بر الوالدين بعد وفاتهما

124
2 دقائق
7 ذو القعدة 1446 (05-05-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يربط على قلوبنا ويملأها سكينة، وأن يغفر لوالدينا ووالديكم أجمعين ويرحمهم برحمته الواسعة.

كثيرًا ما نتساءل: كيف يمكننا أن نبرّ والدينا ونوصل لهم الخير وهم تحت الثرى؟

ومن رحمة الله بنا أن أبواب البر لا تُغلق برحيلهم. نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، أرشدنا إلى أمور عظيمة تصل إليهم، ومن أهمها "الصلاة عليهما والاستغفار لهما".

إذن ما معنى "الاستغفار لهما"؟ وكيف نفعله ببساطة؟

والحمد لله، فالأمر أبسط مما نتخيل. كلمة "استغفار" في لغتنا الجميلة تعني طلب المغفرة. عندما نقول "استغفر الله"، فإننا نطلب من ربنا المغفرة. فلما يوصينا النبي بـ "الاستغفار لهما"، فالمعنى هو: أن تطلب من الله عز وجل، بقلب صادق، أن يغفر لوالديك.

كيف أطلب المغفرة لوالديّ عمليًا؟

هنا الجمال واليُسر في ديننا!

كل دعاء فيه طلب الرحمة والمغفرة لوالديك هو "استغفار لهما".

عندما تدعو من قلبك: "ربي اغفر لوالدي"، أو "اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرًا"، أو "يا رب تجاوز عن سيئاتهما"، كل هذا هو استغفار ودعاء مبارك يصل إليهما بإذن الله.

هل يلزم الدعاء في وقتٍ أو مكانٍ معين؟ أبدًا! صحيح إن الدعاء في أوقات الإجابة (كالسجود، وبين الأذان والإقامة، وفي جوف الليل، ويوم الجمعة) له فضل عظيم، وهو الأكمل والأجمل، لكن باب الدعاء لوالديك مفتوح لك في كل وقت وحين. وأنت في طريقك، وأنت في عملك، قبل نومك، في صلاتك، في حج أو عمرة، أو حتى جالسًا تتذكرهم... ارفع يديك أو ناجِ ربك بقلبك واطلب لهم المغفرة والرحمة.

فهو فضل لا ينقطع وهدية مستمرة، فهذا الحديث العظيم الذي يفتح لنا باب أمل لا ينتهي: "إذا ماتَ الإنسانُ انقَطعَ عنه عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ : صَدقةٌ جاريةٌ . وعِلمٌ يُنتَفعُ بِهِ ، وولدٌ صالحٌ يدعو لَهُ" صحيح الترمذي:1376.

فدعاؤك واستغفارك لوالديك هو استثمارك الصالح، وهديتك التي تصلهم، ودليل محبتك وبرك المستمر الذي لا ينقطع بموتهم. هو عمل صالح لك أنت أيضًا بإذن الله.

بر الوالدين بعد وفاتهما رحلة مستمرة، وأجمل محطاتها هي الدعاء والاستغفار لهما. لا تُصعّب الأمر على نفسك، أي صيغة دعاء صادقة تطلب فيها من الله المغفرة والرحمة لوالديك هي مقبولة بإذن الله. اجعل الدعاء لهما جزءًا من روتينك اليومي، ولو بكلمات بسيطة نابعة من القلب.

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لوالدينا ووالديكم، وأن يرحمهم ويسكنهم فسيح جناته، وأن يجمعنا بهم في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

والله تعالى أعلى وأعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق