، وتدعيم مكانة المرأة، ودور المجتمع المدني وغيرها.

وإن تونس تعرب عن أسفها الشديد لتأجيل انعقاد هذه القمة التي علق عليها الرأي العام العربي والدولي آمالاً كبيرة خصوصاً بالنظر إلى الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة العربية، والمأزق الذي تردت فيه القضية الفلسطينية بعد التطورات المأساوية الأخيرة.

وإن تونس تؤكد حرصها على مواصلة التشاور مع الإخوة العرب لتقريب وجهات النظر حول المواضيع الجوهرية، وتهيئة أفضل الظروف لإنجاح القمة في إطار سعيها الدؤوب من أجل النهوض بالعمل العربي المشترك، وخدمة القضايا المصيرية للأمة العربية ".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply