بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1-مجيب الدعاء: (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ):تخبرنا سورة البقرة أن العبد يحتاج إلى لحظات يُجار فيها إلى الله بالدعاء، مستغيثًا ومستعينًا، فتنهض روحه يَقظةً قوية، تستعيد عافيتها، وتسترد صفاءها بإذن الله.. فم ذا يستغني عن دعاء الله إلا جاهل بالله.. فإجابة الدعاء على قدر اليقين.
2-فائدة الصبر: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ):تعلمك سورة البقرة أنك حين تخبر الله أنك رضيت بقدره: كن واثقًا أنه سيرضيك بسعادة أكبر يومًا ما، كمثل سعادة حصاد يوسف بعد تعبه، وراحة أيوب بعد صبره، والصبر هو القبول الهادئ بأن أمورك كلها يمكن أن تتحقق بترتيب يختلف عن الذي تظنه في عقلك بتدبير عيظم من الله.
3-الخير في البلاء: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ):تعلمنا سورة البقرة أن الابتلاءات دائمًا تكون محملة بالخير والرحمة، حتى وإن قصرت عقولنا عن الإدراك فإن قلوبنا على يقين أن الخيرة في ذلك، بل يزيدنا هذا أملًا أن تدابير الله القادمة تجعلنا نرجو من الله مالا يخطر على عقولنا القاصرة وفكرنا البشري المحدود.
4-الله هو السند: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ):علمتني سورة البقرة أن جبهةً تسجد لله لا تنكسر ولو كان ضدها الوجود كله.رباه لولاك لا سند ولا أحد..فأنت حسبي.. وحسبي أنك الله..
5-الله قادر على كل شيء: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ):تعلمنا سورة البقرة أن قدرة الله لن تقف أمامها أدخنة هذه الحياة مهما كبرت، وأن الله إذا أراد شيئًا تعطلت قوانين الطبيعة، فحينئذٍ فإن البحر لا يُغرق، والنار لا تُحرق، والجبل لا يعصم، والحوت لا يهضم.. تفاءل ولا تقل: مستحيل.
6-الشكوى لله وحده: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ):تربيك سورة البقرة على أن تمد عينيك إلى السماء، فهناك دواؤك.. مأواك وملاذك.أقبل عليه بعثراتك، بانطفاء روحك، باعتلال بصيرتك، بأناتك المتأرجحة على حبال يأسك، بشكواك التي تكررها كل مرةٍ، والتي لو كررتها على غيرهِ لملّكَ وودعك.
7-الحياة دار بلاء:الحياة محشوة بالأحزان، والآفات، وتوالي الأقدار، الاختبارات، والأسقام، والعبدُ ضعيف، فقير، عاجز، يحتاج ما يميل ويستند عليه، ويثق ويطمئن إليه، يحتاج الركون إلى الجانب الأقوى..إلى حروف الحماية وآيات الكفاية في سورة البقرة، والتي فيها إصلاح الكسر، وجبر القلب، وزوال الأذى.
8-رحلة:تعال معي أصحبك في رحلة مع هاتين الآيتين وتأمل معي ما جاء فيهما:
1-عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إنَّ اللهَ ختم سورةَ البقرةِ بآيَتَيْنِ أَعْطَانِيهِما مِن كَنْزِهِ الذي تحتَ العرشِ فتَعَلَّمُوهُنَّ ، وعَلِّمُوهُنَّ نساءَكم وأبناءَكم ، فإنها صلاةٌ وقرآنٌ ودعاءٌ".المحدث: الألباني – حكم المحدث: ضعيف – المصدر: ضعيف الجامع.
2-وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي اللهُ عنه، أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: "أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ البَقَرةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ العَرْشِ لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي" [21564].
3-"لما أُسْرِيَ برسولِ اللهِ ، انتهى به إلى سِدْرَةِ المُنْتَهى ؛ وهي في السماءِ السادسةِ ، وإليها يَنْتَهِي ما عُرِجَ به مِن تحتِها ، وإليها يَنْتَهِي ما أُهْبِطَ به مِن فوقِها ، حتى يُقْبَضَ منها . قال : إذ يغشى السدرة ما يغشى قال : فراشٌ مِن ذهبٍ . فأُعْطِيَ ثلاثًا : الصلواتُ الخمسُ ، وخواتيمُ سورةِ البقرةِ ، ويُغْفَرُ لمَن مات مِن أمتِه لا يُشْرِكُ باللهِ شيئًا المُقْحِمَاتُ".المحدث: الألباني – حكم المحدث: صحيح – المصدر: صحيح النسائي.
9- أهمية سورة البقرة: ثمرات صحبة سورة البقرة:من يصاحب سورة البقرة في حله وترحاله سيرى في حياته عجبًا، وفي جسده شفاء، وفي رزقه زيادة، وفي صدره انشراحة، وفي عمره بركة، ويلبس تاجًا في الجنة، قال ﷺ:"..ومَن قرأَ سورةَ البقرةِ، تُوِّجَ بتاجٍ في الجنةِ".الراوي: الصلصال بن الدلهمس - المحدث: الألباني – حكم المحدث: ضعيف – المصدر: ضعيف الجامع.
10-أحكام:
السؤال الأول: ما حكم قراءة سورة البقرة يوميًا، وهل في ذلك محظور شرعي أو بدعة؟
الجواب: لا مانع من قراءة سورة البقرة يوميًا رجاء الأجر والبركة، والأخذ يكون بأدلة العموم دون الاعتقاد بشيء معين عند قراءتها.
السؤال الثاني: هل تجوز قراءة سورة البقرة لأجل جلب الرزق أو الوظيفة أو الزواج وغيرها من المصالح الدنيوية؟
الجواب: ذكر أهل العلم أنه لا يجوز تخصيص سورة البقرة لأجل غرضٍ معين من مصالح الدنيا من مطالب الحياة والأمنيات، لأن هذا من البدع، ولكن الأخذ بعموم الحديث وقراءتها رجاء الأجر والبركة كما في الحديث هو الصحيح الذي يحصل به الخير والإستشفاء بالسورة.
11-هداية الله: (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ):تخبرك سورة البقرة أن القدير سبحانه إذا شاء أن يختصك بالشفاء وتحقيق الأمنيات -حتى لو رفض العقل والمنطق وكل أهل الأرض، ولو عَدِمت الأسباب، وأوقف كل شيء، ولو كانت المؤشرات تقول إن شفاءك من المستحيل- كن واثقًا أنه إن شاء الله أمرًا فلا مَرَد له.
12-سورة البقرة ستغير من أمرك شيئًا:هي معجزة الله في سطور، هي الدواء لأكثر من ألف مرض، هي قوتك التي ستشعر بها بعد ضعف وانكسار.هي القوة التي ستهلك كل شيطان أهلكَ روحك وحياتك، وهي القوة التي ستهلك كل ساحر قد تجبر.
ستعطيك قوة وحماية لجسدك وروحك ويومك.
اقرأ سورة البقرة كل يوم، لتطهر أيامك وتجعلها مباركة، سترى أمورًا تسعدك وترى أشخاص يقتربون منك حبًا وودًا ولطفًا، وسترى أهدافك تقترب وتحدث في أرض الواقع.
سورة البقرة تحمل في سطورها أسرارًا عظيمة لم نكتشفها بعد، ولكن نستطيع أن نشعر بها ونلمسها عند قراءتنا لها مرارًا وتكرارًا، ستهلك قرينًا قد تربص بك في حياتك ليدمرك.
ستمحو سحرًا قد وضع لك وأنت لا تعلم ولن تعلم.
ستيسر أمورك التي تعسرت في حياتك، وتقرب حلمًا كان بعيدًا، وتجعل رزقك في السماء بيدك بإذن الله وفضله.
13-حتى يأتي الله بأمره:
أن أعوّد نفسي على الأمل حتى ألقاه، وأن أحدث نفسي عن الفرح حتى أعيشه، وأكون ممتنًا لما لدي حتى يأتيني أكثر مما أتخيل، وأن أحدث نفسي عن الفرج حتى أتنفسه، وأن اطلب كفاية الله حتى أراها، وأن انتظر الإجابة، وأن أحارب اليأس حتى يرحل.
14-علمتني سورة البقرة: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ):
هنا تذوب كل الصعوبات، وتتحق الأمُنيات، ويتبدد الهم، ويزول القلق.. قل: يا رب يا قادر وانظر إلى عجائب التيسير.
15-علمتني سورة البقرة:
أن أصبر حتى يأتي الله بالفرج وبالشفاء ويأتي بالنور الذي تستقيم به ظلمات حياتي، ويأتي بالسعادة التي بحثت عنها طويلًا، والحلم الذي انتظرته كثيرًا، وبكل ما ظننت أنه لن يأتي سيأتي حتمًا حتى يأتي أمره وأنا سأنتظر أمره بلا يأس.
16-علمتني سورة البقرة: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ):
أن الله يعلم ما أصابني ومن تسبب في إصابتي، وأن الله يعلم حزني وجرحي ويعلم أوجاع قلبي وضيق صدري، ويعلم متى يشفيني ويعلم ما يصلح حياتي، ويعلم أعدائي وحُسادي، رضيت بعلمه وقضائه وعلمت أنه لن ينساني فارتاحت نفسي.
17-كن فيكون: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ):
تعلمنا سورة البقرة أنه لا يأس أبدًا، فمن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي قادر على إخراج أمنياتك من حلمٍ إلى واقع، فقط يقول لها (كُنْ) فيكون.
حينها تفتح الأقفال، ويكشف الكروب الثقال، ويزيل الليالي الطوال، ويشرح البال، ويصلح الحال.
18-علمتني سورة البقرة: (بَلىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خوْفٌ عَليْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ):
أن ما فاتني لم يُخلق لي، وما خُلق لي لن يفوتني، وأن إيماني بالقضاء والقدر هو طريقي نحو الرضا والتسليم والأمان الذي لا خوف بعده.
19-علمتني سورة البقرة:
أننا إذا أردنا الأمان وعدم القلق من المستقبل فعلينا بطاعة الله ورسوله: (فمن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عليهمْ وَلا هم يحزنون).
علمتني سورة البقرة أن أذكّر الناس وأرشدهم إلى الخير، لكن لا أنسى نفسي من ذلك: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبِر وتنسون أَنفسكم).
20-علمتني سورة البقرة:
أنني أنا المنتفع عندما أتصدق، يرضى الله عني، وتلاحقني البركة في مالي: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ).
أنه وإن جحد البعض معروفك وإحسانك؛ فربك يحفظه ولن ينساه، ينميه لك حسناتٍ تسرك يوم القيامة: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد