حلقة 482: حكم تثويب أجر القراءة للميت - تكفير جميع المجتمعات غير صحيح - مسألة في الطلاق - معنى حديث (من ستر مسلما ستره الله...) - قول علي الحرام، هل يطلق عليها كلمة الطلاق؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 482: حكم تثويب أجر القراءة للميت - تكفير جميع المجتمعات غير صحيح - مسألة في الطلاق - معنى حديث (من ستر مسلما ستره الله...) - قول علي الحرام، هل يطلق عليها كلمة الطلاق؟

1- هل يجوز تلاوة القرآن على المتوفى أو إهداء ثوابه له، علمت من ردكم أن هناك خلافاً بين العلماء في هذا الأمر، وكما قلتم: إنه ليس هناك دليل من الشارع على هذه المسألة، أرجو من فضيلة مولانا المزيد من الإيضاح في تعليقه على هذه الملاحظات: إذا جاز لنا أن نحج عن المتوفى وأن نتصدق له ألا يعني هذا أن من يحج عن المتوفى أن يؤدي مناسك الحج جميعها المفروض منها والمسنون، فإذا قام مثلاً لصلاة ركعتين عند المقام والسنة ألا يهدي ثواب هذه الصلاة للمتوفى، وبالتالي ألا يكون ما قرأه من القرآن في صلاته كان مهدى للمتوفى كسائر أعمال الحج؟ فضيلة مولانا الدعاء على المتوفى جائز، أليس الدعاء مخ العبادة، وإذا كان القرآن رحمة وشفاء للمؤمنين ألا يكون المتوفى أحوج لهذه الرحمة، وأن القرآن يحتوي على الكثير من آيات الدعاء، والخلاصة: إذا كانت تلاوة القرآن لا تجوز على المتوفى هذا يعني ألا نتلو الآيات الشاملة على الترحم له!! أرجو إلقاء المزيد من الضوء على هذا الدرب، وجزاكم الله عن الأحياء والأموات خيراً. أخوكم: عبد الله أحمد نايل.   

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإني أشكر للسائل عنايته واهتمامه بهذه الأمور الشرعية العظيمة، وأسال الله لنا وله المزيد من كل خير. أيها الأخ السائل: إن أمور العبادات ليست محل قياس، والعبادات توقيفية كما قال أهل العلم، لا يقال فيها بالرأي المجرد والقياس من عبادة على عبادة، ولكن يتلقى أمر العبادة عن الشارع عن الله وعن رسوله –عليه الصلاة والسلام-، ولا نقيس شيئاً على شيء بدون حجة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أقر الحج عن الميت وأذن فيه، وعن العاجز أيضاً كالشيخ الكبير العاجز يحج عنه، والصلاة التي يصليها الطائف تبعاً للطواف، يكون ثوابها وثواب الطواف للميت من غير حاجة إلى أن يهدي الصلاة أو يهدي القراءة؛ لأنه صلى تبعاً للطواف، وهذه الصلاة جازت تبعاً لا استقلالاً، ولا يشرع لأحد أن يصلي عن الميت أو يصوم عنه تنفلاً لأن هذا لم يرد في الشرع، والعبادات -مثل ما تقدم- توقيفية يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ويقول الله -عز وجل- في ذلك ما هو أعم من هذا: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..) (الشورى: من الآية21)، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا – يعني في ديننا وشرعنا- ما ليس منه فهو رد) يعني مردود، فالواجب على أهل الإسلام الاتباع لما جاء به نبيهم عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يبتدعوا، فالحج بأعماله الواجبة والمشروعة جاءت عن الشارع، فإذا حج عن الميت أو عن العاجز صار الأجر للمحجوج عنه عن النفل والفرض جميعاً حسب ما جاء عن الشارع، ولا نقيس على ذلك فنقول: كما جازت الصلاة تبع الطواف للميت المحجوج عنه نقول: لنا أن نصلي عن الموتى ونصوم عنهم، لا، هذا قياس، الحج عبادة مستقلة، فلا يقاس عليها أن نصوم عنه نافلة أو نصلي عنه نافلة بل علينا أن نتبع ونقف عند الشرع، وهكذا التِّلاوة، التلاوة التي يقرؤها الإنسان في الصلاة عن الميت والتلاوة في ركعتي الطواف والتلاوة في الطواف كل هذه تبع، فلا يقاس عليها التلاوة المستقلة كونه يقرأ على الميت، ويجعل الثواب للميت أو يقرأ على القبر أو يقرأ خارج ذلك في أي مكان وينوي للميت هذا يحتاج إلى دليل، وإن كان جملة من أهل العلم ذهبوا إلى جواز ذلك وأنه لا بأس به وقاسوه على الحج والدعاء والصدقة، لكن مثلما تقدم: القاعدة الشرعية عدم القياس، وأن علينا أن نتبع ولا نخترع ولا نبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، وإذا فتح هذا الباب دخل الناس في البدع ولم يقفوا عند حد؛ فلهذا قلت سابقاً وأقول الآن: أن الأرجح عدم تثويب التلاوة إلى الميت، وعدم الصلاة عنه وعدم الصوم عنه، إلا إذا كان عليه دين، عليه صوم واجب من رمضان أو من كفارة أو من نذر فلا مانع من الصوم عنه؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، وسئل غير مرة عمن مات وعليه صيام، فأفتى المستفتي بأن يصوم عن ميته، فهكذا نقول مثلما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من مات وعليه صيام يصام عنه، هذا مشروع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى رمضان على الصحيح، إذا مات وعليه صيام ولم يقضه من دون عذر شرع لأوليائه أن يصوموا عنه كما يصومون عن الكفارات والنذور، وبعض أهل العلم خص ذلك بالنذر، والصواب أنه لا يخص النذر بل يعم؛ لما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) هكذا قال عليه الصلاة والسلام-: (من مات) هذا عموم، (وعليه صيام صام عنه وليه) فيعم من مات وعليه صوم رمضان أو صوم كفارة أو صوم نذر، ومن زعم تخصيص ذلك بالنذر فلا دليل عليه وليس معه حجة يعتمد عليها، ولم يقل -صلى الله عليه وسلم –: من مات وعليه صلاة صلى عنه وليه، ولم يقل: من مات فليقرأ عنه وليه، لكن الدعاء نعم شرع أن ندعوا للأموت ونصلي وندعوا لهم، والله يقول سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم مثنياً على عباده الصالحين بقوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ..) (الحشر: من الآية10) فالدعاء أمر مطلوب للميت والحي جميعاً، ولهذا شرع الله صلاة الجنازة لما فيها من الدعاء للميت، فأرجوا يا أخي أن لا يشتبه عليك الأمر، وأن تطمئن إلى أن السنة أن تلزم ما جاءت به السنة والشريعة وأن لا تحيد عنه وأن لا تزيد عليه في العبادات لأنها توقيفية، والله ولي التوفيق. - شيخ عبد العزيز يكثر بعض إخواننا من كلمة (مولانا) وقد علقتم ذات مرة في إجابة في حلقة مضت على هذه الكلمة. ج/ كذلك ينبغي أن لا يستعمل هذا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا تقولوا: مولانا، فإن مولاكم الله) هكذا رواه مسلم في الصحيح، فينبغي للمؤمن تركها، وقد أجازها بعض أهل العلم واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- في حق العبد: (وليقل: سيدي ومولاي) قالوا فهذا دليل على جوازها لما جازت في حق العبد لأنه يقولها لسيده، فالأولى في هذا أن لا نقيس على العبد، بل هذا خاص بالعبد يقوله لسيده، أما غيره فينبغي له أن يتأدب بالأدب الشرعي فيقول: يا فلان، يا أخي، يا أبا فلان، يا شيخ فلان، ويكفي هذا، ويحتاط لدينه ويبتعد عن الشيء الذي فيه شبهة.  
 
2- لقد تعرفت خلال دراستي الجامعية بجامعة الخرطوم على فتاة تقول: إن المجتمعات الآن كلها مجتمعات جاهلية، أي كافرة، وتستدل بالآتي: إن هذه المجتمعات تحكم بغير ما أنزل الله، وقد قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون[المائدة:44] وتقول: إن قول ابن عباس في هذه الآية كان مربوطاً بحادثة معينة، ولا يجب أن يأخذ بها الآن في الحكم على حكام هذا الزمان، إنهم يتحاكمون إلى غير شريعة الله، أي يتحاكمون إلى الطاغوت، وقد قال تعالى: (( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا ))[النساء:60]، وأيضاً تستدل بقوله تعالى: (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ))[النساء:65]، فهل هذا الكلام صحيح، وأنه كل من تحاكم إلى قوانين المحاكم التي توجد ببلده وضعية يصبح كافراً خارجاً من ملة الإسلام تحت جميع الظروف، وأنه لا عذر له أمام الله؟ أتمنى يا سماحة الشيخ أن تجيب على هذا الموضوع الذي يقلقني بتفصيل شديد جداً، وأن تعطيني الأدلة الكافية لإقناع أي إنسان يحمل مثل هذ الفكر، وأنا أشعر أن تكفير المجتمع كله غير صحيح، وأحب أن أهدي صديقتي هذه إلى الطريقة القويم، وياحبذا لو تمكنتم ودللتموني على بعض الكتب التي تفيدني في مثل هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.   
لا شك أن هذا الإطلاق من هذه الفتاة ليس بصحيح، فليست المجتمعات كلها جاهلية بل فيها -بحمد الله- من أهل الخير والعلم والصلاح والاستقامة ما فيها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) فالطائفة موجودة والحمد لله، وموجودة بكثرة في محلات كثيرة، فلا يجوز أن يقال: جميع المجتمعات في الشرق والغرب جاهلية وليس فيها إسلام، هذا غلط ومنكر، نعم الأغلب جاهلية، الأكثر والأغلب جاهلية على خلاف الشرع، لكن يوجد -بحمد لله- طائفة منصورة يوجد من هو على الحق، وإن كانوا لا يحصرون في مكان معين، لكنهم -بحمد لله- موجودون، وإن خلا منهم بعض الأمكنة وبعض البلاد لكنهم -بحمد لله- في دول كثيرة وفي بلدان كثيرة، ولا سيما -بحمد الله- في هذا العصر في أول هذا القرن وآخر القرن الماضي، فقد اتسعت الدعوة إلى الله وكثرة الدعاة إلى الله ونشط الشباب الإسلامي في كل مكان إلا ما شاء الله في الدعوة إلى الله والترغيب في الخير والدلالة على الخير، والعناية بالقرآن والسنة، فالإطلاق هذا الذي قالته الفتاة غير صحيح، وعليها التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إليه وأن تخاف الله وتراقبه سبحانه وتعالى، أما وجود التحكيم بغير الشريعة فهذا إثمه على من فعل ذلك ورضي به، أما من كرهه ولم يرضَ به فليس عليه إثم منه، الله يقول: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الأنعام: من الآية164)، ومن حكَّم غير الشريعة من الدول وأعوانهم ورضوا بذلك فهم الآثمون، أما من لم يرض بهذا من الرعية من رجال ونساء في أي بلد فليس مأخوذاً بعمل غيره ولا آثماً بعمل غيره، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يجني الجاني إلا على نفسه) وهذا معنى قوله سبحانه: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الأنعام: من الآية164)، فالواجب التثبت في الأمور وعدم إطلاق الأحكام جزافاً على غير بصيرة. ولا ريب أن الحكم بغير ما أنزل الله منكر عظيم ومن أنواع الكفر، كما بينه الله سبحانه وتعالى، وهو من حكم الجاهلية، كما قال سبحانه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) (المائدة: من الآية50)، وليس لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله بل هذا منكر عظيم وجريمة شنيعة، أما كونه كفراً مخرجاً من الملة فهذا هو محل التفصيل عند أهل العلم، فمن فعل الحكم بغير ما أنزل الله يستجيزه ويرى أنه لا بأس به، أو يرى أنه مثل حكم الله، أو يرى ما هو أشنع من ذلك أن الشريعة ما تناسب اليوم، أو أن القوانين أنسب منها وأصلح هذه كله كفر أكبر على جميع الأحوال الثلاثة، من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكمه أو مثل حكمه في أي وقت كان أو أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله ولو قال: إن الشريعة أفضل وأحسن، ففي هذا الأحوال الثلاث يكون قائل ذلك كافراً، وهكذا معتقد ذلك، من اعتقد أن حكم غير الله جائز أو مماثل لحكم الله أو أفضل من حكم الله فهو مرتد عند جميع أهل الإسلام، أما من فعل ذلك بغرض من الأغراض ويعلم أنه مخطئ وأنه مجرم ولكن فعل ذلك لغرض لرشوة أو مجاملة قوم أو لأسباب أخرى والله يعلم من قلبه أنه ينكر هذا وأنه يرى أنه باطل وأنه معصية فهذا لا يكفر بذلك يكون عاصياً ويكون كافراً دون كفر وظالماً ظلماً دون ظلم، وفاسقاً فسقاً دون فسق، كما قال ابن عباس -رحمه الله- ومجاهد بن جبر وجماعة آخرون، وهو معروف عند أهل العلم، وإن أطلق من أطلق كفره فمراده كفر دون كفر، أما من اعتقد جواز حكم غير الله ولو قال: إن الشريعة أفضل أو قال إنه مماثل لحكم الله أو قال إنه أفضل من حكم الله ففي هذه الأحوال الثلاثة يكون كافراً، نسأل الله العافية، كما تقدم. وأرشدك في هذا إلى مراجعة تفسير ابن كثير -رحمه الله- وابن جرير والبغوي وغيرهم على آيات المائدة: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) وإلى مراجعة كلام ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين وفي الطرق الحكمية، ومراجعة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وفتاواه وغيرها، وهكذا مراجعة كلام أهل العلم في مذهب الشافعي والمالكي والحنفي وغيرهم من أهل العلم حتى تعلمي الحكم الشرعي. ومن أنسب ما يكون في هذا باب (حكم المرتد) فإنهم بينوا فيه كل شيء في جميع المذاهب الأربعة، وفي غيرها من كلام أهل العلم، وأضحوا بالتفصيل الحكم بغير ما أنزل الله، ولعلك بهذا والفتاة التي نقلت عنها لعلها يحصل لها بذلك الطمأنينة والرجوع إلى الحق وترك التعميم الذي يخالف الشرع المطهر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.  
 
3- عبد الحميد محمد أبو الهوى، يقول: إنني قد خرج مني لفظ بالطلاق لزوجتي ثلاثاً، وكان هذا بسبب خلافات عائلية بالمنزل، وبعد هذه الألفاظ بالطلاق أخذتها إلى منزل أهلها، وبعد مدة ألح أهلي عليَّ برجوع الزوجة إلي، وفي نفس الوقت كنت غاضباً، فكررت ألفاظ الطلاق: إنها طالق طالق طالق، فعندما وجدت نفسي منهاراً فكرت بالسفر لكي أبتعد عن المشاكل التي واجهتني، وبعد سفري بشهرين جاءني خطاب من أهلي بأن زوجتك أعدناها في المنزل، حيث أنها حامل في شهرها الرابع ومعها طفلان آخران، وهم أولادي، هل من الممكن الرجوع إليها بأطفالها الثلاثة، وهم أطفالي؟ إنهم زينة الحياة الدنيا، الرجاء الرد الواضح، جزاكم الله خيراً.   
نوصيك بالرجوع إلى المفتي لديكم لينظر في الأمر وفيما يراه الكفاية إن شاء الله، تحضر أنت والمرأة ووليها عنده حتى يعلم ما صدر منك ويفتيك إن شاء الله في ذلك، وإن كتب إلي بذلك نظرت في الكتابة؛ لأن هذا إليه لأنه هو المسئول. - إذن لا ترون أن يقال له شيء في هذا الموضوع؟ ج/ لا نرى إلا أن يراجع المفتي عندهم وفيه بركة إن شاء الله، وإن رأى المفتي أن يكتب إلي أو إلى غيري من أهل العلم فهذا إليه إذا أشكل عليه.  
 
4- في لحظة غضب وانفعال ومشادَّة مع زوجتي قلت لها: علي الطلاق ما أنت ذاهبة إلى المدرسة باكر! وكررت ذلك ثلاث مرات من شدة غضبي، وكان هدفي من ذلك هو منعها من الذهاب إلى المدرسة، حيث تعمل مدرِّسة، ولا أقصد الطلاق أبداً؛ لأنني أبغضه ولا أعرف أحكامه، في صباح اليوم الثاني ألحت علي زوجتي بأن من الضروري ذهابها إلى المدرسة لأن ذلك هو أول يوم في العام الدراسي، فقمت بتوصيلها إلى المدرسة، منذ ذلك الوقت وأنا أعيش في قلق نفسي وخوف من الله سبحانه وتعالى، لذا أرجو الإفادة عن حكم هذا اليمين، هل هو حلف بغير الله أم يمين طلاق تحرم بموجبه زوجتي علي؟ أرجو إيضاح ذلك، علماً بأنني ندمت ندماً شديداً، وعزمت على ألا أعود إلى ذلك أبداً، جزاكم الله خيراً.   
إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فهذا الطلاق له حكم اليمين، وعليك كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجزت تصوم ثلاثة أيام، والإطعام يكون نصف صاع لكل واحد كليو ونصف لكل واحد من التمر أو الأرز أو الحنطة، أو تعشيه أو تغديه، عشرة، أو تكسو العشرة كسوة إزاراً ورداء، أو قميصاً، هكذا يجب ولا طلاق عليك لا يقع الطلاق؛ لأنك لم ترد الطلاق وإنما أردت منعها كما قلت ومن كان بهذه المثابة فله حكم اليمين في أصح قولي العلماء، ونوصيك بالحذر من العودة إلى ذلك، والتوبة مما حصل، وفق الله الجميع.  
 
5- هل هذا معنى حديث: (من ستر على مسلم ستر الله عليه)، أي: إذا فعل إنسان شيئاً منكراً أو فاحشة وسترتُ عليه ستر الله علي؟ أرجو أن توضحوا لي هذا، جزاكم الله خيراً.
نعم، هذا حديث صحيح رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي – عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) فهذا هو المشروع: إذا رأى الإنسان من أخيه في الله عورة يعني معصية فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه وينصحه ويوجهه إلى الخير ويدعوه إلى التوبة إلى الله من ذلك ولا يفضحه بين الناس، ومن فعل هذا وستر على أخيه ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل، أما الذين يظهرون المعاصي ولا يستحون يظهرونها بين الناس فهؤلاء فضحوا أنفسهم، فليسوا محلاً للستر كالذي يشرب الخمر بين الناس في الأسواق والاجتماعات هذا قد فضح نفسه، نسأل الله العافية، وهكذا من يعمل المعاصي الأخرى جهرة ولا يبالي فهذا يرفع بأمره إلى ولاة الأمور إذا كانوا يردعون مثله ويقيمون عليه الحد يرفع بأمره، وليس محل الستر من أظهر فاحشته وأعلنها، نسأل الله العافية.  
 
6- يوجد أهل قرية لا يتكلمون إلا بالحرام، وهذه الكلمة سائرة بينهم، مثل قولهم: علي الحرام أن تأخذ كذا أو تعطيني كذا، هل يطلق على هذه الكلمة كلمة الطلاق، نرجوا أن تفيدونا جزاكم الله خيرا ؟
هذا الكلام لا يجوز، والواجب نصيحتهم وتحذيرهم من مثل هذا الكلام؛ لأن تحريم ما أحل الله أمر لا يجوز، يقول الله سبحانه وتعالى في المظاهرة من النساء يعني تحريم النساء يقول سبحانه: ..وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا.. (2) سورة المجادلة، ويقول الله لنبيه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) سورة التحريم، فالواجب على المسلم أن يطهر لسانه من مثل هذا الكلام وهو التحريم: هذا علي حرام، طعامك علي حرام، كلامك علي حرام، علي الحرام ما أفعل كذا، علي الحرام ما أزورك، علي الحرام ما آكل طعامك، كل هذا ما يجوز، والواجب التوبة إلى الله من ذلك والاستغفار والندم، أما الحكم ففيه تفصيل: إن كان أراد بهذا منع نفسه من شيء كأن يقول: علي الحرام ما آكل طعامك ما آكل ذبيحتك، علي الحرام ما أجلس لقهوتك، علي الحرام ما أكلمك، قصده منع نفسه من هذا الشيء فهذا عليه كفارة يمين، كما في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ*قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ.. (1-2) سورة التحريم، جاءت في التفسير أن هذا كان في تحريمه –عليه الصلاة والسلام- العسل، وفي رواية أخرى تحريمه مارية مملوكته، فهذا فيه كفارة يمين. أما إذا أراد التحريم أو الطلاق بهذا الكلام أراد إيقاعه وأنه متى كلم فلاناً فزوجته عليه حرام أو فهي طالق يقصد هذا أو متى أكل طعامه فهي عليه حرام أو هي طالق أو ما أشبه ذلك ينوي إرادته يقصد إيقاع الطلاق ويقصد إيقاع الفراق فهذا على ما نوى، إذا فعل الشرط حرمت عليه المرأة وعليه كفارة الظهار، وإن كان طلاقاً وقع الطلاق، على نيته، وبهذا يعلم أن المقام مقال تفصيل: إذا قال عليه الطلاق، عليه الحرام ما يأكل كذا، ما يكلم فلاناً، ما يزره ما يأكل ذبيحته ما اشبه ذلك، فإن كان أراد منع نفسه والتشديد على صاحبه حتى لا يفعل هذا الشيء، هذا له حكم اليمين وعليه كفارتها إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز عن ذلك كله صام ثلاثة أيام، أما إن كان أراد إيقاع الشيء حينما قال عليه الحرام ما يأكل كذا أو ما يكلم فلاناً، أو عليه الطلاق ما يفعل كذا، أراد إيقاعه فإنه متى وقع منه الشرط وقع التحريم على زوجته وعليه كفارة الظهار وإن كان طلاقاً وقع الطلاق، الذي هو قال علي الطلاق لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا، ويكون طلقة واحدة، إلا إذا كرر ذلك ونوى التكرار فهو على ما نوى عليه نيته، قال علي الطلاق لا أفعل كذا علي الطلاق لا أفعل كذا، علي الطلاق لا أفعل كذا، ونوى الثلاث كل كلمة نوى بها طلقة فهو عليه نيته الأفعال بالنيات. 

705 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply