الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من أعظم ما يُعنى به طالب العلم بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم: دراسة كتب الفقه المعتمدة في المذاهب الأربعة، وخصوصًا ما يتعلق منها بأعمال العبادات التي تتكرر أو تُطلب مرة في العمر كالحج. ومن تلك الكتب التي لقيت القَبول، واعتنى بها العلماء وطلاب العلم عبر الأزمان، كتاب "الروض المربع شرح زاد المستقنع.
والروض المربع من أشهر كتب الحنابلة في الفقه، وهو شرح نفيس على متن زاد المستقنع في اختصار المقنع للإمام موسى بن أحمد الحجاوي (ت. 968ه)، وقد قام بشرحه العلامة منصور بن يونس البهوتي (ت. 1051ه)، أحد أكابر فقهاء الحنابلة في القرن الحادي عشر الهجري.
وقد اعتُمد هذا الكتاب مرجعًا معتمدًا في تدريس الفقه الحنبلي في المدارس العلمية، والحلقات، وكليات الشريعة، بل وعُدّ من أوضح شروح الزاد وأكثرها تحريرًا وضبطًا، حتى قال عنه أهل العلم: "من ضبط الروض المربع وفهمه، فقد فُتح له باب الفقه في المذهب الحنبلي".
وقد تميز الروض المربع بعدة خصائص، منها:
· أنه يقرر المعتمد عند المتأخرين من الحنابلة.
· يُحرر الخلاف داخل المذهب، ويُرجّح القول الراجح.
· يعتني بتعريف المصطلحات الفقهية وضبط ألفاظ الزاد.
· يورد الأدلة أحيانًا عند الحاجة ويعتمد على المنهج المدرسي الفقهي.
ومن ضمن أبواب الفقه التي تناولها هذا الكتاب، باب المناسك، الذي يتعلق بأحكام الحج والعمرة وشروطهما وأركانهما، وبيان ما يفسد النسك أو يصححه، وما يجب فيه من نفقات ومحارم وشروط وغيرها من التفاصيل الدقيقة التي لا يستغني عنها الحاج أو المعتمر، ولا طالب العلم الذي يُدرّس الناس أو يفتيهم.
وقد قام الشيخ سالم القحطاني بشرح هذا الباب في مجالس علمية صوتية، اقتصر فيها على القول المعتمد في المذهب دون التوسع في الخلاف، مراعيًا بذلك الحاجة العملية لطالب العلم والحاج في آنٍ معًا. وفي هذا المقالبعض الفوائد فقهية المنتقاة من هذا الشرح، تبرز أهم المسائل التي بُني عليها باب المناسك.
1- المنسك لغة: التعبّد، وغلب إطلاقه على أعمال الحج لكثرتها.
2- التنسك: يطلق في اللغة على العبادة عمومًا، وغلب على الحج اصطلاحًا.
3- الحج لغة: القصد، وشرعًا: قصد مكة لأداء نسك مخصوص في زمن مخصوص.
4- العمرة لغة: الزيارة، وشرعًا: زيارة البيت على وجه مخصوص بأعمال مخصوصة.
5- الحج ركن من أركان الإسلام، لا يتم الإسلام إلا به.
6- العمرة واجبة في المذهب الحنبلي، خلافًا لمن قال بالسنية.
7- دليل الوجوب قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}.
8- حديث عائشة: "عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" دال على وجوب العمرة.
9- وجوب الحج والعمرة على النساء دليل على وجوبهما على الرجال من باب أولى.
10- لا يجب الحج على الكافر، ولا يصح منه.
11- لا يجب على المجنون، ولا يصح منه لفقدان الأهلية.
12- لا يجب على الصبي، ويصح منه نفلًا ولا يجزئ عن الفرض.
13- لا يجب على العبد، ويصح منه نفلًا ولا يجزئ حتى يعتق.
14- الحج واجب مرة في العمر بالإجماع، وما زاد فهو تطوع.
15- الإسلام والعقل شرطان للوجوب والصحة.
16- البلوغ والحرية شرطان للوجوب والإجزاء لا للصحة.
17- الاستطاعة شرط للوجوب لا للإجزاء، فحج غير المستطيع يجزئه.
18- من توفرت فيه الشروط وجب عليه الحج فورًا ولا يجوز التأخير بلا عذر.
19- من زال عذره في الحج قبل الوقوف بعرفة أجزأه فرضًا.
20- من بلغ أو أعتق أثناء الطواف أو السعي لا يجزئه الحج.
21- يُثاب الصبي على حجه، ويؤجر وليه لفعله النسك عنه.
22- غير المميز يُحرم عنه وليه، ويقوم عنه بأعمال النسك.
23- المميز يُحرم بإذنه ويباشر الأركان بنفسه.
24- العبد والزوجة لا يحجّان نفلًا إلا بإذن السيد والزوج.
25- لا يجوز منع المرأة من حج الفريضة إذا كملت الشروط وكان معها محرم.
26- لا طاعة للوالدين في ترك حج الفريضة، وتجب طاعتهما في النفل.
27- القدرة على الحج تُشترط بتسعة شروط، منها: الركوب، الزاد، والراحلة.
28- يُشترط أن يكون الزاد والراحلة مناسبين لحال المكلف.
29- من عليه ديون أو زكاة أو كفارات لا يجب عليه الحج حتى يؤديها.
30- يجب تقديم النفقة على النفس والعيال قبل الحج.
31- لا يجب الحج على من لا يجد الزاد والراحلة ولو بذل لهما من غيره.
32- لا يجب الحج إن خيف على النفس أو المال في الطريق.
33- لا يجب الحج إن لم يوجد الماء والعلف المعتاد في الطريق.
34- لا يجب الحج إن لم يتسع الوقت للوصول إلى الحج على وجه معتاد.
35- العاجز لكبر أو مرض لا يُرجى برؤه يُنيب من يحج عنه.
36- يُشترط أن يحج النائب من بلد المنيب حيث وجب عليه الحج.
37- لا يجوز للنائب أن يحج عن غيره إلا بعد أن يكون قد حج عن نفسه.
38- يسقط الحج عن العاجز إن لم يجد نائبًا.
39- يصح الحج النفل عن الغير مع القدرة على المباشرة.
40- لا يُشترط في النائب أن يكون قريبًا، ولا يشترط إذن الورثة.
41- لا يُحج عن الحي إلا بإذنه.
42- حج المرأة بدون محرم محرمٌ، لكن الحج صحيح ويجزئها.
43- إذا مات من لزمه الحج ولم يؤده، وجب إخراج حجة عنه من تركته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين