بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في مقطوعة وقصيدة تتبين لنا ماهية الشعر في قصائد الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي، فسبب إقباله على الشعر التقرب إلى الله وجعله وسيلة لمدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي ذلك يقول (حفظه الله):
وأعظمُ ما يُزَكّي الشعرَ عندي
تَوَجُّهُه إلى الله الجليلِ
وأني قد رفعتُ له مقامًا
ومنزلةً بمدحي للرسولِ
* ماهية الشعر:
يبين الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي ماهية الشعر عنده في قصيدة ما الشعر التي يقول فيها:
جَمْرٌ منَ الإحساس..
لا تعجبي..
إنْ قلْتُ: إنَّ قصيدتي ليستْ ربابَهْ
تجْتَرُّ في ألْحانِها لُغةَ الرَّتابَهْ
و تسيلُ من أوْتارِها روحُ الكَآبهْ
و تنوحُ نوحَ الثَّاكِلاتِ كأنَّها
تبكي على الهِمَمِ المُصابَهْ
ما الشِّعرُ؟!
هل أبصرتِ بحْرًا ثائرًا ورأيتِ في غَلَسٍ عُبابَهْ؟
ورأيتِ كيفَ تصوِّر الأمواجُ للعينِ اضطِرابهْ؟
و رأيتِ ما في شاطئيه من المَهَابَهْ؟
ورأيتِ رَمْلَ الشَّاطئ المذعورِ ينتظر اقترابهْ؟
ما الشِّعر ُ؟
هل أبصرتِ فجْرًا تعشَقُ العينُ انسيابهْ؟
مُتدفِّقَ الأنوارِ، يوقِظُ نائمَ الأزهارِ..
يسقيها شرابَهْ؟
فتذوبُ من فرحٍ بروعتِهِ وتنتظِرُ انسِكابَهْ؟
ما الشِّعْر؟
هل أبصرْتِ " حُزْنَهُ "* حينَ يحتضِنُ السَّحابهْ؟
ويظلُّ يلثمها إلى أنْ يعلنَ
الغيثُ انصِبابَهْ؟
أرأيتِهِ و اللَّيل يمنحه الجلالَة و المَهابَهْ؟
فيثيرُ شوق زهورهِ خصبًا ويغسِلُ كُلَّ أُمسيَةٍ شِعابَهْ؟
ما الشِّعرُ؟
هل أبصرتِ ليلًا لم يزلْ يُخفي شِهَابَهْ؟
ويظلُّ يغلقُ دونَ نور الفجْر بابَهْ؟
أرأيتهِ مُتطاولَ الظَّلْماءِ مشدودَ الذُّؤابَهْ؟
لا تعجبي.. إنْ قلت: إنَّ الشِّعر لم يوقف ركابَهْ
لم يستَجِبْ إلاَّ لخالقنا، ولمْ يفتَح لغيرِ الحقِّ بابَهْ
ما زالَ يرفع رأسهُ ويصون من دَنَسٍ ثيابَهْ
ما زالَ يحرُسُ من هزيلِ اللَّفظِ و المَعْنى خِطابَهْ
و يُعلِّمُ النَّاسَ القراءةَ و الكِتابَهْ
إنِّي لأقرأ ما حواه الكون من عِبرٍ وأستملي كتابَهْ
ما زلتُ أكشِفُ بالتَّأمُّلِ في غرائِبِهِ حجابَهْ
أنا لسْتُ موقوفًا على بابِ الخنوعِ و لستُ أرضى بالخِلابَهْ
لا تعجبي.. إنْ قُلْتُ: إنَّ قصيدتي روحٌ مُذابَهْ
نبضٌ لقلبٍ لمْ يزلْ يشكو الصَّبابَهْ
فيضٌ منَ العقل الذي مازالَ يمنحُ كُلَّ قافيةٍ صوابَهْ
لا تعجبي..
إنْ قلتُ: إنَّ الشِّعرَ كونٌ تعشقُ الدُّنيا رِحابَهْ
جمرٌ منَ الإحساسِ يعشقُ منْ يُحِسُّ بهِ الْتِهابَهْ