بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1- سورة القصص توضح للدعاة والمصلحين خارطة الإصلاح الشامل، والتي تبدأ ببيان منطلق الإصلاح ومرجعيته، وهي القرآن؛ فهو كتاب الهداية والبيان والإصلاح: {تلك آيات الكتاب المبين}.
2- لا بد أن يستفيد المصلحون من تجارب الإصلاح الناجحة السابقة، ويحسنون الاقتداء بالمصلحين من قبلهم: {نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون}.
3- لا يأس من إصلاح أي واقع ومجتمع مهما كان سيئا، فالمجتمع الفرعوني بلغ الذروة في الفساد: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين}!
مهم جدا أن يبدأ الإصلاح بالتفاؤل والأمل إضافة إلى معرفة طبائع المفسدين وأفعالهم.
4- من أهم أسباب التفاؤل التي لا بد أن يكون المصلحون على يقين بها وتذكر دائم لها: أن الإصلاح ونصرة أهل الحق وإبطال عمل المفسدين هو إرادة الله الشرعية؛ فالمصلحون يسعون لتحقيق مراد الله: {ونريد أن نمن على الذين...}.
5- بداية الإصلاح وحجر أساسه هم المصلحون؛ فلا بد من إعدادهم ورعايتهم، ولا أحسن من إعداد المصلح ورعايته وصناعته من بداية نشأته، بل قبل ولادته بإعداد الأمهات الصالحات الواعيات: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه}
من هنا البداية
6- لا استعجال في الإصلاح؛ فلا يمكن أن يتغير واقع تجذر في الفساد في مدة قصيرة؛ لا يزال قائد الإصلاح وحامل رايته طفلا رضيعا. وسيكون بعد حين من المرسلين: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
7- المرأة حاضرة بقوة في مرحلة إعداد المصلحين: أمّا وأختا وزوجة، ولكل واحدة منهن دور مهم وواضح، ولكن دور الأم ليس له نظير، ومن أهم مقومات الأم العظيمة الصانعة للمصلحين أنها متفرغة لهذه المهمة: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} فارغا من كل شيء إلا من ذكر ابنها وهمّ تربيته.
8- يجب استثمار عاطفة المرأة[الأم]، وقوة تأثيرها[الزوجة]، وحسن تخطيطها مع حرصها وقربها[الأخت] في إعداد المصلحين وبناء المجتمع الصالح. والمرأة أيا كانت تعلب دورا كبيرا في بناء المجتمع الصالح. تأملوا: ثلاث نساء يذكرن في صفحة واحدة: أم موسى وأخته وامرأة فرعون.
9- لا بد أن يكون المصلح متصفا بالإحسان: إحسان العمل وإتقانه والإحسان إلى الناس. ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾
10 - ركائز الإصلاح المالي كلها مجموعة في آية واحدة: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين