أمر الرئيس السوداني عمر حسن البشير بمنع استقبال الشخصيات الرسمية والدبلوماسية من الدانمارك، وطرد المنظمات الدانماركية العاملة في السودان, ومقاطعة السلع الدانماركية.
التعليق:
لن يكف الغرب عن محاربة الإسلام ومحاولة النيل من رموزه، وما يحدث الآن في الدانمارك وفي عدد من العواصم الأوروبية ما هو إلا تنفيس عن أحقاد قديمة كانت الحروب الصليبية جزءاً منها، الجديد في الأمر هو التبجح على المستوى الرسمي والشعبي وهو أمر بدأ عقب هجمات سبتمبر بصورة واسعة متذرعاً بها, وظهر في تصريحات عدد من المسئولين الغربيين وقيل يومها على لسان بعض المسئولين الغربيين والمدافعين عنهم من المسئولين المسلمين: "إن المقصود بذلك هم المتطرفون"، ولا أعرف ما دخل من أسموهم بـ"المتطرفين" بإهانة الإسلام ورسوله - صلى الله عليه وسلم -º فرأس الكنيسة الكاثوليكية عندما نقل عن أحد المؤرخين النصارى اتهامه للإسلام "بالوحشية"º لم يكن يقصد "المتطرفين", وكذلك الرئيس الأمريكي عندما وصف الإسلام "بالفاشية", وعندما وصف أحد رجالاته "رب المسيحية بأنه أكبر وأعظم من رب المسلمين", فهي اتهامات للدين نفسه وليس لبعض أتباعه، والتبرير بهذه الطريقة حيلة مكشوفة عفا عليها الزمن, وإن كان بعض غلاة العلمانيين من بقايا الشيوعية البائدة ما زال يستخدمها في النيل من أحكام الإسلام المجمع عليها كالحجاب مدعياً أنها "اجتهادات الكتب الصفراء" أو "فقه البداوة"، إلا أن ما يهمنا في هذا المقام هو ردود الأفعال التي صاحبت تجدد هذه الإساءات، فلقد تنوعت بين ردود أفعال رسمية وشعبية, فمن ناحية الردود الرسمية كان منها ما هو قوي مثل رد الفعل السوداني الذي ترجم الاستنكار العربي الشهير لفعل حقيقي برفض استقبال أي مسئول دانماركي، وطرد المنظمات الدانماركية العاملة في البلاد، وبين الحفاظ على موروثات الشجب والاستنكار كحال معظم البلدان العربية, أما على الصعيد الشعبي فقد اندلعت عدد من التظاهرات في معظم العواصم العربية والإسلامية، مع تجدد المطالبة بالمقاطعة.
لكن السؤال الذي يلح بشدة في هذا الوقت هو: إلى متى ستظل غضبة الشعوب العربية والإسلامية وقتية ويسهل تخديرها وتوجيهها؟ ولماذا لا توجد استراتيجيات طويلة الأمد لوقف مثل هذه الإهانات؟ لقد هاج الشعب العربي بعد نشر الرسوم في المرة الأولى، وقرر المقاطعة، وظهرت بوادر قلق على الجانب الآخر، ولكن بمرور الوقت هدأت المشاعر، وتوقف صخب المقاطعة، وتسللت البضائع الدانماركية من جديد إلى الأسواقº مما شجع المسيئين على العودة، وعلى نطاق أوسع، ولا أدري لماذا لا تتم مقاطعة جميع البضائع الغربية غير الضرورية والتي تدخل في إطار الرفاهيات وبشكل قاطع؟ وهي ليست بالقليلة وستؤثر حتماً على اقتصاد هذه الدول، وستشجع على إقامة صناعة وطنية لمواجهة شبح البطالة والفقر, ثم من هي الدانمارك وما ثقلها الدولي هي وبقية الدول الإسكندنافية حتى يتم التردد في قطع العلاقات معها، وطرد منظماتها وشركاتها من الأراضي العربية، إنها ستكون رسالة في غاية القوة لجميع العابثينº شرط أن تظل ضمن خطة مستمرة تقوم عليها عدد من المؤسسات الأهلية حتى لا تخفت حماسة المتحمسين، ونستيقظ على إهانة جديدة.
هناك نغمة سائدة الآن كما كانت سائدة في المرة الأولى وهي أن هؤلاء الناس مساكين لا يعلمون حقيقة الإسلام لذلك يهاجمونه، وأنا بدوري أتساءل: هل سنتركهم يهينون رموزنا الدينية حتى يعلم جميعهم حقيقة ديننا؟ وهل هم مستعدون لذلك حقاً؟ وهل هذا الأمر متاح واقعياً أم هو ضرب من الخيال لم يحدث حتى في وقت الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل لو كان المسلمون أقوياء مثل اليهود كان تجرأ عليهم مدّعو الحرية؟ لقد أرهب اليهود من تجرأ على الطعن فيما يسمى "ضحايا الهولوكوست" وحاكموهم، وتم فرض قوانين تجرم مجرد التشكيك في أعداد قتلى اليهودº رغم أنها مسألة ليست من صلب عقيدتهم.
إن منطق القوة الذي أشرنا إليه سابقاً هو الذي ينبغي المصير إليه في مثل هذه الأمور, أما نشر حقيقة الإسلام في الغرب فهي قضية دعوية محورية، ولكنها تحتاج لعشرات السنين، ولا يمكن انتظار تحقيقها لوقف الإهانات.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد