‌‌المصافحة سنة المسلمين

261
3 دقائق
2 ذو الحجة 1446 (30-05-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد لحظت انتشار ظاهرة ترك المصافحة وإطلاق عبارة (السلام نظر)، مع أن المصافحة من سنة المسلمين، ومن هدي صحابة نبي المرسلين، عليه الصلاة والسلام، فقد روى قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: «أكانت المصافحة في أصحاب النبي قال: نعم» رواه البخاري (5/2311) (5908)، وفي الطبراني في *الأوسط* (1/37) (97) عن أنس ورواته محتج بهم في الصحيح: «كان أصحاب النبي إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا». قال ابن بطال: المصافحة حسنة عند عامة العلماء. وقال النووي: المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي. كما في *فتح الباري*(11/55).

والمراد بالمصافحة: إلصاق صفحة الكف بالكف، وإقبال الوجه على الوجه كما في النهاية في غريب الحديث؛ لابن الأثير، ج3 ص:34

وفضل المصافحة عظيم، فقد ثبت عن سلمان الفارسي أن النبي قال: "إن المسلم إذا لقي المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما، كما تحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم عاصف إلا غفر لهما، ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر" رواه الطبراني في *الكبير* (6/256) (6150) وقال المنذري بإسناد حسن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا" رواه أبو داود (5212) وصححه الألباني في صحيح أبي داود

وفي حذيفة أن النبي قال: "إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر" قال المنذري (3/270): رواه الطبراني في *الأوسط * ورواته لا أعلم فيهم مجروحا، قال الألباني في *السلسلة الصحيحة* (1/22): وله شواهد يرقى بها إلى الصحة.

وعن ابن مسعود عن النبي قال: "من تمام التحية الأخذ باليد". رواه الترمذي (5/75) (2730) عن رجل لم يسمه عنه، وقال: حديث غريب.

وعن أنس قال: قال رجل: "يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه ينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم" رواه الترمذي (5/75) (2728)، ابن ماجه (2/1220) (3702)، أحمد (3/198) وقال الترمذي: حديث حسن.

ومن السنة المصافحة عند التهنئة، فقد روى مسلم عن كعب بن مالك (في معرض الحديث عن توبته بعد تخلُّفه عن غزوة تبوك) قال: *حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبيدالله يهرول حتى صافحني وهنَّأني*؛ رواه مسلم (2769).

ومن هدي الصحابة تطييب اليد، لتعلق بأيدي الآخرين عند المصافحة، فقد روى البخاري (في الأدب المفرد) عن ثابت البناني: *أن أنس بن مالك كان إذا أصبح ادَّهن يدَه بدهن طيب، لمصافحة إخوانه*؛ (حديث صحيح)؛ (صحيح الأدب المفرد؛ للألباني، حديث: 774).

ويمكن أن تكون المصافحة بطريقين:

- المصافحة باليد الواحدة وهو الأصل.

- المصافحة باليد اليمنى ثم وضع اليسرى على يد الآخر، كما في صحيح البخاري (6265) ومسلم (402) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ التَّشَهُّدَ وكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ). وصح عن حماد بن زيد أنه صافح عبدالله بن المبارك بكلتا يديه. كما في صحيح البخاري معلقا (ص/1206).

ومن الأخطاء الشرعية الحادثة في بيئتنا انتشار مصافحة النساء غير المحارم، وهذا محرم، قال ابن مفلح: وسئل أبو عبدالله – أي الإمام أحمد – عن الرجل يصافح المرأة قال: لا وشدد فيه جدًا، قلت: فيصافحها بثوبه؟ قال: لاوالتحريم اختيار الشيخ تقي الدين، وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر) الآداب الشرعية 2/257.

ودليل التحريم ما ثبت عن معقل بن يسار يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". رواه الطبراني في *الكبير* (486) قال الألباني عنه في *صحيح الجامع* (5045): صحيح. وعن أميمة ابنة رقيقة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أصافح النساء". رواه النسائي (4181). وابن ماجه (2874). وصححه الألباني * صحيح الجامع * (2513).

وعن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت: "ما مس رسول الله ﷺ بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته، قال: اذهبي فقد بايعتك" رواه مسلم (1866).

وعن عائشة زوج النبي قالت: "كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله ﷺ يُمتحنَّ بقول الله عز وجل: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين} (الممتحنة / 12)، قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله ﷺ إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلقن فقد بايعتكن، ولا والله ما مست يد رسول الله ﷺ يدَ امرأةٍ قط غير أنه يبايعهن بالكلام، قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله ﷺ على النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله ﷺ كف امرأة قط وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما". رواه البخاري ومسلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق