الـمـقصـود بزكاة الفطر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
*زكاة الفطر في الاصطلاح:* هي صدقة تجب بالفطر من رمضان؛ وإنما سميت بصدقة الفطر لأنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذا من جهة أنه أضاف الصدقة إلى الفطر والإضافة تقتضي الاختصاص، أي الصدقة المختصة بالفطر.

 

 *الأصل في وجوب زكاة الفطر

 _الكتاب والسنة والإجماع._

*أما الكتاب:* فقول الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى" قُال ابن كثير: رُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِإِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى" (قد أسنده البيهقي في الكبرى (7815)وسنده صحيح)

 

_وقد روى ابن خزيمة أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئلَ عن قَولِه: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)" قال: "هِىَ زَكاةُ الفِطرِ"

_وقال الذهبي: إسناده واه، فى إسناده " كثير بن عبد الله "

_وقال الشافعي وأبو داوود: ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد على حديثه، وقال الدارقطني وغيره: متروك. (ميزان الاعتدال(3/407

*وأما السنة:* فعن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما -قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين...". رواه الجماعة.

 

_وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر صارخاً ببطن مكة ينادي: "إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم" أخرجه الحاكم (1492) وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ»

 

_قال ابن عبد البر: معنى قوله " فرض " عند أهل العلم أوجب، وما أوجبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبأمر الله أوجبه، وما كان لينطق عن الهوى .(الاستذكار(3/265))                                                                  

 

 *أما الإجماع:* قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأنها تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الذين لا أموال لهم.(الإجماع(ص/47)).

_ونقله وزين الدين العراقي فى طرح التثريب(46/4)و ابن رشد في بداية المجتهد (3/133)

 
_وقال النووي: قول ابن اللبان -أي بعدم وجوبها- شاذ منكر، بل غلط
صريح(الروضة(1/465)) 
 

 

*تــنــبــيــه*

 وأما ما رواه قيس بن سعد – رضي الله عنه – من قوله: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهانا ونحن نفعله". رواه أحمد (23840) ،وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1493)

 *فلا يستدل به على نسخ فرضية زكاة الفطر لأمور:*
1-      نزول فرض لا يوجب سقوط الآخر، و الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه.
2-      قد سبق الأمر بزكاة الفطر، والأصل بقاؤه.
3-      قد أجمع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، وإن اختلفوا في تسميتها فرضاً.
4-     ما ورد من تعديل الكيل لمدين من حنطة بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم – لا يكون إلا مع بقاء فرضها، فكان هذا مخالفًا لما قاله قيس في ذلك.(وانظر معالم السنن(430/1)و السنن الكبرى للبيهقي (269/4) وشرح مشكل الآثار(51/6)).

 

_المقال الأول:

*للشيخ/ أيمن إسماعيل.*

 *يُــتــبــع *

 

  *المــقـال الثــانــي*

  *ثــالــثاً* :

*الحـــكــمــة من زكــاة الفـطـر :-* لا شك أن مشروعية زكاة الفطر لها حِـــكـم كثيرة من أبـرزها وأهمـها ما ورد في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما -قال : *"فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكـاة الفـطـر طُـهـرة للـصائـم من اللـغو والـرفث، وطعمـة للمـساكـين ."*

أخرجه أبوداود(1609) حسنه النووي في المجموع (126/6)، وابن قدامة في المغني (284/4).)) وصححه الحاكم على شرط البخاري.

 

1-فهي طُهرةٌ للصائم :* من اللــغو والـرفث، حيث تُجبر ما قد وقـع من خـلل صـوم المسلم في رمـضـان .

2-طُـعـمـةٌ للمساكين* : فهي إغــناء لهـم عن السـؤال في يوم العـــيـد، وإدخال للسرور عليهم .

 

  *قـال وكـيـع بن الجــراح:* صدقة الفـطـر لرمضان *كسجـدتي الســهو للصـلاة لجبـر النقصان.* ا.هـ

 

*قـال ابن المــلقن :*

فإن قلت: فقد وجبت على من لا إثم عليه ولا ذنب كالصـغير، والصالح المحقق الصلاح، والكافر الذي أسلم قبل غروب الشمس بلحظة.

 

قــلــنا:

*التعليل بالتطهير لغالب الناس، كما أن القصر في السفر جُــوز للمشقة فلو وجد من لا مشقة عليه فله القصر .*

 

وكما يُــقال :

*أنه إذا تخلفت هذه العلة في حقه، ثبتت العلة الأخرى وهي "طعمة للمساكين".* (الإعلام(119/5) وفتح ذي الجلال والإكرام(95/3)) .

 

*رابـــعاً* :

*على من تجـب زكــاة الفــطـر ؟*

 

_قد اشترط الحنيفية لوجوب زكاة الفطر أن يكون *المرء مــالكــاً لنِــصَابَ الــزَّكَـاةِ* ؛ وذلك لما أخرج مسلمٌ عنْ حديثِ حكيمِ بنِ حِزامٍ – رضي الله عنه – مرفوعاً: *«أَفْضَلُ الصَّـدَقَةِ عَـنْ ظَـهْرِ غِنًـى، »* ، فنفى الصدقة عن الفقير، وبالقياس على زكاة المال .

 

  *والراجح هو ما عليه جمهور أهل العلم* : أن زكاة الفطر فرض على كل مسلم يملك قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه؛ لما قد ورد من حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما: *«فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ»*

 

*وهذا نص يَشْمَلُ الغنـيَّ والفقيـرَ الذي لا يملك نصابًا كما أن إطلاق الأحاديث التى أوجبت زكاة الفطر ينافى القول بتقييدها لمن كان مالكاً للنصاب .*

 

  *وأما اشتراط أبى حنيفة لوجوب زكاة الفطر* أن يكون المرء مالكاً لنِصَابَ الزَّكَاةِ ، فكما قال العبدري: أن هذا القول لم يحفظ عن أحد غير أبى حنيفة .

 

*و أمَّا استدلال الحنفية* بحديثُ: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» ، فجوابه : أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لما سئل عما يغنى المرء ؟ قال: *«أن يكون له شبع يوم وليلة»* ، كما أن زكاة الفطر يســقط وجوبها عمن لم يملك قوته يومًا أو ليلة .

 

*وأمَّا الاستدلال بالقــياس:*

 فـغيــرُ صحــيحٍ ؛ *لأنه قياسٌ مع الفارق؛ إذ وجوبُ الفطرة متعلِّقٌ بالأبدان، والزكاة بالأموال».* وانظر المجموع (89/6) ونيل الأوطار (246/5)

 

   *فــــــــــرع* :

*ذهب جـمهـور العـلمـاء* إلى أن كل من وجبت على المرء نفــقته وجبت عليك فــطـرته ؛ وذلك لما روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم – *"أنه أمر بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تَمُونُونَ "*.

 

 قــال الـذهــبـي في "المهذب (6757) : *إسناده لين. وضعَّفه ابن حجر في التلخيص* (2/184)

 

وقال الـدارقـطـني : *رفعه القاسم بن عبد الله وليس بقوي , والصواب موقوف .*

 

قال النـــووي :  *" إسناده ضعيف , وقال البيهقي : إسناده غـير قــوي .*

 

وقد صح الأثر مـوقوفاً على ابن عمر- رضى الله عنه – أنه كان يعطي صدقة الفطر عن جمــيع أهله صغيرهم وكبيرهم عمَّن يعول .(صحه البيهقى في الخلافيات (4/419)والدارقطنى في سننه (2078).

 

قال *مــالـك* :

أحسن ما سمع فيما يجب على الرجل من زكاة الفطر، أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن نفقته. ولا بد له من أن ينفق عليه.(الموطأ (/)).

 

قال الــنووي :

وجهات تكمل الفطرة ثلاث :

*الملك والنكاح والقرابة* ، فمن لزمة نفقة بسبب منها لزمه فطرة المنفق عليه .(الروضة (464/1)) .(الاستذكار(263/3)) .

 

بينما ذهب الثوري وأصحاب الرأي : *إلى أن زكــاة الفـطر يخرجها كل امريء عن نفسه ، فليس واجباً على الزوج –مثلاً -أن يخرج عن زوجته زكاة الفطر ؛ لما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم : " صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى..." .*

 

*قـال ابـن المـنـذر* :

 ولم يصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم – خبر يعارض به هذا الخبر ؛ *وظاهر الحديث لا يجوز تركه وليس منه إجماع فيتبع.*

 

ومما يقوّى هذا القول ويقدَّمه ما ورد من مقال في حديث *(ممن تَمُونُونَ...)*.

 

*فالصــحــيح*

 أنها واجـــــبة على الأعـيـان ، وأن الـزوجة والأبناء يجب أن يـؤدي كل شخص زكاة الفطر عن نفسه، *لكن لو تبــرع الرجل بإخراجها عمن في بيته فهذا جـــائــز ؛* لأن ابن عمر -رضي الله عنه – كان يفعل ذلك كان يخرج زكاة الفطر عمن في بيته.( الإشراف على مذاهب العلماء(72/3)والشرح الممتع (675/2)

 

بقلم الشيخ */ ايـــمـــن إســمـاعـيــل*

يــــتـــبع إن شاء الله .

 

*المقال الثالث*

يجب إخراج زكاة الفطر عمن تجب على المرء نفقته بأصل الشرع ، لا ما كان على وجه التبرع..

 

وعليه: فمن  تبرع بالنفقة على ذى قرابة، أو يتيم لا مال له  فلا يجب عليه على الراجح إخراج زكاة الفطر عنهم.

*قال النووي:* لو تبرع إنسان بالنفقة على أجنبي لا يلزمه فطرته بلا خلاف عندنا.

*وبه قال مالك، وأبو حنيفة . (المجموع) (100/6)

*وقال ابن قدامة :* وهذا قول أكثر أهل العلم وهو الصحيح  (73/3)

اليتيم الذى له مال كإرث أو صدقة تصدق بها عليه فزكاة الفطر واجبة في ماله .

 

وبه قال قال جمهور أهل العلم.

من عقد على امرأة ولم يدخل بها فلا يلزمه فطرتها ؛ لأنها غير ملزم بالنفقة عليها ،  وكذا من كانت زوجته كتابية التنصيص على وجوبها على المسلمين.

تجب زكاة الفطر على كل من غربت عليهم شمس آخر يوم من رمضان ، فإذا ولد الطفل قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان أخرجت عنه زكاة الفطر، أما إذا غربت شمس آخر يوم من رمضان وهو في بطن أمه فلا يجب إخراجها عنه.

 

_هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم وهو قول الحنابلة والشافعية، وعللوا ذلك بأن هذه الزكاة أضيفت إلى الفطر، والإضافة تقتضي الاختصاص/ أي الصدقة المختصة بالفطر.

 

وأول فطر يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان.

وأما إخراجها عن الجنين: فقد نقل ابن قاسم في حاشية الروض (277/3)

 

اتفاق الأئمة الأربعة على استحاب ذلك ، إذا كمل الجنين في بطن أمه أربعة أشهر قبل الفجر .

 

وأخرج ابن أبي  شيبة عن قتادة:  أن عثمان – رضى الله عنه – "كان يعطي صدقة الفطر عن الحمل".

 

 *وضعفه الألبانى فى الإرواء(331/3)*

----------------------------------

وعن أبي قلابة قال: " كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى على الحبل في بطن أمه".

 *أخرجه عبد الرزاق5788)، وسنده صحيح.*

-----------------------------------  

قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أمه ، وانفرد ابن حنبل فكان يحبه ولا يوجبه .

 *الإجماع (103) والمغني(695/2)*

 

*وقت إخراج  زكاة الفطر:*

أحوال إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي:

1- هو وقت الجواز  وهو وقت التعجيل:

 

أما وقت تعجيلها فقد اختلف العلماء في تحديدها على أقوال :

*القول الأول :* يجوز تعجيلها من أول الحول لأنها زكاة فأشبهت زكاة المال، وهو قول الحنفية.

*القول الثانى* : يجوز عند الشافعية تقديم الفطرة من أول شهر رمضان ، وقال به الشافعية  لأنها إنما تجب بسببين:

صوم شهر رمضان، والفطر منه، فإذا وجد أحدهما، جاز تقديمها على الآخر، كزكاة المال بعد ملك النصاب وقبل النصاب.

 

ويجوز عند المالكية والحنابلة تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين، لا أكثر من ذلك.

*الذخيرة(157/3) والمغنى (69/3)*

------------------------------- 

 

_وهذا هو الراجح  لحديث البخاري عن  ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: "... وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين"

 

الصاحب إذا قال كانوا يفعلون مما له حكم الرفع .

قال صاحب المغني : وقوله : " وكانوا يعطون ".

 

فيه إشارة إلى جميع الصحابة فكان إجماعًا.

ولأن سبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه، كما أن العبادات توقيفية.

 

2- وهو وقت الوجوب: فجمهور أهل العلم أنها تجب بغروب شمس ليلة الفطر ، وهو آخر أيام رمضان.  
  وذهب الحنفية إلى أنها تجب بطلوع فجر يوم العيد
.

 

*والراجح الأول:* وذلك لما روى مسلم من حديث  ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ."

فدل ذلك على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان.

 

كما أنه يتضح من اسمها : *( زَكَاةَ الْفِطْرِ)*

 

فهي صدقة تجب بالفطر من رمضان ، وإنما سميت بصدقة الفطر لأنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان ، وهذا من جهة أنه أضاف الصدقة إلى الفطر، والإضافة تقتضي الإختصاص، أي الصدقة المختصة بالفطر من رمضان.

*وبناء على ما ترجح :*

فمن وُلِد له ولد، أو أسلم قبل غروب الشمس فعليه الفطرة، وإن كان ذلك بعد الغروب لم تلزمه.

ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر وجب إخراج صدقة الفطرعنه ، وإن مات قبل الغروب فل فطرة عليه

 

 *والضابط هنا*

كل من غربت عليه شمس آخر يوم من أيام رمضان وهو مسلم حىُّ فقد وجبت عليه زكاة الفطر .

 

فأول وقت الوجوب لزكاة الفطر: إنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم – "أمر بإخراجها قبل الصلاة".

 

3- وهو حال الإستحباب : فالمستحب هولفطر لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – "أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد".

 كما في حديث ابن عمرو ابن عباس رضي الله عنهما : ٠"فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات".

 

فالأفضل أن تخرج يوم العيد قبل الصلاة، وذلك لسد حاجة الفقراء يوم العيد، وإغنائهم يوم العيد عن المسألة.

ولهذا يُسَن تأخير صلاة العيد يوم الفطر، ليتسع الوقت على من أراد إخراجها.

 

كما يسن تعجيل صلاة العيد يوم الأضحى ليذهب الناس لذبح أضاحيهم ويأكلوا منها.

 

4- أن يؤخرها إلي ما بعد صلاة العيد:

فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد ، فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وهذا اختيار: شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .

قال ابن القيم بعد بيانه بالأدلة وقتها: ومقتضى قوله: "من أداها قبل الصلاة...".

أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، وأنها تفوت بالفراغ في الصلاة، وصوبه، وقال قواه شيخنا ونصره. اهـ.

 *انظر: زاد المعاد (151/1)

وقال ابن رشد: تأخيرها عن يوم العيد حرام بالاتفاق.

 

وقال ابن الوزير:

اتفقوا على أنها لا تسقط عمن وجبت عليه بتأخير، وهي دين عليه، حتي يؤديها. ا.هـ

 *حاشية الروض (282/3)/والإفصاح (211/1).*

 

والصواب في هذا والذي تقتضيه الأدلة:

أنها لا تقبل زكاته منه إذا أخرها ولم يخرجها إلا بعد الصلاة من يوم العيد، بل تكون صدقة من الصدقات، ويكون بذلك آثما إذا كان قد أخرها لغير عذر .

 

وذلك بناء على القاعدة التي دلت عليها النصوص وهي:

 

أن كل عبادة مؤقتة إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها لم تقبل.

*الشرح الممتع(686/2)*   *بقلم / أيمن إسماعيل .

 

*أحكام زكاة الفطر.*

 

*الـمـقـال الـرابـع*

 

7- *سابعًا:* مقدار زكاة الفطر وأنواعها:

هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، فعن أبي سعيد الخدري -رضى الله عنه -قال: "كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام ، أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر،  أو صاعًا من أقط،  أو صاعًا من زبيب" (رواه البخاري ومسلم).

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-  قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" متفق عليه.

 

*هل هذه الأصناف توقيفية*

[] الراجح في ذلك هو ما نص عليه جمهور أهل العلم من أن الأصناف التي نصت عليها أحاديث زكاة الفطر ليست توقيفية.

 

فالتوقيف إنما هو في أصل عبادة الزكاة.

وكذلك التوقيف في إخراجها طعامًا.

وأما الأصناف فإنما نص عليها الحديث لأنها كانت هي القوت الغالب للناس.

 

*يدل عليه*

1- عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول حين فرض صدقة الفطر: "صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير"، فكان صلى الله عليه وسلم  لا يخرج إلا التمر". أخرجه ابن خزيمة (2392)والحاكم(1490)وصححاه.                                                             


2-وقال أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه -:  "كنا نُخرِج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفطر صاعًا من طعام، قال أبو سعيد رضى الله عنه: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر (رواه البخارى).

 

فقوله – رضى الله عنه – (وكان طعامنا ...) دل أن المراد هو إخراج ما كان قوتًا لغالب الناس، وهو قول المالكيةو الشافعية ورواية عن أحمد ، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية.(المغنى (85/3 )والوسيط(509/2)ومجموع الفتاوى(68/25))

 

*قال شيخ الإسلام ابن تيمية:*

وهو قول أكثر العلماء، وهو أصح الأقوال: فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء. (مجموع الفتاوى (69/25))

 

لذا فلما ذكر ابن المقلن ما يُخرج من زكاة الفطر لأهل مصر قال: ولا يجزئ ببلدنا مصر إلا البر؛ لأنه غالب قوتهم"  (التوضيح (643/10)

 

ولا شك أن الأنفع للناس اليوم في مصر خاصة هو الأرز والعدس والمكرونة، ونحو ذلك.

 

*يقول ابن القيم:*

قد فرض النبي – صلى الله عليه وسلم – صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط"

وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم، فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان.

 

 * هذا قول جمهور العلماء*

وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم. انتهي. إعلام الموقعين(18/3)

 

*قدر الصاع:* روى الدارقطني والبيهقي بسند جيد أنه قيل لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَمْ وَزْنُ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ، أَنَا حَزَرْتُه، وهذا الذى عليه جمهور أهل العلم.

 

*وهذا يساوي أربعة أمداد* والمُد ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يديه بهما، وبه سمي مدّاً.

 

️ *قال الفيروزآبادي:* ((وقد جربت ذلك فوجدته صحيحاً)) فهذا هو مقدار الصاع بالكيل.

 

*أما مقدار الصاع بالوزن* فيساوى  على التقريب: "2,160 ك . جرام"، وقيل ما يقارب ثلاث كيلوات.

 

 *والإخراج بالكيل أحوط،* وهذا القدر الذى حدده الشارع إنما هو قدر إخراج زكاة الفطر ، وأما قدر الإعطاء للفقراء فلم يحدده الشرع، فالأمر فيه واسع، فيشرع توزيع عدد من الفِطر على مسكين واحد، لشدة إعوازه.

_____________________

 

 

* المقال الأخير من فقه زكاة الفطر.*

 

* حكم دفع القيمة في زكاة الفطر :*

ذهب  الحنفية إلي جواز  إعطاء القيمة فى زكاة الفطر ..

 

*وهو قول: الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز ، وهو مذهب الثوري ،  وهو وجه في مذهب الشافعي ، ونقل عن أحمد جواز ذلك في غير زكاة الفطر.*

 

 ووافق فى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية إن كان في إخراجها قيمة مصلحة للفقير .

  ويرى من يجوز إخراج القيمة مطلقاً أن الواجب في الحقيقة هو إغناء الفقير، لما يروى عن النبي -صلّى الله عليه وسلم-:  «أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ».

  والإغناء يحصل بالقيمة، بل أتم وأوفر وأيسر، لأنها أقرب إلى دفع الحاجة، فيتبين أن النص معلل بالإغناء .

 

وقد ألَّف الشيخ أحمد بن الصديق الغماري كتابًا في تلك المسألة أسماه "تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال" ، ورجَّح فيه مذهب الحنفية بأدلة كثيرة وصلت إلى إثنين وثلاثين وجهًا .

وهذا الأثر الذي استند إليه الحنفية قد  ضعَّفه..

 

* النووي في المجموع(126/6) ، وابن حجر في بلوغ المرام(ص/166) وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير"(313/1).*

                                              

ولو قيل بصحته : فيكون المجمل في قوله: " أغنوهم.." قد  بينته السنة المفصلة فى إيجاب الصاعات التى حددها الشارع .

 

 وذهب الجمهور إلى أن :

  زكاة الفطر تخرج طعامًا، ونقل النووى عن جمهور العلماء أن إخراج القيمة في زكاة الفطر لا يجزىء ، لقول ابن عمر: «فرض رسول الله -صلّى الله عليه وسلم -صدقة الفطر صاعاً من تمر، وصاعًا من شعير».

 

 فإذا عدل عن ذلك فقد ترك المفروض.

 *المجموع(111/6).*

 

 وقال ابن قدامة :

ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص.

*(المغنى (286/2).*

 

 وقد ذهب إلي منع دفع القيمة كذلك ، ابن حزم في المحلي فقال: ولا تجوز قيمته أصلاً.

 *المُحلّى(193/6).*

 

 *ونص على مثله صاحب كفاية الأخيار(ص/169).*

وهذا ما ندين الله  تعالى به،  ومما يدل على ما رجحه الجمهور:  الأحاديث التى نصت على فرضية زكاة الفطر طعامًا .

*وكذلك يقال :*

قد وُجد المال على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كما قال تعالى:

*" وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا".* [آل عمران: 75]

 

فلو كان نفع الفقير في المال لما غفل الشارع عن ذلك ، قال تعالى: *"وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا"*

 فلما سكت الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن المال، علِمنا أن المقصود فى زكاة الفطر محصور في الطعام.

                                         

2- أنه ولو جازت القيمة لما سكت عنها، وهنا قاعدة عظيمة

 النفع: *أن السكوت في مقام البيان يُفيد الحصر.*

 

*قال الشاطبي :*

إن سكت الشارع عن حُكْم خاص وموجبُه المقتضي له قائمٌ وسببُه في زمان الوحي موجودٌ، ولم يُحدِّد فيه الشارع أمرًا زائدًا على ما كان من الدين كان صريحًا في أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعة زائدة مخالفة لقصد الشارع.

*الإعتصام(ص/468)*

*كذلك يقال: أن إخراج القيمة مخالِف لفعل النبى صلى الله عليه وسلم ، و لعمل الصحابة رضى الله عنهم .

قال مالك عن الرجل يعطي مكان زكاة الفطر عرضًا من العروض : ليس كذلك أمر النبي – صلى الله عليه وسلم.

*المدونة / (392/1).*

                                            

وقيل لأحمد: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة ، فقال: يدعون قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم ،  ويقولون قال فلان!

قال ابن عمر:

فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " صاعًا من تمر وصاعًا من شعير".

و قال الله تعالى : "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول". انتهى .

*(المغنى/ (65/3)*

وكان صحابته –رضى الله عنهم – يُخرِجونها طعامًا .

 

 *وتأمل : في فعل أبى سعيد الخدري-رضى الله عنه – عندما قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام – والسمراء هى طحين القمح. – تعدل صاعًا من تمر، فأنكر ذلك أبو سعيد، " وقال تلك قيمة معاوية  لا أقبلها ولا أعمل بها ، كنا نُعطيها في زمان النبي – صلى الله عليه وسلم- صاعًا من طعام" ، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت".*

 *أخرجه مسلم(985)*

 

انظر: هذا فعل الصاحب فيمن اجتهد في تقدير الصاع ، فكيف بمن عدل عن جنس الزكاة ؟!!! 

 

* قال الحافظ ابن حجر في الفتح(3:373).*

قول أبى سعيد  كنا نُعطيها في زمان النبي – صلى الله عليه وسلم- هذا حُكمه الرفع لإضافته إلى زمانه صلى الله عليه وسلم.  واجتهاد معاوية محمود ، لكنه مع وجود النص فاسد الإعتبار.

 *الفتح (373/3)*

 

قد ورد في حديث أبي هريرة:

*"وكَّلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: والله لأرفعنَّك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم".*

 *رواه البخاري*

 

وجه الدلالة:

أن زكاة رمضان ما كانت إلا طعامًا ، فكانت شعيرة ظاهرة في جمعها و توزيعها ، لذا فإن إخراجها مالاً يجعله شعيرة خفية

 

 يؤيده :

 زكاة الفطر تجري مجرى كفّارة اليمين، والظِّهار، والقتل، والجماع في رمضان، ومجرى كفّارة الحج، فإِنّ سببها هو البدن ليس هو المال، كما في السنن عن النّبيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

*"أنّه فرَض صدقة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث وطُعمة للمساكين، مَن أدّاها قبل الصلاة؛ فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات".*

 

ولهذا وجَبَ اخراجها طعاماً، كما هو في  الكفّارة نخرجها طعاماً.

 *مجموع الفتاوى(73/25).*

 

قالوا  :

القيمة أنفع للفقير ليتصرف بالمال كما شاء!!!

 

الجواب من وجوه:

1-الامتثال مقدَّم على الاجتهاد: وقد ضرب الجوينى لهذا مثلاً :  ولو قال إنسان لوكيله اشتر ثوبًا ، وعلم الوكيل أن غرضه التجارة ووجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته ، وإن رآه أنفع ، فما يجب لله تعالي بأمره أولي بالإتباع.

*المجموع(385/5)*

 

2-أن إخراج زكاة الفطر قيمة محل خلاف بين العلماء:

 

قال أبو داود  قيل لأحمد – وأنا أسمع أعطي دراهم يعني في صدقة الفطر- قال : أخاف ألا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.

 *المغني (671/2).*

 

وقال مالك: ولا يجزئ الرجل أن يعطي مكان زكاة الفطر عرضا من العروض، قال: وليس كذلك أمر النبي – صلى الله عليه وسلم .

 *المدونة (1/392).*

 

فقبل أن تنظر إلى نفع الفقير ، فعليك أن تعلم أن إخراجك للقيمة يجعل عبادتك هذه محل خلاف بين العلماء ، بين من يرى عدم إجزاءها ، وهم الجمهور ، وبين من يرى جوازها وهم الحنفية ، فإذا ما أخرجتها قيمة

 

قال لك الجمهور :

*زكاتك غير مجزئة.*

 

 وأما إذا ما أخرجتها طعامًا فلن ينكر عليك أحد من الفريقين .

 

ومَن مِن الناس يستحق أن تخاطر بعبادتك من أجله ؟؟!!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply