بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لم يكن الطلاق في السابق حدثًا اجتماعيًا تتوقف عليه أمور الأمة، ومصالحها العظمى، أو تتباكى له العيون والقلوب لعلم الجميع عند سماع الخبر أن هذا الأمر قد حصل عند وصول الطرفين لمرحلة يستحيل معها إقامة حدود الله، ورعاية بيت مسلم كما ينبغي، فعدلًا لما أحل الله من الافتراق، أخذًا بوعد الله أن يغن كلا منهما من واسع فضله.
فكم نقل التاريخ لنا من حالات طلاق الخلفاء، والعلماء، والأدباء، التي كانت مجرد وقفات في سيرة حياتهم دون أن تخل بتماسك المجتمع، وبناء الأسرة، وصلاح المجتمع.
ولكن مع نشاط التيارات الفكرية المضادة لنظام الأسرة التقليدية أو النووية أو الممتدة كما تعددت مسمايتها لدى أولئك؛ أصبح الطلاق وسيلة ضغط اجتماعي يشهره كل طرف في وجه الآخر عند أدنى صراع أو اختلاف وجهات نظر، ثم أصبح الطلاق لصيقا بشعار الحرية الذي رفعته المادية والفردية ليكون ذلك الثالوث الشيطاني (الحرية_المادية_الفردية) أفيون الشعوب، وأداة كسر تلاحمها وترابطها.
وحينما شوهت صورة الزواج ومثلت أنها قيد وسجن وقفص جعل الطلاق هو المخرج الوحيد من ذلك دون نظرا لمآلاته، وكأن المرأة في زواجها كانت ترى فيه عقدا وظيفيا لا رباطا مقدسا ترخص له المهج، والقلوب، والمشاعر حتى تحيا أسرة آمنة مطمئنة، وقد تلقف رموز النسوية هذا الشعار من نظرة الغرب المادية بأجندتها الماسونية فجعلن منه مناسبة واحتفالا لكسر التسلط الذكري كما يزعمن، والتمرد على السلطة البطريركية أو الأبوية كما يحلو لهن تسميتها، في كذبة فكرية جديدة يزعمن فيها أنه لابد من عودة المجتمعات الأمومية، وانهيار الأبوية، وهذه محطة تبرير تنتحلها الفاشلات منهن في حياتهن الزوجية، ويروجن لها من باب (ودت المطلقة لو يتطلق الجميع) والمؤمنة كيسة فطنة لا ترخص مملكتها لفكر مشردة على قارعة الطريق، فتشقى كما شقيت.
وكان من أوئل من رفع هذا الشعار في الوطن العربي الهالكة نوال السعداوي بعد طلاقها حينما قالت: "أنا لم اتطلق بل انطلقت" ثم عاشت بعدها رحلة صراع اجتماعي فاشل تدس السم في العسل لبنات جنسها، دون اعتبار منهن لحياة الألم والشقاء التي عاشتها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين