بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سأنتخب في هذه الأسطر نصوصاً غزيرة النفع مما صحّ عن علماء القرون الأولى التي ثبت عن النبي ﷺ تفضيلها على بقية قرون هذه الأمة، وسيجد فيها القارئ المتفكر عظيم الفائدة مع اختصار الألفاظ والكلمات -وكان هذا من سِمات علومهم وكلامهم-، وكل هذه الآثار مستفادة من مسند الدارمي -الذي هو أحد الكتب التسعة-:
1- قال علي رضي الله عنه: (إذا حُدَّثْتُم عن رسول الله ﷺ: فظُنّوا به الذي هو أهدى، والذي هو أتقى، والذي هو أهيأ) د-٦١٢
وهذا الأثر يبين أهمية تعظيم نصوص الوحي بصيانتها عن الظنون الفاسدة وإجرائها على ما يتفق مع محكمات الدين ومقاصد الشريعة.
2- عن حميد قال: قلت لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: لو جمعتَ الناس على شيء؟ فقال: ما يسرني أنهم لم يختلفوا. قال: ثم كتب إلى الآفاق وإلى الأمصار: لِيقضِي كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم. د-٦٥٢
وهذا الأثر عن عمر رحمه الله يبين أن الاختلاف بين العلماء سنة جارية وأنه على السعة والاحتمال.
3- قال محمد بن سيرين: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.) د-٤٣٨
وهذا النص مركزي منهجي مهم في بيان خطورة تلقي العلم عمن هب ودب، وأهمية تحري ما يوافق مراد الله ومرضاته في شأن العلم.
4- قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله (من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل) د-٣١٢
وهذا الأثر يبين سبباً من أسباب الانتكاس وعدم الثبات على الجادة وكثرة التقلب بين الاتجاهات؛ ألا وهو أن يكون حظ المرء من العلم: الخصومة والمراء والجدل في الدين.
وقد كثر كلام المتقدمين في هذا المعنى، ومنه قول أبي الدرداء رضي الله عنه: (كفى بك إثما ألا تزال مخاصما، وكفى بك إثما ألا تزال مماريا، وكفى بك كاذبا ألا تزال محدثا في غير ذات الله عز وجل.) د-٣٠١
5- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسودوا). د-٢٥٦
قال أبو عبيد: (معناه: تفقهوا وأنتم صغار، قبل أن تصيروا سادة فتمنعكم الأنفة عن الأخذ عمن هو دونكم فتبقوا جهالا).
6- عن أبي العالية قال: (كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه [العلم]، فننظر إذا صلى، فإن أحسنها جلسنا إليه وقلنا: هو لغيرها أحسن. وإن أساءها قمنا عنه وقلنا: هو لغيرها أسوأ) وورد نحوه عن النخعي أيضا.
تأمّل مركزية الصلاة عندهم وأهمية ظهور أثر العلم على المصلي أثناء أدائها وأن السُّمعة المعرفية وحدها لا تكفي.
7- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كيف أنتم إذا لبسَتكم فتنة يهرم فيها الكبير، ويربو فيها الصغير، ويتخذها الناس سنة، فإذا غُيرت قالوا: غيرت السنة!
قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة) د-١٩١
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين