فضل المواظبة على صلاة الفجر في جماعة

143
2 دقائق
3 محرم 1447 (29-06-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

جاء عن جُندُب بن سُفيان رضي الله عنه، أن النبي قال:

"مَن صلى الصبحَ فهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّ من يَطْلُبْه من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، يُدْرِكْه، ثم يَكُبَّه على وجهِه في نارِ جهنمَ" رواه مسلم.

حديث يهز القلب، ويوقظ الغافل، ويغرس الهيبة في النفس.

هذا الحديث ليس مجرد فضل، بل تحذير، وتنبيه، ورسالة واضحة من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، تقول لكل واحد منا:

احذر، فإنك إن آذيت عبدًا صلى الفجر في جماعة، فقد آذيت من هو في ذمة الله.

وذمة الله؟ ليست كلمة تقال وتُنسى.

ذمة الله تعني عهده، أمانه، حفظه، رعايته.

من صلى الفجر، دخل في هذا العهد، صار له حق عند الله، صار تحت كنف الحماية الإلهية.

فانظر كيف يكون الموقف إذًا، لو أن أحدًا تطاول على عبدٍ في ذمة الله؟

النبي لم يقل فقط إن له فضلًا، بل قال: "فانظر يا ابن آدم"

وهذا النداء ليس لك وحدك، بل لي، ولكل سامع، ولكل غافل.

"انظر" يعني تأمل، توقف، راجع نفسك، فالأمر ليس هينًا.

من صلى الفجر في جماعة، هذا رجل أو امرأة يعرف الله، ويقوم من فراشه، ويتوضأ، ويترك نومه، ويمشي إلى المسجد، ويصلي مع الناس، هؤلاء أهل عهد، أهل وفاء، أهل صدق، لا يجوز أن يُهانوا، ولا أن يُستهان بهم.

فإذا رأيت إنسانًا لا يترك الفجر في جماعة، فاعلم أن له مقامًا، فاحذر أن تظلمه، أو تغتابه، أو تؤذيه بلسانك أو بيدك.

فالنبي يحذرك: "لا يطلبنك الله من ذمته بشيء"

أي لا تجلب لنفسك الخصومة مع الله بسبب عبد من عباده جعله في ذمته.

فيا من تستهين بكلمة أو تصرف، راقب قلبك ولسانك ويدك.

فقد يكون هذا الذي تُعرض عنه أو تؤذيه، أقرب إلى الله منك، وأحب إلى الله منك، وقد وضعه الله في ذمته، فإياك أن تمسّه بسوء.

قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: ٥٨].

هذا الحديث ترجمة عملية للآية، تطبيق واقعي لها.

فمن آذى عبدًا في ذمة الله، فقد احتمل إثمًا عظيمًا.

فلنعد النظر في علاقتنا بالمصلين، وخاصة أهل الفجر، ولنضع لأنفسنا قاعدة:

إذا رأيت رجلًا يحافظ على صلاة الفجر، فلا ترفع عليه صوتك، ولا تتطاول عليه، ولا تتكلم فيه، فهو في ذمة الله.

ومن كان في ذمة الله، فلا أحد يأمن عاقبة من يتعرض له.

اللهم اجعلنا من أهل الفجر، ومن عبادك الذين في ذمتك، واغفر لنا تقصيرنا، ووفقنا لطاعتك.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق