بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كثيرة هي اللطائف البلاغية في آيات القرآن الكريم التي سيظل العلماء عبر الأزمان يحاولون التوصل إلى بعضها منها ما توصلوا إليه من اللطائف البلاغية في قوله تعالى {حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [الآية: ١٨] سورة النمل، وفيما يلي بعضا من هذه اللطائف البلاغية:
فمما قاله العلماء حول هذه الآية فقد بينوا أنها ثلاثة عشر جنسًا من الكلام.
*يقول الشيخ عبدالرحمن الميداني في كتابه البلاغة العربية في قول الله عزّ وجلّ في سورة (النمل/آية 18) قالوا: إنَّ التعبير عن قول النملة قد جمع ثلاثة عشر جنسًا من الكلام:
(النداء) - الكناية في "أيُّ" - التنبيه في "ها" - التسمية في (النمل) - الأمر - القصة في "مساكنكم - النهي التحذيري - التخصيص في "سليمان" - التعميم في "وجنوده" - الكناية بالضمير في مواضع - العذر في "وهم لا يشعرون" - التأكيد في "لا يحطِمَنَّكُم" -
وهو ما يؤكده البع بقولهم أنها اشتملت على نداء (يا)،وتنبيه(أيها)، وتعيين (النمل)، وأمر(ادخلوا) ونص (مساكنكم)، وتحذير(لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ)، وتخصيص(سُلَيْمَانُ)،وتعميم (وجنوده)،وإعذار {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}.
*الاحتراس في قوله تعالى: {وهم لا يشعرون}:
يقول القرطبي "رحمه الله" فيمكن جعله من باب "الاحتراس" وهو باب معروف في الإطناب، وهو أصل في عذر المخالف بجهله، فالجاهل معذور حتى يبلغه الحكم وتقوم عليه الحجة.
*التعبير ب "لا يحطمنكم" "لا يحطمنكم" ولم تستخدم مرادفات -والله أعلم - لأن المادة الأساسية في تكوين جسد النملة مشابهة للزجاج، لذا ناسب استخدام " لا يحطمنكم
* التعبير بحرف الجر على بدلا من "إلى "
(حتى إذا أتوا على وادي النمل... ) الآية
- تعدية فعل الإتيان بحرف الجر (على) دون (إلى) كأنها تشير - بدلالة الاستعلاء في على - إلى إتيان سليمان عليه السلام وجنوده إلى الوادي من مكان مرتفع.
*من مميزات النمل:
وواضح من الآية مدى حرص النمل عند اتخاذ المسكن أن يحتاط بما فيه المستطاع لكي يحميه المسكن، وقد يكون تقديم سليمان موحيًا بتقدمه الركب، وعدم تأخره أو توسطه؛ حرصًا منه على مشاهدة الأمور وتفقدها على طبيعتها.
ونجد حرص النملة على أمتها من النمل، وقيامها بالتوجيه وبسرعة {ادخلوا... لا يحطمنكم}.
يقول ابن كثير:
عن الحسن: أن اسم هذه النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لهم: بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذيب.
كتاب البلاغة العربية، [عبدالرحمن الميداني]، أرشيف منتدى الفصيح.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
فاضل السامرائي: (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني،ص: 88).