بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
خليليَّ أينَ العـزُّ والعبَقُ الثَّـرُ | وأين الأٌلى بالدِّين قد خلَّدَ الذِّكرُ! | |
خليليَّ عودا لـي بسامقةِ لنا | تغنَّتْ بها الأيامُ فابتهـجَ الفخرُ! | |
وتلك العهودُ الشَّامخاتُ حِسانُها | مآثرُهـا بيضٌ وأكنافُهـا خضـرُ! | |
بأيِّهما الزهـوُ المحجَّلُ بالمنى | وبالخيرِ أغنى الخَلْقَ فاستُدْبِـرَ الشَّرُّ | |
فللدِّين عندَ اللهِ قَـدْرٌ ورفعةٌ | وميثاقُـه الأسمى ولم يطوِه الدَّهـرُ | |
هو الفصلُ والإسلامُ روحُ جهادِنا | وأهلوهُ رغم الكربِ إرثُهُمُ دَثــْرُ | |
وبالفتحِ والإيمانِ يكرمُ ربُّنـا | كتائبَ للتوحيدِ قــد هابَهـا الكفرُ | |
وعـزَّت بدين اللهِ أمتُنا فلم | يجــدْ شانئُ الإسلامِ أنْ يعملَ المكــرُ | |
فعزَّتْ بدينٍ لاسِواهُ ولم يكنْ | لأعـدائه حولٌ وهالَهُمُ الأمــرُ | |
وعاشت شعوب المسلمين عزيزةً | منضَّرةَ الأرجاءِ ماسامها خُسرُ | |
وفي نيلِ أوطارِ الشعوبِ سعادةٌ | ويـرحلُ عن آفاقها التَّعبُ المــرُّ | |
مثاني كتابِ اللهِ نـورٌ لظلمةٍ | وسُنَّةُ هادينا بها الرُّشدُ والخيرُ | |
فيُرْوَى بهـا الظمأى وتنبتُ دوحةً | تظلِّلُ دنيانا فأفياؤُها نُضْرُ | |
وتحمي من الطاغوتِ في الأرضِ أهلَها | وتؤوي الذي مَن في المدى مالَـه وكرُ | |
فهشَّتْ وبشَّتْ واستنارتْ فجاجُها | وشقشقتِ الأطيارُ وابتسمَ الفجرُ | |
فللخلفاءِ الراشدين مكانــةٌ | وللدِّيـنِ في أيامهم وجهُه النَّضْرُ | |
فذلكُـمُ الإسلامُ عنوانُ رِفعةٍ | فأيامُــه أمــــنٌ وآفاقُــه زهــرُ | |
وأنَّ رقيَّ الناسِ في نهــجِه سرى | كما هــو يسري في فرائِــدِه البِشْرُ | |
هـو الدينُ في معناه كلُّ فضيلةٍ | ومن جندِه الأبرارُ والفيلقُ الحُــرُّ | |
وبين يديه المكرُماتُ جليلةٌ | مكانتُها فضلى وآثارُهـا كُثــرُ | |
فضائلُ لا تُحصَى وأخـرى تبلَّجَتْ | معالمُها والصَّالحون لهـا أزرُ | |
له حقبٌ أثرى النفوسَ يقينُها | فإيمانُهـا بـاقٍ وللبارئِ الشُّكرُ | |
ولم يـدرِ أهلُ الفضلِ كيف تكاثرت | فأوسمةُ الإحسانِ ضاقَ بها الصَّدرُ | |
فطوبى لأهلِ الدِّيـنِ والصَّبرِ والهُدَى | ففي الظلمةِ العمياءِ يبتسمُ البدرُ | |
تعاليمُه جاءت بخيرٍ ونصرةٍ | وهـل تسمقُ الأفنانُ إنْ غُيِّبَ القَطْرُ! | |
وطوبى لمَن بالدِّينِ يصدعُ ثابتًا | على غمراتِ البغيِ ما خانَه الثَّغــرُ | |
وفي عصرِنا الملحاحِ ضاقَ بكفرِهم | وبالهجماتِ السُّودِ إذْ قادَها الكِبرُ | |
ولكنَّ أجنادَ النبيِّ بعصرِنا | يُزجِّـي خُطاهـم في جهادِهمُ الصَّبرُ | |
أقامتْ لهم من دينِهم كلُّ لهفةٍ | مدارجَ في معراجها الفتحُ والأجــرُ | |
ومن أجلِ دينِ اللهِ هبُّوا أعزَّةً | وللجنَّـةِ الفيحــاءِ قد نُصِبَ الجسرُ | |
وبالموتِ في ظلِّ الجهادِ لدينِه | تسامتْ رؤى الأبرارِ وانبلج النَّصرُ | |
وباءَ بـذا المرتدِّ محضُ خسارةٍ | ولـم يــدْنُ ممَّنْ آمنوا بالهدى خسرُ | |
تعيدُ يــدُ الإسلامِ للأرضِ زهوَهـا | جِنانًـا محيَّاهـا النضارةُ واليسرُ | |
وتسقي مياهُ الـوُدِّ قفرَ قلوبِنا | ولولا سخاءُ البِــرِّ ما أمرعَ القفرُ | |
وللدينِ أفـذاذٌ يوالون نهجَه | ويأبونَ ما قــد يأمـرُ العهرُ والخمـرُ | |
فَلِلدينِ فرسانٌ أناروا دروبنَا | هـم العلماءُ الصيدُ والأنجُـمُ الـزُّهــرُ | |
وهُـم فيلقُ الأبرارِ في لجـجِ الوغـى | وللدينِ دينِ اللهِ قد وُهِبَ العُمْـرُ | |
بقلبٍ تثنَّى نيِّـرًا وبساعدٍ | دؤوبٍ على المجدافِ يعرفُـه البحرُ | |
هي الغُمَّـةُ: الأرزاءُ مِـلْءُ عُبابِها | منايا وأهلُ الدِّينِ من فوقها مــرُّوا* | |
ولم يعبؤوا بالمُلمَّاتِ أرعدتْ | وفي جوفها المسجورِ موقدُهُ النُّكرُ | |
أيا دينَنـا الأعلى أتيْتَ فغرَّدتْ | بأنـدى نشيدِ الفخــرِ في روضك الطيرُ | |
ودنياك في سِفرِ الحضارةِ موطنٌ | تلألأ في أحلى وثائقِهـا السِّفْرُ | |
ومن قيمٍ صاغت لروَّادِ حُسْنِها | مغازلَ يعيى دون روعتِهـا السِّحرُ | |
فهبَّتْ على طيبِ العراقةِ يرتدي | ثيابَ السَّنى والمجدِ حاضرُهـا النَّضْرُ | |
يُحيِّي جموعَ المسلمين صباحُها | وقد ألِفُوا الإيمانَ ما عابَـه الفكْرُ | |
فيا مرحبًا أحفادَ أحمدَ سارعوا | لتلبيةِ الإسلامِ إذْ أقبلَ الغــُــــرُّ | |
برامجهم للجيلِ ميدانُ نفرةٍ | تفانتْ عليه اليومَ خيلُهُمُ الضُّمْرُ | |
وآتتْ فصولُ العزمِ إرواءَ نهضةٍ | تحاكي ابتسامَ الحقلِ نبتتُها البِكــرُ | |
يفيضُ هـدى الآياتِ للناسِ بلسمًا | فيَهفو إلى الأحناءِ ريِّقُه اليُسرُ | |
ففي كلِّ يومٍ للميامينِ صرخـةٌ | تعيدُ الذي قد غابَ وانكشفَ السِّترُ | |
أتتهم فللطاغوتِ من قبلُ سلطةٌ | تصبُّ على الأبرارِ ما يأمرُ الغـدرُ | |
رعتْـهُ أيادٍ بالدماءِ خضيبةٌ | ومجرمُها المأفونُ مــــــالأهُ الشَّرُّ | |
ففي الأرضِ طغيانٌ تشيبُ لهولِه | رؤوسٌ ولمَّــا تــدْرِ ما تفعلُ النُّذْرُ | |
قلتْـهُ الصَّناديدُ الأُباةُ فأوجعتْ | فؤادًا لــه ماكان يفجعُه العصرُ | |
هـو الدِّينُ أحيا القومِ من سوءِ غفلةٍ | فجاءَ كما يُـرجَى ويحلو لـه النَّشْرُ | |
يحدِّثُ عن أيامِ جندِ مُحَمَّدٍ | رعـوا شأنَ دينِ اللهِ إذْ مــالَه هجــرُ | |
فقد أنزلَ الرحمنُ ذكــرًا لأُمَّــةٍ | فأحيا به عــزًّا يطيبُ به الشِّعرُ | |
وحسبُ بني الإسلامِ أن عادَ ذكرُهم | وكانوا قُبَيْلَ الفتحِ ليس لهم ذكــرُ | |
أُصبنا ولم نجزعْ لهولِ مصيبةٍ | وما قـدَّرَ الرحمنُ يحظى به القَدْرُ | |
تعيدُ يــدُ الإسلامِ للأرضِ زهوَهـا | وتُلغى بهـا ما يجلبُ الإثمُ والكفرُ | |
يعزُّ علينا أنْ نراهــا كئيبةً | تمـرِّغُهــا الآثامُ والفسقُ والجَــوْرُ | |
ونحنُ أولو دينٍ قويمٍ وعــزَّةٍ | فللــهِ منا الحمدُ في العيشِ والشَّكرُ |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
إضاءة:
· الغُمَّــة: هـم في غُمّة من أمرهـم: أي في حيرةٍ ولَبْسٍ وشُبهة، إذا لم يهتدوا للمخرج و تأتي بمعنى الغَمِّ، والحُزْن، والكُرْبة و المصيبة. أعاذ اللهُ أمتنا من اكفهرارهـا.