حلقة 203: حكم من أفطرت رمضانين بسبب النفاس والمرض ولم تقض - دعاء الاستفتاح والتلفظ بالنية - تغيير المحل لأداء النافلة - شرح حديث بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا - هل تترك بعض السنن لأجل تأليف الناس - الضم بعد الركوع - حكم دفع الزكاة للأخ

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 203: حكم من أفطرت رمضانين بسبب النفاس والمرض ولم تقض - دعاء الاستفتاح والتلفظ بالنية - تغيير المحل لأداء النافلة - شرح حديث بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا - هل تترك بعض السنن لأجل تأليف الناس - الضم بعد الركوع - حكم دفع الزكاة للأخ

1-   أنا امرأة مسلمة، منذُ سنتين لم أصم شهر رمضان، في السنة الأولى لأنني كنت في أيام النفاس، وفي السنة الثانية كنت حاملاً ومريضة، ونصحني الدكتور بعدم الصيام، وأنا لم أقض هذه الأيام، ولم أُخرج بدلاً منها مالاً، هل يقبل الله توبتي، وما الحكم في هذه الحالة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الأخت في الله السائلة لا شيء عليك والحمد لله ما دمت إنما أخرت الصيام لأجل ضرف النفاس والحمل، فعليك أن تصومي ما أفطرت من السنتين والحمد لله، إن كنت تساهلت بهذا وأفطرت طبعاً من غير عذر بعد الطهر من النفاس فعليك أن تطعمي عن كل يوم مسكيناً، هذا هو الذي أفتى به جمع من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتصومي الأيام التي عليك وتطعمي عن كل يوم مسكينا. أما إن كنت معذورة في المدة كلها أولاً بالنفاس وثانياً بالحمل وليس هناك مدة بينهما حصل فيها القدرة على القضاء فإنك تقضين فقط وليس عليك إطعام، بل تصومين الأيام التي عليك والحمد لله، وليس عليك إطعام، ولا حرج أن تصوميها متتابعة أو متفرقة. وأما إن كنت تساهلت ولم تصومي وأنت تستطيعين الصوم فإن عليك التوبة إلى الله على ذلك، والاستغفار، وعليك الصيام، وعليك إطعام مسكين عن كل يوم، كيلو ونصف عن كل يوم للفقراء والمساكين، يعني من التمر أو من الأرز أو من الحنطة من قوت البلد يعطاها المساكين، ولو جمعت كلها ودفعت إلى مسكين واحد أو اثنين أو ثلاثة كفى ذلك والحمد لله. أحسن الله إليكم 
 
2- إنني سمعت كثيراً من المصلين يقولون بعد تكبيرة الإحرام مباشرةً أدعية مثل: وجهت وجهي إلى فاطر السماء والأرض، أو إلى الكعبة الشريفة، نويت أن أصلي صلاة العصر أو العشاء، ثم بعد ذلك يقول: الله أكبر، ويدخل في الصلاة، فما رأيكم في هذا؟
السنة للمؤمن إذا قام إلى الصلاة أن يستحضر عظمة ربه، وأن هذه الصلاة لها شأن عظيم، وأن الخشوع فيها مطلوب؛ كما قال الله -عز وجل-: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[المؤمنون: 1-2] فيقوم بهذه النية، بنية الدخول فيها، وإذا كبر الإمام قال بعده: الله أكبر، وإن كان منفرداً لمرض منعه من الجماعة أو في النافلة فإنه يكبر: الله أكبر، أول ما يبدأ في الصلاة، ولا يشرع له أن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، هذا شيء لا أصل له. والصواب أنه غير مشروع، وأنه بدعة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما كان يقول عند البدء بالصلاة نويت أن أصلي كذا وكذا، وما كان أصحابه يقولون ذلك، ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أهل العلم من أئمة السلف الصالح. فالسنة للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ الصلاة بقول الله أكبر، ولا يأتي بقول: نويت أن أصلي الظهر كذا والعصر كذا والفجر كذا والجمعة كذا، فهذا لا أصل له، ولكن ينوي في قلبه أنه قائم لصلاة المعينة، الظهر العصر أو المغرب أو العشاء ويكفي، القلب هو محل النية. أما وجهت وجهي فهذا يقوله بعد الدخول، فهذا يسمى الاستفتاح، إذا كبر يقول الاستفتاح المشروع الذي كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنواع من الاستفتاحات أخصرها وأوجزها (سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، يقول هذا بعد التكبير، يقوله الرجل والمرأة في الفرض والنفل: (سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ومعنى تعالى جدك أي عظمتك، جد الله أي عظمته -سبحانه وتعالى-، ولا إله غيرك أي لا معبود بحق في الأرض والسماء سواك يا ربنا، فهو المعبود بالحق -سبحانه وتعالى-، وما عبده الناس من دون الله من قبور وأصحاب قبور أو أنبياء أو صالحين أو كواكب أو صنم أو شجر كله باطل، فالمعبود بالحق هو الله وحده -سبحانه وتعالى-، وهذا معنى: لا إله غيرك، أي لا معبود بحق سواك، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[الحج: 62]. ويُشرع استفتاح آخر كان الرسول يستعملها -عليه الصلاة والسلام-، وهو ثابت عنه: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)، هذا أيضاً كان يستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثابت عنه في الصحيحين، فإذا فعله الإنسان قبل أن يقرأ: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) هذا مستحب وليس بواجب قبل أن يقرأ وبعد أن يكبر. وهناك نوع ثالث للاستفتاح يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، نستغفرك ونتوب إليك)، هذا نوع من الاستفتاح وهو صحيح ثابت كان في الغالب يستعمله بالليل -عليه الصلاة والسلام- وفي التطوع، وإذا استعمله الإنسان في الفريضة فلا بأس؛ لأن فعلهما واحد إلا ما خصه الدليل، ولكنه طويل ليس كل واحد يحفظه، فالأول أخصر وأيسر على العامة من الرجال والنساء، (سبحانك اللهم وبحمد، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ الحمد، ثم ما تيسر مها بعد ذلك، هذا هو المشروع. أحسن الله إليكم. 
 
3- إنني دائماً أشاهد عامة الناس بعد صلاة الفرض يغير محل صلاته؛ ليصلي صلاة النفل، ما حكم ذلك، وما هو فضله؟
ثبت عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- ما يدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك؛ لأجل تشهد له البقاع، ومن الحكم الأخرى الله يعلمها -سبحانه وتعالى-، فإذا غير مكانه فحسن، إذا تيسر أن ينتقل من محل الفريضة إلى محل آخر يتنفل فيه، فهذا فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكره ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-، ولا بأس بذلك، بل هو مستحب إذا تيسر ذلك. 
 
4- قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود …) إلى آخر الحديث، نرجو تفسير هذا الحديث وعن صحته؟
هذا الحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) فهو حديث صحيح ثابت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى: (قيل: يا رسول الله! من الغرباء؟ قال: الذين يَصْلِحون إذا فسد الناس) وفي لفظ آخر: (يُصلِحون ما أفسد الناس من سنتي) وفي لفظ آخر: (هم النزاع من القبائل)، وفي لفظ آخر: (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير)، فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، فطوبى للغرباء، أي الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال، و...... الأمور، وقل أهل الخير، ثبتوا هم على الحق، واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله، وأخلصوا له في العبادة، واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ -أي ما تطلبون- نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ[فصلت: 30-32]. فالإسلام بدأ غريباً في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وآذوه -عليه الصلاة والسلام-، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل المدينة مهاجراً وانتقل معه من قدم من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن فتح الله على نبينا مكة -عليه الصلاة والسلام-. فأوله كان غريباً بين الناس، وأكثر الخلق على كفر بالله، والشرك بالله، وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك، ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى يد أصحابه، فدخلوا في دين الله، وأخلصوا العبادة لله، وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين، وأخلصوا لله العبادة، فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يُصلى إلا له، ولا يسجدون إلا له، ولا يتوجهون بالدعاء والاستغاثة وطلب الشفاء إلا له -سبحانه وتعالى-، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم مددا، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار، ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده -سبحانه وتعالى-. فهؤلاء هم الغرباء، وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عند دين الله، عندما يكفر الناس، عندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة، ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة. أحسن الله إليكم 
 
5- يقوم بعض الشباب عندنا باتباع السنة، مثل جلسة الاستراحة في الصلاة وغيرها من الأفعال، ولكن كل ذلك يولد نزاعاً من قبل بعض الشيوخ في المسجد مع الشباب، فهل ترون أن نترك السنة ونكسب هؤلاء أفضل؟ أم العكس؟ أم ماذا؟
المحافظة على السنة أمر مطلوب، ولكن السنة سنتان: فريضة، ونافلة. أما الفريضة فلا بد منها، وذلك أن تصلي كما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، تطمئن في ركوعك وسجودك، وتقرأ الفاتحة، هذا أمر لا بد منه في الفريضة. أما النوافل مثل سنة الاستراحة، مثل وضع اليدين على الصدر: وضع اليمنى على اليسرى على الصدر، وما أشبه ذلك من السنن، هذه إن فعلها الإنسان لإحياء السنة هذا مطلوبه أفضل، وإن تركها تأليفاً للجماعة الذين لم يعرفوا هذه السنة ولم يطمئنوا إليها لجهلهم أو لتقليدهم حتى يكسبهم في أداء الفرائض، وترك المحارم فهذا حسن؛ لأن تحصيل الفرائض مقدم، وترك المحارم أمر مقدم على النوافل، فالمؤمن الداعي إلى الله يعمل الأصلح فيجتهد في توجيه الناس إلى ما أوجب الله عليهم وتحذيرهم مما حرم الله عليهم، ويحرص على ما يؤلف قلوبهم ويرغبهم في الخير، فإذا اطمأنوا وعرفوا أنه عنده النصح، واطمأنوا إلى تعليمه وتوجيهه، فبإمكانه بعد ذلك أن يرشدهم إلى السنن التي قد تخفى عليهم من جلسة الاستراحة، فإنها سنة على الأرجح، وبعض أهل العلم لا يرها سنة، وإنما يراها في حق المريض والعاجز، ولكن الصواب أنها سنة، وهي جلسة بعد الأولى من الصلاة وبعد الثالثة في الرباعية، وبعد الأولى في كل صلاة، جلسة خفيفة ثم يذهب إلى الثانية وإلى الرابعة. فإذا فعل هذا فهي سنة كما ثبت ذلك من حديث مالك بن حويرث، وأبي حميد الساعدي، وإن ترك ذلك تأليفاً لجماعته وقومه وما أشبهه من السنن التي ليست واجبة فلا حرج كما تقدم. والخلاصة أن الداعي إلى الله ينظر الأصلح ويحرص على اكتساب قومه وجماعته وأهل بلده في أداء الفرائض وترك المحارم، وإن تركوا بعض السنن، فالأهم كل الأهم حفظهم للفرائض وعنايتهم بها، وابتعادهم عن المحارم. أما تركهم بعض السنن فلا يضرهم ذلك، وفي إمكانهم بعد الطمأنينة إلى الداعي وبعد معرفتهم لنصحه واطمئنانهم إليه وثقتهم به ففي إمكانهم بعد هذا أن يقبلوا منه ما خالف عادتهم، والله المستعان. أحسن الله إليكم 
 
6- ما حكم مسألة الضم بعد الاعتدال من الركوع؛ لأن الشيخ: محمد ناصر الدين الألباني في كتابه: (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم) يقول: بأنه لا يشك بأن ذلك بدعة؟
الضم بعد القيام من الركوع سنة، وهو أن يضع يمينه على شماله على صدره كما فعل قبل الركوع، هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، روى ذلك وائل بن حجر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسناد صحيح، وروى ما يدل على معناه سهل بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن الرجل كان يؤمر في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم الراوي عن سهل: لا يعلمه إلا يروي ذلك إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- رواه أبو البخاري في الصحيح، فهذا هو الصواب والحق أن ضم اليمين إلى اليسار بوضع اليمين على الكف اليسرى والرسغ والساعد بعد الركوع وقبله حال القيام هو السنة. أما أخونا الفاضل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني فقد ذكر ما ذكره السائل، وأن هذا بدعة، وقد وهم في هذا، وفقه الله، وكل إنسان له أوهام، كل عالم له أوهام، وأخونا الشيخ ناصر الدين من خيرة علماء المسلمين، وممن نعرفه ونشهد له بالفضل والعناية بالسنة والحرص عليها، وألف فيها ما ألف من المؤلفات الطيبة النافعة، ولكنه كغيره من العلماء يخطئ ويصيب، فله أشياء أخطأ فيها عفا الله عنه، كما لغيره من الأئمة: كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة الكبار، كل واحد له أشياء أخطأ فيها وخرج عليه فيها الحق، إما لأنه لم يطلع على الحديث، أو لم يبلغه من وجه صحيح، أو لأسباب أخرى، كما بين ذلك أبو العباس بن تيمية في كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام، فكل عالم قد يفوته شيء وله فيه عذره، رضي الله عنهم ورحمهم، فأخونا العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني من جملة أولئك الأخيار الذين لهم عذرهم فيما أخطئوا فيه. وقد كتبنا في هذه كتاباً وبينا فيه الصواب، ونشر من مدة، وهي موجودة وتوزع، فينبغي للسائل أن يراجعها إن كانت عنده، أو يكتب لنا ونرسلها له إن شاء الله. فالخلاصة أن السنة أن يضم يديه بعد الركوع كما قبل الركوع، هذا هو الأفضل، يضع اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد على صدره، كما فعل قبل الركوع؛ لقول وائل -رضي الله عنه- (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان قائماً في الصلاة يضع يمينه على شماله) وقوله: (إذا كان قائماً في الصلاة) يشمل هذا وهذا، ولم يحفظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة فيما نعلم أنه أسبل يديه بعد الركوع، فما قاله شيخنا الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني من البدعة غلطة كبيرة نسأل الله أن يعفو عنه. أحسن الله إليكم.  
 
7- هل تجب الزكاة من مال الشخص المفقود الذي لا يعرف مصيره، وهل يستطيع وليه أن يتصرف به كوارث، أم يجب عليه أن يحافظ على هذا المال إلى أن يعرف أحي هو أم ميت؟
مال المفقود الذي لا تعرف حياته ولا موته لا زكاة فيه، بل تؤجل الزكاة حتى يبين أمره، فإن بان حياً أخرجها بعد حضوره، وإن بان ميتاً أخرجها الورثة فيما يتعلق بالنقود، أما غير النقود من أثاث وبيوت السكن ..... هذا ليس فيها زكاة، إنما الزكاة في النقود وأشباهها: كالإبل والبقر والغنم والسائمة ونحو ذلك مما فيه الزكاة. فالحاصل أنه لا يُزكى ماله إلا بعد ظهور حياته فيزكي هو، أو يقوم بها وكيله، أو يظهر موته فيزكي الورثة بعد أن صار المال إلى ملكهم. أحسن الله إليكم 
 
8- هل يجوز دفع الزكاة للأخ حين لا يرث؟
الأخ الفقير يأخذ الزكاة حتى ولو كان وارثاً على الأصح، إذا كان فقيراً يعطى من الزكاة: كالعم والخال وابن الأخ والأخت ونحوهم. أما الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأولاد وأولاد البنين وأولاد البنات فهؤلاء لا يعطون؛ لأنهم من أهل البيت، فلا يعطون من زكاة الولد ما يعطي أصله من زكاته ولا فرعه من زكاته، هذا هو المعروف عند أهل العلم، وقد حكى عليه الحافظ بن منذر رحمه الله الإجماع في الجملة. أحسن الله إليكم  
 
9- هل يصح قول: (من) في الصلاة، أو (الله أكبر) أو (سمع الله لمن حمده) بصوت مرتفع عن الحالة الاعتيادية، وهو يريد الإشارة أو التنبيه إلى ضرر خفيف يقع، ولا يرغب في الخروج من الصلاة؟
لا مانع أن يرفع صوته بقوله: الله أكبر أو سمع الله لمن حمده للتنبيه أنه يصلي، أو يقول: سبحان الله لا مانع منه، أما (من) فلا حاجة إليها، فلا حاجة إلى أن يقول: من، ولكن يقول: الله أكبر، أو سبحان الله، حتى ينتبه من يريد تنبيهه. أحسن الله إليكم 
 
10- إنني امرأة لا أحفظ الكثير من القرآن عند الصلاة، فما حكم الشرع في هذا، وأنا لم أتعلم، فكيف أؤدي صلاتي؟
يكفيك أيها الأخت أنت تقرئي الفاتحة: (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) إلى أخره، تقرئينها تكفي، وإن تيسر لها الزيادة من (قل هو الله أحد) (قل أعوذ برب الفلق) (قل أعوذ برب الناس) أو غيرها من السور، أو بعض الآيات، هذا خير إلى خير، في الركعة الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفي الفجر أيضاً، أما الثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء فتكفيك فيها الفاتحة -الحمد لله-، ولا يلزمك شيئاً أكثر من هذا، الحمد هي الركن اللازم وما زاد فهو مستحب والحمد لله. أحسن الله إليكم 
 
11- عليَّ صيام من ست سنوات، ويقولون بأن اليوم بيومين، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل هذا صحيح؟
عليك أن تقضي الصيام الذي عليك فقط من غير زياد، وقول بعض الناس اليوم بيومين هذا خطأ باطل ماله أصل، وإنما تصومين الأيام فقط التي أفطرتيها، وليس عليك زيادة، لكن إذا كان تأخير الصيام من دون عذر شرعي ليس هناك مرض يمنع ولا أعذار أخرى: من حمل أو نفاس أو نحو ذلك، فإن عليك مع الصوم إطعام مسكين عن كل يوم، إذا تيسر لك ذلك إذا كنت مليئة، تطعمي عن كل يوم مسكين، نصف صاع عن كل يوم كيلوا ونصف تقريباً عن كل يوم ....... بعض الفقهاء عن الأيام التي عليك كلها، كل يوم عنه نصف صاع من قوت البلد: من أرز أو تمر أو حنطة أو شعير أو ذرة من قوت البلد، ونحو ذلك، تدفعينه لبعض الفقراء، تنظرين بعض البيوت الفقيرة، ويدفع إليهم هذا الطعام عن جميع الأيام التي لم تصوميها إذا أخرتها من غير عذر. إما إذا كان لك عذر كمرض فليس عليك إطعام، تصومين فقط عدد الأيام فقط لا زيادة، أما قول من قال: أنه يصام عن كل يوم يومين، هذا قول باطل ليس له أساس. 
 
12- ما حكم الشرع في شرب الدخان والشمّـة؟ وما هو دليل التحريم؟
الدخان وفروعه ومشتقاته كلها محرمة، ودليل ذلك قول الله -سبحانه وتعالى-: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ[المائدة: 4]، أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقول للناس: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ لما سألوه ماذا أحل لهم؟ أمره الله أن يقول لهم: أحل لكم الطيبات، وأخبر سبحانه ووصى نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في سورة الأعراف قال: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ[الأعراف: 157] وقد أجمع العارفون بالدخان من الأطباء وغير الأطباء على أنه خبيث، ضار ضرراً كبيراً للمتعاطين، فهو معروف بأنه سبب لأمراض كثيرة من داء السرطان وداء السكتة وأدواء أخرى معروفة ذكرها العلماء وألفوا فيها المؤلفات، فهو محرم لخبثه وضرره الكثير، وربما أفقد صاحبه شعوره إذا تأخر عنه أو أكثر منه فهو ذو مضرةٍ عظيمة، فيجب على كل مسلمٍ تركه، على الرجال والنساء جميعاً، فيحرم بيعه وشراؤه والتجارة فيه واستعماله هو ومشتقاته من شمةٍ وغيرها، رزقني الله وإياكم العافية. 

460 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply