بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الشُّفْعَةُ لها أحكام ينبغي على طلاب العِلم النافع معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق.
تعريف الشفعة
الشُّفْعَةُ: هِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُنْتَقِلَةِ عَنْهُ مِنْ يَدِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ. (المغني لابن قدامة ج7 ص435).
مشروعية الشفعة:
الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ النبوية المباركة وإجماع علماء المسلمين. (المغني لابن قدامة ج7 ص435).
روى البخاريُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "قَضَى النَّبِيُّ ﷺ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ". (البخاري حديث 2257).
استئذان الشريك:
يجب على الشريك أن يستأذن شريكه قبل البيع فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وإن أذن في البيع وقال: لا غرض لي فيه، لم يكن له الطلب بعد البيع. هذا مقتضى حكم رسول الله، ولا معارض له. (فقه السنة للسيد سابق ج4 ص121).
روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي رَبْعَةٍ (دار أو مسكن أو مُطْلَقُ الأرض) أَوْ نَخْلٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ رَضِيَ أَخَذَ وَإِنْ كَرِهَ تَرَكَ". (مسلم حديث 1608).
أَرْكَانُ الشُّفْعَةِ:
(1) الشَّفِيعُ: وَهُوَ الآْخِذُ.
(2) وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ: وَهُوَ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَكُونُ الْعَقَارُ فِي حِيَازَتِهِ.
(3) الْمَشْفُوعُ فِيهِ: وَهُوَ الْعَقَارُ الْمَأْخُوذُ أَيْ مَحَل الشُّفْعَةِ. (الموسوعة الفقهية الكويتية ج26 ص143).
شروط التملك بالشفعة:
(1) أن يكون المشفوع فيه عقارا كالأرض والدور وما يتصل بها.
(2) أن يكون الشفيع شريكا في المشفوع فيه.
(3) أن يخرج المشفوع فيه من ملك صاحبه بعوض مالي، بأن يكون مبيعًا.
(4) أن يطلب الشفيع على الفور، أي أن الشفيع إذا علم بالبيع فإنه يجب عليه أن يطلب الشفعة حين يعلم متى كان ذلك ممكنا، فإن علم ثم أخر الطلب من غير عذر سقط حقه فيها.
(5) أن يدفع الشفيع للمشتري قدر الثمن الذي وقع عليه العقد فيأخذ الشفيع الشفعة بمثل الثمن إن كان مثليًا أو بقيمته.
(6) أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة، فإن طلب الشفيع أخذ البعض سقط حقه في الكل. (فقه السنة للسيد سابق ج4 ص122: ص125).
الأموال التي تثبت فيها الشفعة:
تثبت الشفعة في العقارات والأراضي، والأموال الثابتة. ولا توجد شفعة في الأموال المنقولة، كالحيوانات والثياب وعروض التجارة. (الفقه الإسلامي للزحيلي ج5 ص795).
روى النسائيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ وَحَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ". (حديث صحيح) (سنن النسائي للألباني ج3ص 264).
تعدد الشفعاء:
إذا تعدد الشفعاء، وزعت الشفعة بقدر حصة كل منهم مِنَ المِلْكِ، وذلك لأن الشفعة حَقٌّ يُسْتَفَادُ بِسَبَبِ المِلْكِ. (المغني لابن قدامة ج5 ص363).
ميراث الشفعة:
إِذَا مَاتَ الشَّفِيعُ يَنْتَقِل حَقُّ الشُّفْعَةِ إِلَى وَرَثَتِهِ. (الموسوعة الفقهية الكويتية ج26 ص166).
مسقطات الشفعة:
(1) تَرْكُ طَلَبُ الشفعة في وقتها.
(2) إِذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ بَعْضَ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَكَانَ قِطْعَةً وَاحِدَةً وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا، لأَِنَّ الشُّفْعَةَ لاَ تَقْبَل التَّجْزِئَةَ.
(3) تَنَازَل الشَّفِيعُ عَنْ حَقِّهِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ. (الموسوعة الفقهية الكويتية ج26 ص166: ص167).
خِتَامًَا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَيَجْعَلهُ سُبْحَانَهُ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِي يَوْمَ القِيَامَة.
كما أسألهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعَ بهذا العمل طلاب العِلْمِ الكِرَامِ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين