حلقة 102: حكم من لم يتمكن من طواف الوداع - حكم الإفطار في نهار رمضان للمسافر - حكم من جاءه البول أثناء الصلاة - حكم منع الرجل من الدخول على من عقد له عليها - حكم من أقسم بالطلاق على شيء ثم لم يفعله

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

2 / 50 محاضرة

حلقة 102: حكم من لم يتمكن من طواف الوداع - حكم الإفطار في نهار رمضان للمسافر - حكم من جاءه البول أثناء الصلاة - حكم منع الرجل من الدخول على من عقد له عليها - حكم من أقسم بالطلاق على شيء ثم لم يفعله

1- حججنا حجا صحيحاً، وذهبنا إلى مكة نريد طواف الوداع فلم يمكننا؛ لأن السائق كان غشيم ولم يمكنه بأن يلقى خط الحرم، فماذا ترون في حجنا هذا خاصة حج والدتي التي حجت عن والدها، هل يلزمنا في هذا شيء أم لا، أم حجنا مقبول؟

طواف الوداع فرض على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم في الصحيح، ومما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت، إلا المرأة في الحيض. فهذا يدل على أن طواف الوداع في الحج مفترض، ومأمور به، إلا على الحائض ومثلها النفساء فلا وداع عليهما، فالذي خرج ولم يودع بسبب زحمة أو بسبب جهل السائق، أو ما أشبه ذلك كل هذا ليس بعذر، فالواجب عليه يرجع فيؤدي طواف الوداع، فإن لم يفعل فعليه هدي، يعني دم، يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء في أصح قولي العلماء، والهدي .... في السفر، فإذا فدى كفى، ...... نرجو أن يكفيه ذلك. وهذا في الحج أما العمرة فهو أوسع ليس الوداع فيها واجباً على الصحيح وهو قول الجمهور، بل نقله أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله- إجماع أهل العلم على أنه لا وداع للعمرة، ليس فيها وداع مباشر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن فيها وداع، والأقرب والأظهر أنه ليس بواجب الوداع فيها؛ لأن الله شرعها في جميع السنة، بل رغب في تكرارها، ومما يعين على ذلك عدم وجوب الوداع فيها، ولأنه لم يحفظ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه ودع لما اعتمر في عام القضاء، عمرة القضاء، فدل المراد أن بالوداع في الحج خاصة، أما العمرة فأمرها أوسع، إن ودع فحسن؛ لأنها حج أصغر، ومن لم يودع فلا شيء عليه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح والأقوى في هذه المسألة.  
 
2- يوجد عندي بنت متزوجة وقد جاءت عندنا هي وزوجها في شهر رمضان، وبعد ما صمنا أسبوع جاء زملاء زوج بنتي وذهبوا إلى البر وأخلطهم الشيطان فأكلوا وشربوا وجاء اليوم الثاني في الصباح -زوج ابنته- وقال لزوجته، يريد أن تعطيه أكل، فمنعت زوجته وطلق أنه يفطر، وحلفت يمينا ما تسوي له أكل، فأصبحت محتارة بين زوج بنتي وبين بنتي؛ لأنه طلق وهي حلفت يمينا، فأجبرت زوجة ولدي أن تسوي له أكل فمنعت، فغصبتها وهي ليست راضية، وقامت وعملت له أكل فأكل وشرب ونحن موجودين معه في البيت، ولكننا لم نأكل معه فماذا يلزمنا، هل علينا إثم أو يلزمنا صدقة؟
لا شك أن إفطار في نهار رمضان بغير عذر شرعي كبيرة من الكبائر، ومنكر من المنكرات العظيمة إذا كان من غير عذر شرعي، أما إذا كان من أجل سفر إذا سافروا ما يعد سفراً، وهو ما يعادل ثمانين كيلو تقربياً، أو سبعين كيلو تقريباً، مسافة يوم وليلة تقريباً ..... والأقدام، فما يعادل ذلك ويقاربه يسمى سفراً ولا حرج في الإفطار فيه، أما ما كان في البيت أو ..... البلد فلا يسمى سفراً فهذا الإفطار فيه كبيرة من الكبائر، والذي يعين المفطر على إفطاره شارك في الإثم، فإن الله -سبحانه- يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [(2) سورة المائدة]. فالذي يساعد وأفطر في رمضان بغير عذر في تقديم الطعام أو القهوة أو الشاي أو غير ذلك من الأشربة أوالمطعومات آثم مشارك للمفطر في الإثم، لكن صومه صحيح، لا يبطل صومه بالمعاونة، ولكن يكون آثماً وعليه التوبة إلى الله، وعليك -أيها الأخ- عند غصبك البنت على أن تصلح الطعام عليك التوبة، لأنك قد أخطأت حين أمرتها بإصلاح الطعام له، وهي قد أحسنت وأصابت في عدم طاعته؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما الطاعة في المعروف). فإذا أمرها زوجها أن تقدم له طعاماً في الصوم، صوم في رمضان، وهو ليس معه عذر، ليس بمريض، لا عذر له، فهذا حرام ومنكر، وليس له الإفطار، وليس له أمر زوجته بإعداد فطور له، وليس لها أن تعينه على ما حرم الله، ولو غضب ولو طلق لا يجوز لها أن تعينه على ما حرم الله عليه وعليها، فطاعة الله مقدمة على طاعة الزوج وعلى طاعة الأب وعلى طاعة السلطان وعلى طاعة الأمير؛ لأن الرسول قال: (إنما الطاعة في المعروف) . وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). مقدم البرنامج: لكن ربما الذي قرأناه الآن في رسالة الأخ (ع. ل. هـ ) من غامد يتضح أن الزوج مسافر، وأن زملائه الذين أتوا إليه مسافرين أيضاً؟ الشيخ: هم في البيت. أمرها في البيت، بعد ما رجعوا. مقدم البرنامج: لا يزالون في سفر، في بلاد غامد في سفر تقول قدمت لنا بنتي وزوجها، يعني زارونه في نهار رمضان، وزاره أيضاً زملائه فأصبحوا الجميع مسافرين؟ الشيخ: إذا كانوا مسافرين وقد عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام، فإنه يلزمهم الصوم على الأرجح، وهو قول جمهور أهل العلم، فإذا كانوا قد عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام عند أصحابهم يصوموا معهم أما إذا أقاموا أربعة أيام أو أربعة أيام فأقل فلا يلزمهم الصوم إذا كانوا مسافرين مروا عليهم زُواراً فلا يلزمهم الصوم، وإن صاموا فلا بأس، ولا حرج، أما إذا كانوا نووا الإقامة عندهم أكثر من أربعة أيام فالذي ينبغي في هذه الحال الصوم، خروجاً من خلاف العلماء، وعملاً بقول أكثر أهل العلم، ولأن الأصل الصوم وشك في إجازة الإفطار.  
 
3- إذا كان الإنسان مصاب بمرض كثير البول، دخل الخلاء فقضى فيه، ثم توضأ وذهب إلى المسجد، وبعد حوالي عشر دقائق جاء البول، فهل يصلي أو هل يترك الصلاة ويذهب ليتبول؟
إذا حضرت الصلاة وحضر ما يشوش عليه صلاته من بول أو غيره، فإنه ينفتل، ينصرف من المسجد ليتوضأ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان). الأخبثان البول والغائط، فإذا كان يدافعانه ويشقان عليه فإنه لا يصلي، بل يرجع إلى البيت حتى يتخلص منهما ثم يصلي ولو في بيته إذا كان ..... الجماعة، يصلي في بيته، فصلاته في بيته مع الخشوع وصفة المدافعة أولى وأفضل من صلاته مع الإمام وهو يدافع الأخبثين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد بهذا العناية بالصلاة، والتعظيم من شأنها، حتى تؤدى على خير وجه، فالمشغول بالبول أو بالغائط قد لا يؤديها على الكمال، وقد يشغل بهذين الأخبثين، فلا يؤديها كما ينبغي، لكن لو كان التأثر بهما قليلاً وضعيفاً، ما يشوش عليه صلاته، فإنه يصلي، ثم يخرج، ولا يذهب إلى البيت. إذا كان المسألة خفيفة، المدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه، يعني إنما حس بذلك شيئاً قليلاً لا يشق عليه فإنه يصلي. أما إذا كانت المدافعة شديدة وقوية فإنه يخرج من المسجد، بل ويقطع الصلاة، حتى يفرغ منه........ مقدم البرنامج: لكن مثل حالة المستمع الذي ذكر أليس من الأجدر أن لا يذهب إلى المسجد إلا عند إقامة الصلاة إذا كان مصاب بمرض البول؟ الشيخ: هذا أولى به، لا يعجل حتى يكون مجيء قرب إقامة الصلاة حتى يتمكن من أداءها مع الجماعة، ثم يرجع سليماً، هذا ينبغي له أن يلاحظ من أصيب بهذه الحالة من سلس البول أو الريح أو ما أشبه ذلك، فينبغي له أن يتحرى قرب الإقامة حتى يتمكن من الأمرين: من صلاة الجماعة وسلامة الطهارة.   
 
4- تزوجت فتاة وكان عمرها سبعة عشر سنة، ثم بقيت عند أهلها سبعة عشر سنة أخرى، وأنا لم أدخل بها وأنها تحبني وأحبها، ولكن أهلها منعوها من الزواج الفعلي: أي الدخول بالمعنى المعروف، وأخيراً طلقتها، ثم خطبت زوجة أخرى، وحصل معها ما حصل مع الأولى، فهل أطلقها أم أن هناك رأياً للشرع آخر؟ علماً بأنني متزوج من امرأة وعندي منها أطفال، وأنا أرغب في الزواج من الثانية
الواجب على أولياء الزوجة، أولياء المرأة وأهلها من أم وأخت وخالة ونحو ذلك أن يساعدوا على الخير، وأن يشجعوا على الجمع بين الرجل وأهله، وأن لا يعطلوا المرأة عن زوجها لا قبل العقد ولا بعد العقد، فإذا تم العقد فالواجب البدار في إدخالها على زوجها، وتمكينه منها حتى يحصل مقصود النكاح من قضاء الوطر، وعفة الفرج، وغض البصر، و..... والذرية للجميع، هذا هو الواجب، ولا يجوز لأمها ولا لأبيها ولا لأوليائها تعطليها من الزواج، ولا تعطليها من دخولها على زوجها بعد العقد، هذا هو الواجب عليهم، وكثير من الناس -والعياذ بالله- لا يبالي بموليته، ولا يهتم بها، بل يعطلها كثيراً إما لخدمتها في بيته، وإما لرعيها غنمه، وإما لغضبه على أمها، أو لغضبه عليها لأسباب دعت ذلك، فيظلمها ويتعدى عليها، ويحبسها عن الزواج لما في نفسه من الشر عليها أو على أمها أو على أخوتها الخاصين بها، أو نحو ذلك، وهذا ظلم وعدوان لا يجوز. فالواجب عليه أن يتقى الله، وأن يبادر بتزويج موليته سواء كان أخاها، أو أباها، أو عمها، وأن لا يعطلها، ثم إذا تم العقد فالواجب أيضاً أن لا يعطلها، بل على الولي أن يبادر بإدخالها على زوجها أو إدخاله عليها إن كان دخولها عليها في بيته. أما التعطيل فهو منكر، وهذا واقع فيه كثير من الناس، يعطلون بناتهم وأخواتهم لأسباب خبيثة، .....، إما لتخدم في بيته أو تخدم زوجته أو لتخدمه في رعي غنمه، أو لأسباب أخرى، وهذا لا شك أنه منكر، وحرام عليه، وإثم، وظلم. وبعد العقد كذلك لا يجوز تعطيلها أيضاً، بل يجب البدار بإدخالها على زوجها وتمكينه منها حتى يحصل المقصود من النكاح، والله يقول –جل وعلا-: وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [(19) سورة الفرقان]. فالظلم قبيح، وشره عظيم، ويقول -صلى الله عليه وسلم- : (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة). فحبس النساء عن الزواج سواء كن بنات أو أخوات، أو غيرهن ظلم وعدوان، وهكذا حبسهن بعد العقد، وعدم إدخالهن على أزواجهن ظلم وعدوان، فأرجو ممن يسمع كلامي هذا أن يبلغه غيره، وأن ينصح من يعلم منه هذا العمل الخبيث، هذا المنكر، أن ينصحه لله، وان يحرضه على تزويج موليته، وعدم حبسها ظلماً وعدواناً. وعلى ولاة الأمور إذا علموا ذلك أن يعاقبوا من فعل هذا، على القضاة والأمراء، وولاة الأمور جمعياً عليهم أن يعاقبوا من عرف بهذا الظلم لموليته؛ لأنه يستحق العقاب ردعاً له ولأمثاله عن هذا الظلم، والقاضي أخص بهذا؛ لأنه يعلم من هذه الأمور ما لا يعلمه غيره، فالواجب على القضاة أن يهتموا بهذا، وأن يحكموا بتعزير وتأديب من يعرف بهذا الأمر، رجاء السلامة من هذا الظلم لهؤلاء النساء.  
 
5-   تعاركت مع رئيسي في العمل لبعض الأسباب، فقطع من راتبي خمسة أيام عقاباً لي، فأقسمت على أنه إذا أخذت الراتب ناقص فسوف أرسل برقية لرئيسه شكوى عليه، ولكنني لم أرسل برقية وأخذت الراتب ناقص، والقسم هو: علي الطلاق بالثلاث من زوجتي إذا أخذت الراتب ناقصاً فسوف أرسل برقية لرئيسه، وكان هذا القسم أمام أربعة من زملائي بالعمل، وأخبر فضيلتكم بأني عاقد قراني منذ ثمانية أشهر ولم أدخل على زوجتي حتى الآن، فما هو حكم الدين؟
لا ينبغي للمؤمن أن يقسم بالطلاق ولا بالحرام، فإذا كان ولا بد فليقل والله لأفعلنَّ كذا، أو بالله لأفعلنَّ كذا، وأما إقسامه بالطلاق والتحريم فلا ينبغي، وأقل أحواله الكراهة، لكن هذا الذي أقسم بالطلاق أنه يرفع الأمر إلى رئيس من خصم عليه بعض راتبه إن كان قصد حث نفسه على الرفع وإلزامها بذلك فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، يعشيهم أو يغديهم، أو يعطيهم نصف صاع من التمر أو من الأرز من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة من قميص أو إزار أو رداء، ويكفي ذلك. أما إن كان هذا الذي أقسم بالطلاق أراد إيقاع الطلاق، وأنه إن لم يرفع فإنه زوجته تطلق منه، أراد أن يقع الطلاق بها إن لم يرفع إلى رئيسه هذا الموظف، فإن كان قصد الطلاق، يعني قصد إيقاع الطلاق إن لم يفعل فإنه يقع بها طلقة واحدة، هذا هو الراجح، إذا قال: علي الطلاق بالثلاث، فالصواب من أقوال العلماء أنه يقع به طلقة واحدة، ويراجعها في العدة إذا كان ما قبلها طلقتان، إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين فإنه يقع بهذا طلقة واحدة، وله مراجعتها مادامت في العدة، ويشهد شاهدين يقول لهما: أشهدكما .... أني راجعت امرأتي فلانة، ويكفي. أما إذا كان لم يرد إيقاع الطلاق على زوجته إنما أراد حث نفسه وإلزامها بالشكوى، ولم يرد إيقاع الطلاق من زوجته أبداً فهذا ليس فيه إلا كفارة اليمين.  

541 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply