حلقة 42: حكم إسقاط ولاية ولي المرأة من قبل المحكمة في أمر التزويج - بادل رجل وامرأة الخطابات في أمور التزويج - حكم من شك في انتقاض الوضوء- حكم نجاسة الثوب المجهولة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

42 / 50 محاضرة

حلقة 42: حكم إسقاط ولاية ولي المرأة من قبل المحكمة في أمر التزويج - بادل رجل وامرأة الخطابات في أمور التزويج - حكم من شك في انتقاض الوضوء- حكم نجاسة الثوب المجهولة

1- تقدم لي شاب علمت أنه يتقي الله كثيراً، ولا نزكي على الله أحدا، ولم تقدم للوالد رفضه الوالد لأسباب دنيوية، هي أنه لا يستطيع أن يباهي به أمام الناس لأن مظهره لا يعجب أناس هذا الزمان؛ لأنه يلبس القميص ولا يطيل ثيابه تأسيا بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، هذا بجانب أنه لم يعجبه أسلوب عيشته، وهي ولله الحمد اعتبار الدنيا معبر إلى دار القرار، المهم أنه رفضه لدينه -هداه الله سواء السبيل- ولما كنت قد علمت بدين هذا الأخ، وأعلم أن رفض إنسان بهذه الصفات هي فتنة في الأرض وفساد كبير، فهل إذا تكاسلت عن إسقاط الولاية عن الوالد، والتقدم إلى القاضي أو العالم يتصف بالتقوى ليتولى أمر تزويجي هل في ذلك شيء علي أم لا؟

لا ريب أن علي الوالد وعلى سائر الأولياء أن يعتنوا بأماناتهم، وهن مولياتهم من النساء من بنات وأخوات، وأن يحرصوا على تزوجيهن وعدم تعطيهن وعظلهن، وأن ينظروا إلى الأزواج من جهة الدين والاستقامة والأمانة وصلاح الحال، لا من جهة الدنيا والمظاهر، فإن هذا المظهر قد يضر صاحبه، وقد يضر مصاهريه، فالواجب على ولي المرأة أن ينظر إلى الدين والاستقامة، فإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في المرأة فاظفر بذات الدين تربت يداك، فهكذا ينبغي أن يقال من جهة الزوج، يقال للأولياء: فاظفروا بأصحاب الدين في تزويج بناتكم وأخواتكم ونحو ذلك، فيجب العناية بذات الدين من النساء، وهكذا العناية بصحاب الدين من الرجال، فكونه لا يطيل ثيابه هذه منقبة، هذه منقبة وفضل ينبغي أن يكون سبباً لتقريبه لا لإبعاده، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الإسبال وقال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار). فلا يجوز للرجال أن يسبلوا ثيابهم تحت الكعب مطلقاً، وإذا كان عن كبر صار أعظم وأكبر، كذلك كونه مثلاً يلبس القميص العادي المعروف، أو كون رابته ليس بالكثير، أو كونه لا يحلق لحيته بل يوفرها ويعتني بها، كل هذه مناقب ومكارم وفضائل لا ينبغي أن تكون سبباً لمنع الزواج، والذي يعتبرها سبباً هذا يدل على نقصٍ في دينه ونقصٍ في إيمانه، ونقصٍ في تصوره، ونقصٍ في أدائه الأمانة، وهكذا كون معيشته ليست بالكاملة من جهة الرفاهية ومن جهة ما يحتاجه الناس اليوم من مزيد التفكه، هذا ليس بعيب، فينبغي للمؤمن أن يعتني بالدين والاستقامة، وأن لا يكون تعقله بالمال أو بالمظاهر هو المطلوب، بل هذا غلط ولا يجوز للوالد ولا لغير الوالد من الأولياء. أما المرأة فإن تقدمت للحاكم لطلب عزل الولي الذي يتساهل حتى يزوجها الحاكم فلا بأس، لها حق في ذلك، تتقدم إلى المحاكم وتطلب أن تزوج من هذا الخاطب الجيد، وأن يمنع وليها من التحكم فيها لهواه ولمقاصد المنحرفة، أو لقصد المباهاة بالأزواج والأموال، كل هذه المقاصد رديئة، وصاحبها يستحق أن يعزل ويعتبر عاظلاً لامرأته. وإن صبرت ولم تتقدم إلى المحاكم، وقالت لعل ولعل إكراماً لأبيها وإكراماً لوليها وحذراً من أشياء قد تسوء عاقبتها فلا بأس، على كل حال هذا إلى المرأة، هي مخيرة إن شاءت تقدمت إلى المحاكم ليزوجوها من الخاطب الجيد المستحق، وإن شاءت صبرت حتى يفتح الله ولعل الله أن يهدي الولي فيزوج هذا أو غيره.  
 
2- هل يمكن أن يتبادل رجل وامرأة الخطابات في أمور الدين، كما ورد عن عائشة بنت طلحة، أو فيما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين حين أرسل لها معاوية، وهل يمكن أن يحدث تبادل خطابات بين رجل و امرأة لتسهيل أمر الزواج، بمعنى إرسال معلومات عنها، أو أي شيء آخر يسهل أمر الزواج، إذا كان ذلك غير متيسر بأي طريقة أخرى مع اتقاء الله في هذه الرسائل، وعدم الخضوع بالقول؟
لا بأس بتبادل الرسائل بين الرجال والنساء في مسائل العلم، ومسائل الدين ومسائل الدنيا أيضاً، لا بأس بتبادل الرسائل، أن تكتب المرأة للرجل تنصحه أو تسأله عن علم، أو عن تجارة، ....... تجارة، أو عن مسائل أخرى لا تتعلق بالفساد، وإنما تتعلق بصالح الدين والدنيا، لا بأس، ولا بأس أن يكتب الرجل للمرأة إذا كانت فقيهة يسألها عن مسائل الدين أو عن مسائل نسب، أو عن مسائل تتعلق بأمور الدنيا ...... التجارة، أو أراضي أو غير ذلك، المقصود الرسائل التي ليس فيها محذور، وليس فيها ما ينم عن غيبة، فلا حرج في ذل، لا مع الكبار ولا مع الصغار، لا من الرجال ولا من النساء، فقد كتب معاوية إلى عائشة -رضي الله عنها- يقول لها: اكتبي لي بنصيحة أو بوصية وأوجزي، فكتبت له -رضي الله عنها- الحديث المشهور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) وهو حديث جيد رواه ابن حبان في الصحيح وغيره، وفي لفظٍ أنها كتبت إليها خبراً آخر بلفظٍ آخر: (من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا وعاد حامده له ذاماً)، فالحاصل أن المكاتبة في هذا الباب لا بأس بها بين الرجال والنساء، وهكذا بين الخاطب والمخطوبة، كونها تكتب له عن حالها بصدق حتى يكون على بينة، وهو يكتب لها عن حاله بصدق حتى تكون على بينة لا بأس، لكن يجب الحذر من الكذب الذي قد يضر هذا أو هذا، فالواجب الصدق في كل شيء، وإذا تيسر اللقاء للخاطب مع المخطوبة فلا بأس، ولكن بشرط عدم الخلوة، إذا طلب أن يقابلها أو طلبت هي أن يقابلها فلا بأس، لكن على شرط أن لا يكون هناك خلوة، لأن الخلوة محرمة ومن أسباب الشر، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخلوة، وأن لا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، وقال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) فلا يجوز أن يخلو بها الخاطب، ولكن إذا حضرت أمها أو أختها الكبيرة أو جدتها، أو زوجة أبيها أو حضر شخص آخر من دون ريبة، مجالس محترمة فلا بأس. 
 
3- ما حكم من شك في انتقاض الوضوء فهل يتوضأ أم لا؟
إذا شك الإنسان هل انتقض وضوءه ليس عليه الوضوء، إذا كان قد عرف الطهارة فتوضأ، عرف أن متطهر من الظهر مثلاً ثم شك بعد ذلك هل انتقض طهارته أم لا، ليس عليه وضوء بل يصلي العصر بالطهارة الأولى، وهكذا أشباه ذلك، إن توضأ للضحى وصلى الضحى ثم شك هل انتقضت طهارته أم لا، لا يلزمه الوضوء للظهر بل يصلي بطهارته التي أتى بها ضحىً، وهكذا في الليل مثلاً تهجد فلم جاء الفجر شك هل أحدث أم لا، لا حرج عليه ولا وضوء عليه، بل يصلي بوضوئه السابق الذي أتى به في أثناء الليل، ولا يحتاج إلى وضوء لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) متفق عليه، وفي لفظٍ آخر أنه سئل: قالوا يا رسول الله: (رجل يجد الشيء في بطنه قال: لا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً). فالحاصل أنه ليس عليه أن يجدد وضوءه حتى يتحقق ويعلم أنه أحدث، من ريح أو بول أو غائط أو أكل لحم إبل، أو ما أشبه من النواقض. الحاصل أنه لا يلزمه وضوء إلا إذا تحقق من وجود الناقض، كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-: فلا ينصرف حتى يسمع صوت أو يجد ريحاً. يعني حتى يتحقق الحدث فإذا لم يتحقق فالأصل الطهارة، وله ثلاث حالات، حالة إذا تحقق أنه أحدث فعليه الوضوء، وحالة إذا تحقق أنه لم يحدث فالحمد لله هذا يصلي بوضوئه الأول، الحالة الثالثة: شك، تردد، هل أحدث أم لا، وقد يغلب على ظنه الحدث وقد يغلب على ظنه عدم الحدث وقد يستوي الطرفان، فبهذه الأحوال الثلاثة لا يلزمه الوضوء حتى يتيقن أنه أحدث. 
 
4- أيهما أفضل، إذا جمع أكثر من صلاة بوضوء واحد أو توضأ لصلاة مكتوبة؟
إذا توضأ لكل صلاة أفضل، لما في الوضوء من الخير والفائدة، الوضوء فيه فضل عظيم، فإذا توضأ لكل صلاة فهذا فيه فضل عظيم، وإن صلى بوضوءٍ واحد عدة صلوات فلا بأس، قد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحيان، اللهم صلي عليه وسلم، كما يصلي الإنسان مجموعة، الظهر والعصر بوضوءٍ واحد في السفر، في المغرب والعشاء بوضوء واحد في السفر، أو في المرض. 
 
5- إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر، فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة؟
لا يلزمه ذلك، لأن هذا مهو محل، ليس محل تشهد، إذا أردك ركعةً واحدة مع الإمام الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية، هو محل تشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فليس له محل تشهد، بل يأتي به إذا أتى في الركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله. المذيع/ لكن إذا لم يرد القراءة ما الذي يصنع في هذا الجلوس؟ يسكت، إما أن يسكت وإلا يقرأ التشهد، ولكن لا يلزمه أن يقرأ التشهد، لأن هذا ليس محل قراءته، ولكن كونه يقرؤه ويأتي به خير من السكوت، لأنه فضل، ولأنه ذكر، فإتيانه به خير.  
 
6- إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل؟
إن كان يمكن التحري يتحرى حتى يغسل المحل يتحرى، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء يغسله كله، يلزمه يغسله كله، أما إذا ظنها في محل، تحراها في محل معين منه غسل المحل المعين الذي تحراه، في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحرى.  

426 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply