بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بعد ما بيّن عِظم الأمانة على الفقيه والمفتي والقاضي.
بيّن منهج الفقه في الدين الذي ينبغي أن يسلكه الفقيهُ والمفتي والقاضي فهو أعلامٌ وهداياتٌ لطالب الفقه في الدين ولذلك ذكر رسالةَ عمرَ بنِ الخطاب لأبي موسى في القضاء وشرحها في قُرابة ألف صفحةٍ
والمنهجُ امتداد لما أسس له الشافعي في كتبه: الرسالةِ واختلافِ الحديث وغيرهما ثم ابنُ تيميةَ في القواعد النورانية وغيرها وخلاصته:
أن في القرآن والأحاديث النبويةِ والآثار عن الصحابة ما فيه الغنى والكفايةَ في كل أمور الدين وأبوابه ومسائله، وفي كل النوازل كما قال الشافعي في خاتمة مقدمة الرسالة ((فليست تنزلُ بأحدٍ من أهلِ دينِ اللهِ نازلةٌ، إلا وفي كتابِ اللهِ الدليلُ على سبيلِ الهدى فيها)).
ولكنّ ذلك مبنيٌ على أمرين رئيسين:
أولا: استقصاء ما جاء في الباب من الأدلة جمعا ونقدا ودراسة.
ثانيا: حُسنُ الفهم لها واعطاؤها حقَّها من النظر والفقه والاستنباط.
وتفصيله في النقاط التالية:
1- جمع كل ما جاء في الباب الذي نطلب فقهه وأحكامه من الآيات والأحاديث والآثار عن الصحابة بطرقها ورواياتها.
2- التحقق من ثبوتها.
3- فقهُ ما ثبت منها وحسنُ فهمه (وقد توسّع في التعليق على هذا الجزء من رسالة عمر لأبي موسى خصوصا: (ثم الفَهمَ الفهمَ فيما أُدلي إليك مما ليس في كتابٍ أو سُنَّة، ثم قايسِ الأمورَ عند ذلك، واعرف الأمثالَ والأشباهَ ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهِها بالحقِّ).
4- العملُ بكل ما ثبت من الأحاديث.
5- وبيانُ أن أدلة القرآن والحديث لا تختلف بل يُبين بعضها بعضا ويتممه ويفسّره.
6- وأنه لا يأتي في الشريعةِ حكمٌ على خلاف القياس الصحيح، فالكتابُ والميزان لا يختلفان، وأن القياسَ شاهدٌ وتابعٌ ومُصدّقُ وليس مستقلا بإثبات حكمٍ شرعي لم يأت به نصٌ.
7- ولا تجمع الشريعةُ بين مُختلفين ولا تفرِّق بين متماثلين، وحيثُ رأى الناظر خلاف ذلك فلِعلةٍ وحكمةٍ اقتضتِه.
8- ومن أعطى أحكامَ الشريعة حقها من النظر والفقه والفهم علِم اتساقها وتوافقَها وعلِم حكمة التشريع وعدلَه وحُسنَه ومراعاتَه مصالحَ العباد في المعاش والمعاد.
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا.
فالكتاب تفصيل لهذه الأسس واستدلال لها وردٌّ على المخالفين فيها مع ما فيه من أمور تزكية النفس وفوائدَ في تفسير الآيات وأمثالِ القرآن وبراهين القرآن وحججه وشرحِ الأحاديث وكثرةِ الأمثلة والشواهد.
فرحم الله ابنَ القيم ونفعنا بخير ما كتبَ.