ذكريات الطنطاوي


  

بسم الله الرحمن الرحيم

  رأيت كتابات \" للطنطاوي\" ما وقع ناظري على مثلها في الرقة والعذوبة والصدق..

فلازمت مطالعة كتبه - رحمه الله -.

وتبين لي أنه يكتب بقلم يفيض عاطفة صادقة..

وإحساساً راقياً..

نعم.. هو يكتب بقلم الأب الحاني المشفق على صغاره..

ويكتب بقلم البصير بواقعه، الملم بأحداث أمته.

ويكتب بقلم التجربة، ليقول لكل قارئ.. أربع على نفسك..

لا تتعجل، فقد وقفنا، وسمعنا ورأينا..

فلله دره من عبقري إذا كتب كتب..

وأخرس كل لسان قلم..

وله شمعة أخرى في حياته.. هي الموسوعية، التي زادت كتابته رصانة، متانة فهو ينظر للفكرة من عدة أبواب... ثم يريق بقلمه الشهد المذاب.. لقلمه في قلوب عشاق المطالعة سحراً.. ولحبره في أعينهم بحراً..

وقد أضاف أي حسن عرض موسوعته، تجاربه الفذة.. التي مرت على حياته فأفاد منها، وسخر هذه التجارب، كرموز في كتاباته لكي يطالعها القارئ فيجد فيها كل فائدة مرجوة..

وكل خبر أبوية صادقة..

وليس هذا على الطنطاوي بغريب إذ هو ربيب الحرف، وضيع الأدب فطيم الفن، والطفل يؤلمه الفطام... ولقد دار بيني وبين أحد الأدباء كلاماً موسعاً عن الطنطاوي - رحمه الله -. فقال لي: أحسب الطنطاوي - رحمه الله - كف عن الكتابة عن \" الحب \" وحمل سكينه عليه وبات يحذر منه بل جعله هو الكذبة الغريبة، وهو بوابة الخطر، وهو مسلك السوء والفساد ومذهب العفة والحياء...

لأن الله رزقه ببنات، وشعر بالمسئولية.. والخوف عليهن، والغيرة والحرص علي تربيتهن تربية إسلامية سامية... فهاجم الحب في آخر حياته...

أما مقلاته عن الحب في أول حياته.. فعجب عجاب..

وهو يقول: بالحب يلتف الغصن على الغصن، بالحب يعكف الضبي ويحنو على الضبية... أ. هـ.

يا سادة..

كل هذا... ينبينا عن القلم الأبوي لعلي الطنطاوي..

فما أجمل إشارته..

وما ألطف عبارته..

وما أروق شواهده..

ولا أحسبه إلا كتب بماء قلبه.. على صحائف الأحاسيس والمشاعر - رحمه الله -....

وأما ذكرياته فوجدت فيها خيراً كثيراً..

وإني من هذا المقام أوصي بمطالعتها وإقتنائها، فهي خلاصة فكر حكيم لفترة تأريخية مرت على الأمة.. نقلها الطنطاوي بقلمه، وقد سطر فيها حروف النظال، الجمال، والفكاهة، والأدب، ونقل شئياً من هموم الأمة، وحذر مما كان يخشى على الأمة، وأنذر، وهذا في كتاباته بين وواضح..

وقد ابرز شخصيات نحتت التاريخ في صخور، وأبرز دورها في نشر الإسلام وحذر بالمقابل من شخصيات وآراء، ومذاهب، وتجمعات كانت وبالاً على الأمة...

والمقصود أن الطنطاوي - رحمه الله - تميز في ذكرياته بالسرد العفوي وهذا يكسب المادة العلمية الشمولية، والموسوعية، إذا أنه رحمة الله مؤسوعياً وقلمه قلم بارع...

فقد رصد أحداثاً ومواقفاً كان لها التأثير في مجرى حياة الأمة، وهذا حق أسباب إكتساب ذكرياته هذه المكانة لدى، ولدي قرائه أجمع.. والطنطاوي بحر، وماذا أقول في البحر... وهو لا تكدره الدلاء....

\" رائعة \"

صدق من قال: لا تمدحن امرأً حتى تجربه

ولا تذمنه من غير تجريب

· يقول يعقوب صروف:

· العقل كالسيف، والتجربة كالمسف

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply