بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياكم على طاعته في الدنيا وتحت ظل عرشه يوم القيامة، وعلى سرر متقابلين في جنات النعيم.
بيّن النبي ﷺ لعائشة رضي الله عنها عندما قالت له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فأجابها: "أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا". فالله عز وجل أعطاه نعمة عظيمة وهي مغفرة ذنوبه، وكان ﷺ يقابل هذه النعمة بالشكر والعمل والطاعة.
فمِن عظم نعمة البصر أن من فقدها وصبر، عوضه الله بالجنة. ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: "إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ". وصف الله العينين بالحبيبتين، مما يدل على محبتهما للعبد.
وتوجيهات القرآن الكريم تؤكد أهمية الحفاظ على نعمة البصر وعدم استخدامها في معصية الله. قال تعالى في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} (النور:30). فالأمر هنا جاء بغض البصر، أي تقليل النظر إلى ما حرم الله.
يقول الله تعالى: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور:30)، فغض البصر يؤدي إلى طهارة القلب. من فوائد غض البصر أنه يورث القلب نور الهداية. وجاء في الأحاديث أن غض البصر يؤدي إلى طهارة القلب وزيادة النور فيه.
والنظر إلى المحرمات يورث القلب الحزن والهم. فالذي ينظر إلى الحرام يشعر بالحسرة والندم في قلبه. وقد يورث النظر إلى الحرام الإنسان الأمراض القلبية، مثل مرض الشهوة.
أما من أهم وسائل علاج النظر إلى المحرمات مراقبة الله عز وجل. فالله خبير بما نصنع ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. كما يجب على الإنسان أن يراقب ربه في كل وقت، خاصة في هذا الزمن الذي تسهل فيه الفتن.
ومن الوسائل الفعالة في معالجة النظر إلى المحرمات غرس مراقبة الله في قلوب الأبناء. فقد أوصى لقمان الحكيم ابنه قائلًا: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} (لقمان: 16). هذه الوصية تؤكد أهمية مراقبة الله في السر والعلن.
من الحلول لتجنب النظر إلى المحرمات أن يجعل الإنسان أعراض الناس كعرضه. النبي ﷺ بين ذلك عندما جاءه رجل يطلب الإذن بالزنا، فقال له: "أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟" وهكذا يجب أن يعامل الإنسان أعراض الناس كعرضه.
وقد أوصى النبي ﷺ الشباب بالزواج كوسيلة لغض البصر وحفظ الفرج، فقال: "يا مَعشرَ الشَّبابَ مَن استَطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصَرِ وأحصنُ للفرجِ". فالزواج يعين على تجنب الوقوع في الفواحش.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يعيننا على شكره وحسن عبادته، وأن يرزقنا طهارة القلوب وغض الأبصار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
جزاكم الله خيرا ونرجو من فضيلتكم المزيد خاصة من دروس العقيدة وأهميتها في هذا الوقت