أبو الزناد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمه ولقبه: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان القرشي المدني، ويلقب بأبي الزناد وأبوه مولى رملة بنت شيبة زوجة الخليفة عثمان بن عفان، وقيل: مولى آل عثمان.

مولده: ولد في نحو سنة خمس وستين.

شيوخه: روى عن أنس بن مالك وأبي أمامة بن سهل وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وابن المسيب وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف والقاسم بن محمد بن أبي بكر والأعرج عبد الرحمن بن هرمز وهو مكثر عنه ثبت فيه والشعبي وغيرهم كثير.

 

الرواة عنه:

روى عنه ابنه عبد الرحمن وموسى بن عقبة وابن أبي مليكة وصالح بن كيسان وهشام بن عروة وابن عجلان وابن إسحاق ومالك والليث بن سعد وسفيان الثوري وابن عيينة وسعيد بن أبي هلال وخلق سواهم.

 

ثناء العلماء عليه:

قال أحمد بن حنبل: كان سفيان يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث.

قال أحمد: وهو فوق العلاء بن عبد الرحمن وفوق سهيل ومحمد بن عمرو، أبو الزناد أعلم من ربيعة.

قال ابن معين: ثقة حجة.

قال ابن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى بن سعيد وأبي الزناد وبكير الأشج.

قال ابن سعد: كان أبو الزناد ثقة كثير الحديث فصيحًا بصيرًا بالعربية عالمًا عاملاً.

قال العجلي: تابعي ثقة.

قال أبو حاتم الرازي: ثقة فقيه صالح الحديث صاحب سنة وهو مما تقوم به الحجة إذا روى عنه الثقات.

قال البخاري: أصح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

قال ابن عيينة: قلت للثوري: جالست أبا الزناد؟ قال: ما رأيت بالمدينة أميرًا غيره.

قال مصعب بن عبد الله: كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة وكان صاحب كتاب وحفظ.

قال ابن عدي: أبو الزناد كما قال يحيى بن معين ثقة حجة ولم أرد له حديثًا لأن كلها مستقيمة.

قال ابن حجر: ثقة فقيه.

قال الذهبي: الإمام الفقيه المفتي، وقال أيضًا: كان من علماء الإسلام ومن أئمة الاجتهاد.

 

من أحواله وأقواله:

قال عبد ربه بن سعيد: دخل أبو الزناد مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم - ومعه من الأتباع - يعني طلبة العلم - مثل ما مع السلطان فمن سائل عن فريضة ومن سائل عن الحساب ومن سائل عن الشعر ومن سائل عن الحديث ومن سائل عن معضلة.

قال الليث بن سعد: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاث مائة تابع من طالب فقه وشعر وصنوف ثم لم يلبث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة وكان ربيعة يقول: \"شبر من حظوة خير من باع من علم\".

قال الذهبي: غفر الله لربيعة، بل \"شبرٌ من جهل خيرٌ من باع من حظوة\". والسلامة في الخمول، نسأل الله المسامحة.

ذكر أبو يوسف عن أبي حنيفة قال: قدمت المدينة فأتيت أبا الزناد ورأيت ربيعة فإذا الناس على ربيعة وأبو الزناد أفقه الرجلين، فقلت له: أنت أفقه أهل بلدك والعمل على ربيعة؟ فقال: ويحك \"كف من حظ خيرٌ من جراب من علم\".

قال مصعب بن عبد الله: وكان أبو الزناد معاديًا لربيعة الرأي وكانا فقيهي البلد في زمانهما وكان الماجشون يعقوب بن أبي سلمة يعين ربيعة على أبي الزناد، وكان الماجشون أول من علّم الغناء من أهل المروءة بالمدينة.

قال أبو الزناد: مثلي ومثل الماجشون كمثل ذئب كان يلح على أهل قرية فيأكل صبيانهم ودواجنهم فاجتمعوا له فخرجوا في طلبه فهرب منهم فتقطعوا عنه إلا صاحب فخَّار..... فألح عليه، فوقف له الذئب وقال: هؤلاء عذرتهم أرأيتك أنت مالي ولك، والله ما كسرت لك فخارة قط، ثم قال: ما لي وللماجشون والله ما كسرت له كَبَرًا ولا بَربَطًا.

{الكبر: طبل له وجه واحد، والبربط: من ملاهي العجم}

قال محمد بن سلام الجمحي:

قيل لأبي الزناد: لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟ فقال: إنها إن أدنتي منها فقد صانتني عنها.

قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: هو كان سبب جلد ربيعة الرأي ثم ولي بعد ذلك المدينة التيمي، فأرسل إلى أبي الزناد فطين عليه بيتًا فشفع فيه ربيعة.

قال الذهبي: تؤول الشحناء بين القرناء إلى أعظم من هذا.

ولما رأى ربيعة أن أبا الزناد يهلك بسببه ما وسعه السكوت فأخرجوا أبا الزناد وقد عاين الموت وذبل ومال عنقه. نسأل الله السلامة.

وروى الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: أما أبو الزناد فليس بثقة ولا رضي.

قال الذهبي: انعقد الإجماع على أن أبا الزناد ثقة رضي.

وقيل: كان مالك لا يرضى أبا الزناد وهذا لم يصح وقد أكثر مالك عنه في \"موطئه\".

روى العقيلي بسنده عن ابن القاسم قال: سألت مالكًا عمن يحدث بالحديث الذي قالوا: \"إن الله خلق آدم على صورته\"، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا ونهى أن يتحدث به أحد، فقيل: إن ناسًا من أهل العلم يتحدثون به، قال: مَن هم؟ قيل: ابن عجلان عن أبي الزناد، فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالمًا ولم يزل أبو الزناد عاملاً لهؤلاء حتى مات.

قال الذهبي: الخبر لم ينفرد به ابن عجلان، بل ولا أبو الزناد، فقد رواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة، ورواه ابن لهيعة عن الأعرج وأبي يونس عن أبي هريرة، ورواه معمر عن همام عن أبي هريرة، وصح أيضًا من حديث ابن عمر، وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان: صح هذا عن رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم -، فهذا الصحيح، مخرّج في كتابي البخاري ومسلم فنؤمن به ونفوض، ونسلِّم ولا نخوض فيما لا يعنينا مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى.

قلت: حديث ابن عمر رواه الآجري في الشريعة واليبهقي في الأسماء والصفات وابن خزيمة في التوحيد وغيرهم بلفظ: \"لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن - عز وجل -\".

قال الآجري بعد روايته الحديث:

هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما قال من تقدم من أئمة المسلمين. اه.

قال عبد الوهاب الوراق: من لم يقل إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فهو جهمي.

وقد ذكر أبو يعلى في طبقات الحنابلة قال أحمد: من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي.

وقد قال شيخ الإسلام ابن يتيمة: لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير (يعني في قوله على صورته) عائدٌ إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث تدل على ذلك. اه.

قال الحافظ ابن حجر: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في السنة والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات وأخرجه ابن أبي عاصم أيضًا عن طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يردٌّ التأويل، قال: \"من قاتل فليجتنب الوجه، فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن\". فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، ونقل عن حرب الكرماني في كتاب السنة قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. اه.

وفاته: توفي أبو الزناد - رحمه الله - في رمضان سنة ثلاثين ومائة وقيل إحدى وثلاثين. والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply